من حلف بغير الله
معنى (من حلف بغير الله)
يعتبر الحلف بغير الله مضاهاة لغير الله بالله، والحلف بشيء غير الله تعالى يعتبر تعظيمًا له، وإنما العظمة في الحقيقة لله تعالى وحده،حيث يدخل في ذلك الحلف بحياة النبي-صلى الله عليه وسلم- أو إنسان أو بخلق أو صفة لإنسان كالشرف والأمانة وغيرها من الألفاظ التي قد يستخدمها الناس؛ و لا ينعقد اليمين بغير الله تعالى .
حكم الحلف بغير الله
بين العلماء أنه لايجوز الحلف بغير الله تعالى استنادًا لما ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم:(إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم؛ فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) وقال عليه الصلاة والسلام:(مَنْ حَلَفَ بغيرِ اللهِ فقد كَفَرَ وأَشْرَكَ)، فقد ذهب بعض العلماء على حمل الحديث الثاني على ظاهرة وقالوا بأن الحلف بغير الله سبب من أسباب الكفر، وقال بعضهم إن أراد التعظيم بالحلف فهو شرك، أما إن أرد به التأكيد كما جرى عند العرب فهو ليس بشرك.
ودليل ذلك في قصة الأعرابي عندما سأل النبي- عليه الصلاة والسلام- عن فرائض الإسلام بأخبره بعد أن عرفها( والله لا أزيد على هذا ولا أنقص) فأجابه النبي- صلى الله عليه وسلم-: (أَفْلَحَ وَأَبِيهِ، إنْ صَدَقَ)، فقد بين الحديث أن المراد باللفظ التأكيد، وقال بعض العلماء أن المراد من حديث( من حلف بغير الله) التغليظ على من حلف بغيره تعالى.
كفارة الحلف بغير الله
من حلف بغير الله تعالى فعليه أن يتوب إلى الله عن فعله، وبأتي بكملة التوحيد(لا إله إلا الله) ودليل ذلك ع نْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَلَفَ بِاللاَّتِ وَالعُزَّى، فقال له أصحابه : قَدْ قُلتَ هُجْراً. فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -فقال: إِنَّ العَهْدَ كَانَ حَدِيثاً، وَإِنِّي حَلَفْتُ بِاللاَّتِ وَالعُزَّى. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (قُل لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ ثَلاَثاً، وَاتْفُل عَنْ شِمَالِكَ ثَلاَثاً، وَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلاَ تَعُدْ).
أدلة تحريم الحلف بغير الله
تعددت الأدلة الشرعية على التحريم بالحلف بغير الله تعالى من أحاديث نبوية أو أقوال الصحابة وأقوال علماء الإسلام، كما سيتم ذكر بعض هذه الأدلة على النحو الآتي:
- ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ).
- صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا).
- صح عن عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-: (أَنَّ عُمَرَ لَمَّا كَانَ بِالْمِخْمَصِ مِنْ عُسْفَانَ اسْتَبَقَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عُمَرُ، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَانْتَهَزْتُ فَسَبَقْتُهُ، فَقُلْتُ: سَبَقْتُهُ وَالْكَعْبَةِ)، فقال عمر -رضي الله عنه-: (أَرَأَيْتَ حَلِفَكَ بِالْكَعْبَةِ، وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ فَكَّرْتَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَحْلِفَ لَعَاقَبْتُكَ، احْلِفْ بِاللَّهِ، فَأْثَمْ أَوِ ابْرَرْ).
- صح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال:(لأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ وَأنَا صَادِقٌ).
- قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي المالكي -رحمه الله-: (أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز الحلف بها لأحد).
- فقد قال الإمام ابن تيمية الحراني الدمشقي -رحمه الله-: (وقد اتفق العلماء على أنه لا ينعقد اليمين بغير الله، ولو حلف بالكعبة أو الملائكة أو بالأنبياء عليهم -الصلاة والسلام- لم تنعقد يمينه).