ملخص تفسير سورة الأنبياء
ملخّص تفسير سورة الأنبياء
تعريف عام بسورة الأنبياء
سورة الأنبياء سورة مكية بالاتفاق، ولعلّ سبب تسمية السورة بهذا الاسم: أنها ذكرت أسماء ستة عشر نبياً -مع التنويه بأنَّ الراجح في علوم القرآن أنَّ أوجه تسمية هذه السورة لا يوجبها-، وهي في ترتيب نزول السور في المرتبة الحادية والسبعين، نزلت بعد سورة السجدة وقبل سورة النحل، وبذلك ستكون مِن أواخر السور المكية التي نزلت قبل الهجرة.
الهدف الرئيس للسورة
الإعلام بأنَّ دعوة الأنبياء واحدة، وأنهم جميعاً رحمة للعالمين، وأول هذه السورة موافق لآخرها في وحدة موضوعية بديعة، فأولها تذكير بالبعث وتنبيه للغافلين عنه: (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ* مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ)، وآخرها: إعادة التذكير والبلاغ للغافلين اللاهين اللاعبين: (إِنَّ فِي هذا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ).
المحاور الأربعة لسورة الأنبياء
المتتبّع لسياق الآيات الكريمة التي اشتملت عليها سورة الأنبياء يجدها تمضي في أشواط أربعة، كما سيأتي بيانها:
- الشوط الأول
يبدأ بمطلع يهز القلوب هزاً قوياً، بحيث يلفت أصحابها إلى خطر قريب محدق، وهو الموت وما يتبعه من بعث ثم حساب، ثم يهز القلوب هزة أخرى بمشهد من مصارع الأمم السابقة، الذين كانوا غافلين، ثم يربط بين الحق والجد في الدعوة، والحق والجد في نظام الكون ووحدة مصدر الحياة ونهايتها.
- الشوط الثاني
يتناول علاقة الرسول الكريم بالكفار الذين يواجهونه بالسخرية والاستهزاء، رغم أنّ الأمر الذي يحذرهم منه جدٌّ وحق، ولكنهم رغم ذلك يستعجلون العذاب القريب منهم أصلاً، فيعرض لهم مشهداً من مشاهد القيامة، ويلفت الانتباه إلى ما أصاب المستهزئون بالرسل قبلهم.
- الشوط الثالث
يتضمن استعراض بعض من الرسل والنبيين، وفي هذا الشوط تنويه بوحدة الرسالة والعقيدة، وتظهر فيه رحمة الله بعباده الصالحين، في مقابل أخذه الأليم للمكذبين.
- الشوط الرابع
يعرض النهاية والمصير، في مشهد من مشاهد يوم القيامة التي تقشعر لها الأبدان، فتختم السورة بمثل ما بدأت به: الإيقاع القوي، والإنذار الصريح، وترك المكذبين المستهزئين ومصيرهم المحتوم.
الترابط بين آيات سورة الأنبياء
تتميز هذه السورة بترابط الآيات فيها، ترابطاً سهل التحليل والاكتشاف، مما يسوِّغ القول بأنَّ آياتها نزلت متتابعة،وفيما سيأتي بيان لذلك الترتيب المترابط:
- يحث مطلع السورة الناس على الاستعداد لموعد يوم الحساب بالإيمان والعمل الصالح، وترك الغفلة واللهو الإعراض المُكابر.
- ثم تحكي السورة بعد ذلك ألواناً من شبهات الغافلين حول الدعوة والداعية، وعلمتهم كيف يردون على شبهاتهم بما يبطلها.
- ثم تسوق السورة أدلة عقلية متعددة على الوحدانية لخالق الكون -سبحانه وتعالى-.
- وبعد ذلك تذكر ألواناً من النعم التي ينعم بها الرحمن على خلقه، رغم تصرفات المشركين السيئة مع الأنبياء وبخاصة مقابلة دعوتهم بالاستهزاء، وعرض نماذج لقصص بعض الأنبياء، وفي نهاية حديثها عنهم عقبت بالمقصود الأساسي من رسالتهم، وهو دعوة الناس جميعاً إلى إخلاص التوحيد.
- ثم تحدثت في أواخرها عن أشراط الساعة وعن أحوال الناس فيها، وختمت بالحديث عن سنة من سنن الله الكونية في نصرة الحق وأهله.