سورة هود هي إحدى سور القرآن الكريم وترتيبها 11 بحسب الترتيب العثماني، وتقع بعد سورة يونس وقبل سورة يوسف، وعدد آياتها 123 آية، وهي سورة مكيّة بالإجماع، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنها سورة مكيّة إلا آية واحدة، وهي قوله تعالى "
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذلِكَ ذِكرى لِلذّاكِرينَ"، وسُميّت سورة هود في المصاحف، وكتب التفسير، والسنّة بهذا الاسم بتوقيفٍ من النبي محمّد صلى الله عليه وسلّم، ولم يُعرف لها اسم غير ذلك، ووجه تسميتها بهذا الاسم يعود لتكرار اسم هود عليه السلام خمس مرات، وبسبب قصته مع قومه التي كان ذكرها أطول في هذه السورة من غيرها.
مقاصد سورة هود
إن المتتبع لآيات هذه السورة الكريمة والناظر في آياتها يجد أنها تحمل العديد من المقاصد، منها:
- القرآن الكريم سوَره وآياته كلها محكمة ومفصّلة، لا خلل فيها ولا باطل، ولا تناقض فيها ولا تضارب، ويتمثّل ذلك وفق ميزان دقيق فيضع كل شئ في مكانه الأنسب والأقوم.
- دعوة القرآن الصريحة تتجه بشكلٍ كامل إلى عبودية الله المنعم والمتفضّل على عباده، وإفراده بالعبادة والطاعة والمحبّة والخضوع المطلق.
- عناية الله بكل مخلوقاته، وقدرته عزّ وجلّ على بعث جميع الخلائق يوم القيامة للحساب والجزاء، وفي ذلك حثٌّ للمؤمن على دوام مراقبة الله تعالى منتظرًا منه الجزاء الأوفى.ذ
- اشتملت السورة على أصول العقيدة الإسلاميّة من التوحيد ، والبعث، والجزاء، والعمل الصالح، وإثبات نبوة محمّد صلى الله عليه وسلّم، وقصص الرسل.
- بينت السورة سنن الله تعالى بالأمم متمثّلة في قصص الرسل عليهم السلام، فالصلاح هو عماد المجتمع، كما أن انتشار الظلم والفساد فيه سبب هلاكه.
- ذكرت السورة صفات النفس وأخلاقها من الفضائل والرذائل، والتي منها تصل أعمال الإنسان الخيّرة أو الضارّة، وبيّنت فضائل الرسل والمؤمنين الذين يصبرون على الشدائد والمكاره، ويكونون عند السعة والرخاء من الشاكرين لأنعم الله، مقابل الكافرين الذين لا يصبرون عند المصيبة ولا يشكرون النعمة.
- بيان ما كان عليه المشركون من عناد في الحق ومكابرة، ودأبهم المستمر في عداوة المصلحين ورثة الأنبياء.
- الغالب على ضعفاء الناس اتباع الحق وما جاء به الرسل، والغالب على الأشرف والكبراء مخالفته والإعراض عنه لكِبرهم وعنادهم.
- الجدال في الدين لتقرير الأدلة وإزالة الشبهات أمر محمود، وهو حرفة الأنبياء والرسل عليهم السلام، والعلماء من بعدهم.
- أشارت قصة سيدنا نوح عليه السلام مع ابنه إلى مظهر من مظاهر رحمة الوالد بولده، كفطرة إنسانيّة وغريزة في النفس الإنسانيّة.
- بيان أن الرابطة الحقيقية بين المسلمين هي رابطة العقيدة وحدها، لا يعلوها أي رابطة أخرى، فالمسلم يرى في كل أهل الإسلام أهله من غير رابطة دم، وما دون ذلك دون.
- إن الصبر على تبيلغ الدعوة الإلهية وتحمّل إيذاء القوم، مفتاح الفرج وسبيل الظفر والنصر، إذ أكدت السورة فضل الصبر بذكره في ثلاثة مواضع، ما يدل على أهميّته في تأدية جميع الأعمال الفرديّة والجماعيّة في الشدّة والرخاء.
- بيان فضل عبادة الاستغفار، كونها نهج الأنبياء، وسبيل لنيل رضا ومحبّة الله عزل وجلّ، ومفتاح للرزق والفرج والنعمة بمجملها.
- من أصول الإيمان حسن التوّكل على الله الخالق القاهر المتصرّف بالمخلوقات كيف يشاء، وحسن التوّكل على الله عزل وجلّ هو الذي يمنع من وصول الضرر إلى كل عبد صادق مخلص في توكله.
- للنجاة طريق واحد لا يتعدد ولا ينحرف، طريق مستقيم يصل إلى رب العالمين عن طريق التقوى والخشية والإنابة له عزّ وجل.
- بيان حقيقة أن القصص القرآني الوارد في القرآن عامةً وفي سورة هود بشكلٍ خاص غرضه تثبيت قلب الرسول صلى الله عليه وسلّم، وبالتالي تثبيت قلوب من ساروا على هديه ونهجه.
- إثبات جوهريّة الإيمان باليوم الآخر، وكل ما يتضمنّه هذا اليوم من علامات صغرى وكبرى، و"إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِمَن خافَ عَذابَ الآخِرَةِ ذلِكَ يَومٌ مَجموعٌ لَهُ النّاسُ وَذلِكَ يَومٌ مَشهودٌ"
محور سورة هود
عرضت سورة هود عددا من القصص القرآني تسلية وتسرية عن قلب الرسول صلى الله عليه وسلم، واشتملت مواضيع عدة، وهي:
موضوع سورة هود يشترك مع غيره من موضوعات السور المكيّة من حيث المضمون، فقد اشتملت على أمور العقيدة، والايمان الوحي، وتوحيد الله عزوجل وإفراده بالعبادة، وتطرقت إلى البعث، والثواب والعقاب، كما ذكرت إعجاز القرآن وإحكام آياته، ومحاججة المشركين في ذلك وتحديهم بلغتهم، وذكر قصص بعض الأنبياء مع أقوامهم لتسلية الرسول وتثبيت قلبه، واختتمت الآية كما باقي السور المكية بوصف الإسلام والقرآن والنبي محمّد، والدعوة إلى الإيمان بما جاء به.