مفهوم القرض الحسن ومشروعيته
مفهوم القرض الحسن ومشروعيته
مفهوم القرض الحسن
القرض هو ما يعطيه المُقرض من المال إرفاقاً بالمقترض ليرد إليه مثله وذلك دون اشتراط زيادة، قال الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته في تعريفه: "إعطاء شخص مالاً لآخر في نظير عوض يثبت له في ذمته، مماثل للمال المأخوذ بقصد نفع المعطى له فقط".
ويطلق لفظ القرض الحسن كما جاء في القرآن الكريم على المال الذي ينفق على المحتاجين، طلباً للأجر والثواب من الله عز وجل، وذلك يمثل أحد أبواب التكافل الاجتماعي التي شرعها الإسلام وحث المسلمين عليها، وهذا القرض على عكس القرض الربوي الذي يتضمن زيادة محددة تسمى الربا.
فالقرض الحسن هو من فضائل الأعمال التي يتقرب بها العبد المسلم إلى ربه جل وعلا، حيث إن باذله يبتغي به وجه الله تعالى ورضاه، فيكون عن طيب نفس منه، لا فيه منةً ولا أذى، ويكون المال حلالاً طيباً، فالله تعالى طيبٌ لا يقبل إلا طيباً، قال الله تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
مشروعية القرض الحسن
ذهب أهل العلم إلى مشروعية القروض الحسنة وجوازها، لِما لها من أهمية عظيمة في المجتمع، إذ تعود بالخير والنفع على الأفراد وسدّ حاجاتهم، والرفق بالناس والرحمة بهم، وتيسير أمورهم وتفريج كربهم.
ومن أدلة مشروعية القرض الحسن، ما جاء في القرآن الكريم، الآية من سورة البقرة التي ذُكرت فيما سبق: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، وقوله تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)، فقد سمى الله تعالى الإنفاق في سبيله قرضًا حسنًا؛ حثًا للنفوس وبعثًا لها على البذل.
ومن السنة النبوية قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسلِمٍ يُقرِضُ مسلمًا قرضًا مرَّتينِ إلَّا كانَ كصدقتِها مرَّةً)، وما جاء في الحديث الصحيح: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِن رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عليه إبِلٌ مِن إبِلِ الصَّدَقَةِ، فأمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا، فَقالَ: أَعْطِهِ إيَّاهُ، إنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً)، ففي هذه الأحاديث دلالة واضحة على فضل القرض والصبر على المقترض.
وأما الإجماع، فقد أجمعت الأمة الإسلامية على جواز القرض الحسن والندب إليه، جاء عن ابن قدامة رحمه الله تعالى في كتابه المغني: "والقرض مندوب إليه في حق المقرض مباح للمقترض لما روينا من الأحاديث... وقال أبو الدرداء: لأن أقرض دينارين ثم يردان ثم أقرضهما أحب إلي من أن أتصدق بهما. ولأن فيه تفريجاً عن أخيه المسلم فكان مندوباً إليه كالصدقة عليه وليس بواجب".