مفهوم القبول من الله
مفهوم القبول من الله
قد يكون القبول من الله -عزّ وجلّ- عن عبده الصالح، وقد يكون بين العباد فيما بينهم، ويأتي القبول من الله -عزّ وجلّ- في معنين، كلاهما عظيمٌ ويرجوه العبد، وهما:
- المعنى الأول: القبول بمعنى الصفح والستر والمغفرة، يكون ذلك حين يتوب العبد؛ فإنّ الله يقبل منه هذه التوبة ، قال -تعالى-: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَل التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ).
- المعنى الثاني: ويأتي هذا بمعنى الثواب من الله -عزّ وجلّ- للعبد الصالح حين يفعل العمل الصالح المستوفي لشروطه وأركانه الصحيحة.
شروط القبول من الله
إنّ العمل الصالح لا يُقبل عند الله -تعالى- إلّا إذا توّفر فيه شرطان مجتمعان، ولا يكفي أحدهما دون الآخر؛ فقد قال -تعالى-: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)، وهما:
- الإخلاص: فإن العمل إن كان المقصد منه السمعة والمراءاة، فإن هذا يبطل العمل كاملاً من أساسه، فإن الرياء من الأعمال السيئة التي تُحبط عمل صاحبها وتجعله في أبعد مستويات القبول من الله، فعلى العبد أن يجعل مقصده في كل عمل هو الجزاء والثواب والقبول من الله.
- المتابعة: ويقصد بهذا الشرط أن يكون العمل على طريقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه السلف الصالح، فلا يكون مبتدعاً فيه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عائشة -رضي الله عنه-:(مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ منه فَهو رَدٌّ)، والمقصد من الحديث؛ أن العمل يُرد ولا يُقبل عند الله إذا فقد شرط المتابعة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الأشخاص المقبولة أعمالهم
يجتمع عددٌ كبيرٌ من الناس في قيامهم بأعمال البر والتقوى والعبادات، مثل الصيام والقيام والصلاة والإكثار من النوافل؛ كقيام الليل والسنن، لكنّ الله -عزّ وجلّ- يتقبّل من بعضهم ولا يتقبّل من بعضهم الآخر، فقد قال -تعالى-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
وإنّ التقوى هي كلمة سرّ القبول، فقد كان السلف الصالح يجتهدون ويبذلون كلّ ما في وسعهم لتقبل أعمالهم؛ فكانوا يُتمّونها على أحسن وجهٍ، ثمّ بعدها يخشون ألّا تقبل منهم هذه الأعمال، قال الله -تعالى- عنهم: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ).
وقد كان فضالة بن عبيد -رحمه الله- يقول: "لأن أكون أعلم أنّ الله قد تقبل مني مثقال حبَّةٍ من خردلٍ، أحبّ إليَّ من الدنيا وما فيها"، وكانوا في نهاية رمضان يقولون من المقبول فنهنيه؟ ومن المحروم فنعزيه؟
علامة القبول عند الله
إنّ علامة حبّ الله لعبده أن يُحبّه ويُحبّب خلقه به؛ فيضع له القبول في الأرض، فقد جاء في الحديث: (إِذَا أحَبَّ اللَّهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحْبِبْهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ).