مفهوم العفة في الإسلام
مفهوم العفة في الإسلام
العفة خُلُقٌ إسلاميّ رفيع يشمل جانبين؛ الجانب المادي: وهو الكفَّ عن السؤال حفاظاً على ماء الوجه، والاستغناء عمّا في أيدي الناس، قال -تعالى-: (وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ).
وكذلك الابتعاد عن الملذّات، والاكتفاء بما يسدّ حاجة الجسد بالحلال، والجانب المعنوي: يعني الكفَّ عن الحرام بأنواعه، وضبط النفس عن الشهوات والانحرافات، وطهارتها وتزكيتها من أهوائها وتمسّكها بالفضائل والمحاسن.
أنواع العفّة
العفة لها نوعان؛ عفة عن المحارم، وعفة عن المآثم والمعاصي، ويندرج تحت هذين النوعين الكثير من التفاصيل والأمور، وسنذكر بعضها فيما يأتي:
- عفّة الطعام والشراب: تتمثل في الامتناع عن إدخال أي شيء مصدره حرام إلى الجوف؛ امتثالاً لأمر الله تعالى وطلباً لرضاه وتجنّباً للعقاب.
- عفّة الجوارح: أي امتناع العين والأذن واليد والرجل والفرج عن التعرّض للمحرمات، وهذه تحتاج إلى مغالبة الشهوات وكبح جماح النفس ليتمكّن صاحبها من ضبط جوارحه وعدم استخدامها إلا في الحلال.
- عفّة اللسان: كفُّه عن السبّ والشتيمة والغَيبة والنميمة والبهتان والاستهزاء والتنابز بالألقاب وغير ذلك من الكلام المحرّم. فلا يستخدم المؤمن العفيف لسانه إلا في ذكر الله والكلام الطيّب.
- عفّة الجسد: ستره وعدم إظهار عورته، وذلك للرجل والمرأة على حدٍّ سواء، وكلٌّ منهما له عورته التي حدّدها الشارع الكريم ويجب الالتزام بسترها.
- العفّة عن السؤال: والكفّ عن طلب المعونة والمال من الناس، والاعتقاد بأنّ الله تعالى سيغنيه من فضله؛ لأنّ من يستعفف يُعِفَّه الله. وإن كانت هذه العفّة مطلوبة من المحتاج، فهي لغير المحتاج من باب أَولى.
- العفّة عن أموال الغير: الحرص على عدم أخذ أموال الناس بغير الحقّ، والتعفّف عن مال اليتيم لمن يرعاه، إلا إن كان فقيراً وبحاجة، فله أن يأخذ حاجته فقط.
عوامل اكتساب العفّة
إن عوامل اكتساب العفة كثيرة ومتنوعة، وسنذكر بعضاً منها فيما يأتي:
- طلب العلم الشرعي والتعرّف على الله -عزّ وجل-: وصولاً إلى درجة عالية من الإيمان الذي يكون سبباً في كبح النفس عن شهواتها.
- التضرّع إلى الله -تعالى- بالدعاء وكثرة مناجاته بصدق وخضوع، والانكسار بين يديه وطلب الحفظ عمّا يؤدي إلى الحرام أو الزلاّت.
- مجاهدة النفس وتربيتها على الصبر، وتذكيرها بثواب الصبر.
- مراقبة الله -تعالى- واستشعار وجوده واطّلاعه على كل ما نقول ونفعل.
- الصوم: فهو سبيل إلى طهرة النفس وتزكيتها وضبط شهواتها.
- الإكثار من النوافل: التي تقرّب العبد من ربّه وتكسبه محبّته، وبالتالي تعينه على العفّة.
- تربية الأبناء التربية الصحيحة القائمة على الأسس والمبادئ الشرعية.
- الزواج؛ فهو باب واسع لعفّة الجوارح وصرف الشهوات في المجال المباح لها.
- غضّ البصر؛ ففيه إبعاد للنفس عن التعرّض للشهوات والمغريات، وبالتالي حماية الفرج وعفّته عن الحرام.
- الابتعاد عن أصدقاء السوء؛ لأنّهم سبب في تثبيط الهمّة والركون إلى اللهو والعبث والتعرّض للمغريات.