مفهوم العزة في الإسلام
مفهوم العزّة في الإسلام
العزّة خُلقٌ عظيمٌ في الإسلام ومفهوم عميق يبدأ بالتحرّر من العبوديّة لغير الله إلى الإيمان بالله وحده، والسير على هدي نبيّه -صلى الله عليه وسلم-، والتمسّك بالعقيدة الصحيحة بعيدًا عن إشباع الرغبات وهوى الأنفس والمذلّة والمهانة للمخلوقات، جاعلًا تلك العزة لله تعالى- ولنبيه -عليه الصلاة والسلام- فقط.
يقول الفاروق عمر -رضي الله عنه-: (نحنُ قوم أعزَّنا الله بالإسلام ومتى ابتغينا غير الإسلام دينًا أذلنا الله)، فالمسلم عزيزٌ بدينه وبنصرة دينه، يذودُ عنه بالمال والنفس ولو كلَّفه الأمر التضحية بحياته، فالإسلام دينٌ يعلمنا أنّ العزة لا تُقاس بلباسٍ ولا بمالٍ ولا بجاهٍ أو منصبٍ ولا بحسبٍ أو نسبٍ، بل يُعلمنا أنَّ العزَّة فيمن تعلّق بالله العزيز وحده، آخذًا من الله النصر والقوة والعون على الشيطان والأعداء وعلى مصائب الدُّنيا.
مصدر العزّة في الإسلام
إنّ العزة الحقيقيّة مصدرها واحدٌ فقط؛ وهو الله -تبارك وتعالى-، فهو يعزُّ من يشاء ويذلُّ من يشاء، يقول -تعالى-: ( قُ لِ اللَّـهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .
فالله -سبحانه وتعالى- هو المعزُّ الوحيد لمن يشاء إعزازه من عباده، بما يهيئ له من الأسباب الموجبة للعزّة؛ كالشجاعة والقوة، ونصرة الحقّ، وكثرة الأعوان، ونفاذ الكلمة، والسلطان وغير ذلك من الصفات التي تجعله عزيزًا، وهذا ما دلَّ عليه قوله -تعالى-: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا).
موقف من العزة
ها هو ربعيّ بن عامرٍ -رضي الله عنه- ذلك الجندي العزيز، الذي يرسله سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- في معركة كانت حامية الوطيس، إلى رستم قائد جيش الفرس، ويدخل ربعيّ بثيابه القديمة الممزَّقة المتواضعة على رستم؛ ليقول له رستم: من أنتم؟ فيقول: ربعي -بكلِّ فخرٍ واعتزازٍ- نحن قومٌ ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن جَوْرِ الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، فمن قبل منا قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن حال بيننا وبين دعوة الناس لدين الله قاتلناه حتّى نفضي إلى موعود الله.
قال رستم: وما موعود الله؟ قال ربعيّ: الجنّة لمن مات منا، والنصر لمن بقي من إخواننا، فانظر إلى مدى الاعتزاز و الثقة في النفس وقوة الخطاب، ذلك مصدره كُلُّه من ربٍّ عزيزٍ، جعل من أضعف الناس أقواهم نفسًا وألسنهم قولًا بعدما كانوا عبيدًا لأصنامٍ وأرقَّاء للمخلوقين.