مفهوم الدولة العميقة
مفهوم الدولة العميقة
الدولة العميقة هي عبارة تنظيم يتكون من مجموعة من الأشخاص غير المنتخبين الذين ينتمون إلى تنظيم غير رسمي له مصالحه الواسعة وامتداداته في الداخل والخارج، وفيما يتعلق بنقطة القوة في هذا التنظيم فهي أنّ عناصره لها وجود في مختلف مؤسسات الدولة المدنية، والعسكرية، والسياسية، والإعلامية، والأمنية، وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا التوسّع والانتشار في مناحي الدولة يُوفّر للدولة العميقة فرصة توجيه أنشطة مؤسسات الدولة الرسمية والتأثير في القرار السياسي لها.
تاريخ ونشأة الدولة العميقة
استخدم مصطلح الدولة العميقة في بعض الدول للإشارة إلى الظروف السياسية فيها خلال فترة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وخاصة في تركيا وروسيا، فخلال فترة الخمسينيات من القرن الماضي عمل أحد الأشخاص في تركيا على تطبيق مفهوم الدولة العميقة من خلال تشكيل تحالف مناهض للديمقراطية؛ وذلك للتخلص من الشيوعيين في الدولة التركية التي أسسها مصطفى أتاتورك بعد الحرب العالمية الأولى، وقد كانت آثار ذلك سلبية على جميع الأصعدة.
وقد توسع هذا المفهوم، بحيث انتشر في العديد من الدول، فظهرت عدة تحالفات تسعى لتوسيع الدول العميقة وإحكام السيطرة على القطاعات المختلفة، من خلال غرس أفكارها في المجتمعات والامتداد عبر القطاعات الحكومية ومنها إلى القطاعات الخاصة.
سمات الدولة العميقة
فيما يأتي أبرز السمات الرئيسية التي تتميز بها الدولة العميقة:
الغموض والسرية
حيث أنّ الدولة العميقة غير موجودة بشكل علني كالدول المتواجدة بشكل رسمي، إلّا أن الشيء الذي يدل على وجودها رغم سريتها وغموضها هو الآثار الناجمة عن أعمالها.
الحرص على حماية وتحقيق مصالحها الخاصة
على الرغم من أنّ مصالحها قد تتعارض مع المصلحة العامة؛ إلّا أنّها تحرص على حمايتها وتحقيقها دائمًا.
كيان غير قانوني
حيث أنّ الدولة العميقة تمارس نشاطاتها بشكل خارج عن القانون دون أن تتعرض للمحاكمة أو المساءلة القانونية، إذ إنها تمتلك كياناً قوياً جدًا يُمكنها من الدفاع عن نفسها، ومن أبرز أعمالها التي تقوم بها بشكل خارج نطاق القانون: عمليات التزوير، والفساد، والاغتيالات التي تطال الشخصيات المُعارضة لسياساتها.
الاعتماد على نظام تشابك المصالح
حيث أنّّ الدولة العميقة تعتمد بشكل أساسي لاستمراريتها على التحالف والتشابك بينها وبين أفرادها وذلك لتحقيق مصالحها الذاتية، وهذا يعني أنّ مسؤولية حماية كيان الدولة العميقة هي مسؤولية جماعية بين أفرادها، وللتأكيد على هذه النقطة فإنّه يتم تدعيم العلاقات بين أعضاء الكيان بعلاقات زواج ومصاهرة.
الحرص على تشكيل تحالفات واسعة النطاق
حيث أنّ التحالفات لا تقتصر على المؤسسات الرسمية للدولة فحسب، إذ تشتمل على عناصر أهلية وغير رسمية بشكل عام، حيث تكوّن تحالفاتها بين الأشخاص الفاسدين من عناصر الشرطة، والقوات المسلحة، والإعلام، والقضاء، ومع ذلك كله فهي ترتكز وتبسط نفوذها في المؤسسات الرسمية بشكل أساسي.
استمرارية عمق التحالفات وصلابتها لفترة زمنية طويلة
حيث أنّ كل ما يتم من إجراءات لتحقيق الديمقراطية يكون شكلياً؛ وذلك بسبب وجود الدولة العميقة التي تفشت في كافة أرجاء الدولة وأحكمت قبضتها جيداً على كل مؤسساتها لفترة طويلة من الزمن بشكل جعلها تنجح في إفشال التغيير.