مفهوم الحضارة الإسلامية ومصادرها
معنى الحضارة الإسلامية ومصادرها
معنى الحضارة الإسلامية
تعد الحضارة الإسلامية من أقوى الحضارات وأبرزها، فهي قائمة إلى يوم القيامة، وقائمة على أساس إكرام الإنسان والنهوض به وتحقيق رقيّه، فقد انطلقت من مدينة الرسول الكريم، وتركت أثراً واضحاً في حياة البشرية، وقد عرّف العديد من العلماء القدامى والمفكرين المعاصرين الحضارة الإسلامية بعدّة تعريفات، نبيّنها فيما يأتي:
- أولا: الحضارة لغة
الحضارة من حَضَرَ، وهو ضدّ الغياب، وقد جُعلت في مقابل البداوة، فالحاضرة تعني المدينة، وسمّيت بذلك لأنّ أهلها حضروا المسكان والأمصار واستقرّوا فيها.
- ثانياً: الحضارة الإسلامية في اصطلاح العلماء والمفكّرين، وفيما يأتي بيان ذلك:
- تعريف ابن خلدون: "أحوال عادية زائدة على الضروري من أحوال العمران زيادة تتفاوت بتفاوت الرفه وتفاوت الأمم".
- تعريف آخر لابن خلدون: "الحضارة إنما هي تفنن في الترف، وأحكام الصنائع المستعملة في وجوهه، ومذاهبه من المطابخ والملابس والمباني والفرش وسائر عوائد المنزل وأحواله".
- تعريف مالك بن نبي: قال إن الحضارة تتركّب من ثلاثة عناصر أساسية هي: "إنسان تراب وقت".
- تعريف رولان موسنييه: "الحضارة مجموعة من الخطط والنظم الجديرة بإشاعة النظام والسلام والسعادة، وبتطوير البشرية الفكري والأدبي".
- تعريف و.ل.ديورانت: "الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وإنما تتألف الحضارة من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، ومتابعة العلوم والفنون".
ونستنتج من هذه التعريفات أنّ بعض العلماء قد عرّفها من الجانب المادي للإنسان والحياة، والآخر ركّز في تعريفه على الجانب المعنوي الروحي، ومنهم من جمع بين الجانبين، فيُمكن القول إن الحضارة الإسلامية هي: كل إنتاج مادي وروحي نُسب للشعوب التي دخلت في الإسلام، ونهضت بالإنسان روحيا ومادياً، وديناً ودنيا، ونشرت نمط حياتها بين الناس بتوازن واتّساق عظيم.
مصادر الحضارة الإسلامية
انفردت الحضارة الإسلامية وتميّزت عن باقي الحضارات بمصادرها العظيمة؛ خاصة القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، فقد استمدّت الحضارة الإسلامية عناصر وجودها ومقوّماتها وأسباب بقائها وازدهارها من الإسلام ذاته، فكان الإسلام ولا زال دين الحضارة والإنسانية، وفيما يأتي بيان مصادرها الثلاثة:
- المصدر الأول: المصدر الديني الذي انفردت به بين الحضارات
وهذا المصدر هو الذي يقوم على الاستنباط من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، حيث يستند عليها كل من الاعتقاد والسلوك الفردي والمجتمعي، وقد تميّزت به بين الأمم لأنّ الوحي الذي أوحاه الله لرسوله كامل شامل محفوظ.
والقرآن الكريم باقٍ إلى قيام الساعة، بمعنى أنّه المصدر القوي الدائم كلما ظهرت الحاجة، وكذلك السنة النبوية التي بيّن فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- ما جاء في القرآن، وكانت أقواله وأفعاله بمثابة التطبيق العملي لذلك، وهو القدوة للمسلمين وخير مرشدٍ لكل من بعده.
- المصدر الثاني: وهو المصدر النقلي عن الحضارات والأمم السابقة
تحدّثنا في المصدر الأول عن منشأ الاعتقاد والسلوك، أما ما يخصّ المجال المادي والإداري التنظيمي فقد اقتبس المسلمون منه ما وجدوه ملائماً ومناسباً من الحضارات والأمم السابقة.
- المصدر الثالث: وهو الابتكاري الفكري والتجريبي
لم يكتفِ المسلمون من أخذ الأفكار الملائمة من الأمم السابقة، وإنّما ابتكروا وأضافوا وطوّروا عليها وعلى الأساليب والنّظم الحياتية، وكلّ ذلك مع التعليل، والتفسير، والسبر، والقياس، والاستقراء.