مفهوم الحرية وحدودها
مفهوم الحرية
الحرية مصطلحٌ موجودٌ مع وجود الإنسان وترتبط به، فهي جزءٌ من كيانه منذ القِدَم، وبالمعنى العام الحرية تعني امتلاك الشخص لإرادته وقدرته على اتخاذ القرارات دون تأثيرٍ جبريٍّ أو طوعيٍّ من طرفٍ آخر.
على مرّ العصور التاريخية ارتبطت الحرية بكرامة الشخص أو الجماعة، فكلّ جماعةٍ أو عرقٍ بشريّ تعرّض للعبودية ناضل وحارب من أجل الخلاص من الاستعباد والحصول على الحرية، فكانت الجماعات البشرية قديماً تمارس الرقّ والعبودية بسبب الفقر والجهل، وقد تعرّضت طبقة العبيد إلى الكثير من الظلم في شتى بقاع الأرض.وقد نهى الإسلام عن ممارسة الرقّ ودعا إلى حصول الإنسان على حريته، ولا فرق بين الأجناس البشرية، وخير دليلٍ على ذلك المقولة المشهورة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً).
أشكال الحرية
هناك عدة من أشكال الحرية ومنها ما يلي:
- حرية التعبير: أي أن يكون الشخص قادراً على التعبير عن أفكاره ومناقشتها مع الآخرين، فعند امتلاك الشخص (أو الجماعة) لحريته في التعبير عن حاجاته يكون قد امتلك كرامته، ويصبح قادراً على العيش بسلامٍ مع نفسه ومع الآخرين.
- حرية العبادة والمعتقدات الدينية: لقد تعرّضت بعض شعوب الأرض إلى الاضطهاد بسبب معتقداتهم الدينية، وأكثر ما أصاب هذا الظلم الأنبياء والمرسلين، فهذا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تعرّض لمختلف أنواع الأذى من قومه عندما نادى بوحدانية الله، وأُجبرَ على ترك موطنه مكة والهجرة إلى المدينة المنورة.
- حرية المسكن والحركة: أي امتلاك الشخص لكامل إرادته في التنقّل من مكانٍ إلى آخر، والإقامة أو السكن في المكان الذي يناسبه دون إكراه.
- حرية العمل: ويعني أن يكون الشخص قادراً على ممارسة العمل الذي يريده دون إجبارٍ من أحد.
حدود الحرية
لا يوجد حريةٌ مطلقةٌ للإنسان فحريته مقيدةً بضوابط دينيةٍ وأخلاقيةٍ تتلاءم وطبيعة المجتمع الذي يعيش به، فبالقدر الذي يحترم به الشخص حريات الآخرين سيمارس حريته بمسؤوليةٍ ومعرفةٍ، فكلّ شخص تربطه مصالح مع مجتمعه ولأجل المحافظة على مصالحه يجب المحافظة على مصالح الآخرين وكما قال الفلاسفة القدماء: (تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين).
يعيش الإنسان في هذا العصر ضمن نطاقٍ واسعٍ من الحريات التي لم تكن موجودةً في السابق، وذلك بسبب سعة الاطّلاع والمعرفة بحياة الشعوب الأخرى، كلّ ذلك حصل بسبب انتشار وسائل الاتصال التي ألغت المسافات بين الشعوب وأزالت الحواجز، حتّى أنّها استطاعت إلغاء الخصوصية للجماعة والفرد، فقد أصبح العالم عبارةً عن قريةٍ صغيرةٍ، وهذا أدّى إلى حدوث صراعاتٍ بين الكيانات الاجتماعيّة بسبب الفوارق الطبقيّة والمعرفيّة.