مفهوم التواصل في الإسلام
التواصل في الإسلام
حث الإسلام على التواصل، والذي يعني في مدلوله: التفاعل الإيجابي بين طرفين، أو مجموعة أطراف باستعمال الحواس الخاصّة بالتواصل، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو على مستوى المجتمعات والدول.
وذلك بتوجيه الأخلاق الإسلامية للإحسان في العلاقات الاجتماعيّة، على مختلف الأصعدة لتحقيق معاني التواصل، يقول -تبارك وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، ففي هذه الآية الكريمة تذكير للناس بوحدة أصلهم؛ والذي يسهل عليهم التعارف والتواصل.
مبادئ التواصل في الإسلام
إن التواصل في الإسلام يقوم على مبادئ وأسس عظيمة، انطلقت منها التشريعات الإسلامية في تنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس، ومن هذه المبادئ ما يأتي:
- صلة الرحم
وهذا مبدأ عظيم وهام للتواصل بين الأقارب، والذي يمكن أن يكون بأساليب عدة؛ كالاطمئنان عليهم وزيارتهم -التواصل المباشر-، أو بمهاتفتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، أو بمساعدتهم وتقديم يد العون لهم.
- الحث على تبادل الزيارات
وذلك من خلال بيان فضل التزاور في الله؛ فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك: (أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فأرْصَدَ اللَّهُ له علَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عليه، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ).
- الحث على زيارة المريض
والدعاء له بالشفاء، والسؤال عن حاله والتنفيس عنه، حيث جعل الإسلام عيادة المريض حقاً من حقوق المسلم على أخيه المسلم؛ فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (حَقُّ المُسْلِمِ علَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وعِيَادَةُ المَرِيضِ، واتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وإجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وتَشْمِيتُ العَاطِسِ).
- التحذير من الهجران والقطيعة بين المسلمين.
- الحث على حسن الجوار
وفي ذلك مظهر إيجابي لحسن التواصل السلوكي بين الجيران؛ فقد حث الإسلام على حق الجوار حتى لو كان الجار غير مسلم، حيث قال -صلى الله عليه وسلم-: (واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ. قيلَ: ومَن يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: الذي لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوايِقَهُ).
- الحث على فض النزاعات بين المسلمين
وتفصيل خطوات الصلح بينهم في كتاب الله؛ وذلك في قوله -تعالى-: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)؛ فالآية تحرص على تماسك المجتمع المسلم، وتواصله مع بعضه البعض، كما تدعو إلى كل يوحد الصفوف، وينبذ الخلافات والتفرقة.
- الحث على تبادل الهدايا
فالهديَّة وسيلة عظيمة في التواصل؛ لقوله -صلى الله عليه وسلّم-: (تهادوا تزدادوا خيرًا، وقال أبو بكرٍ حبًّا).
- الزيارات المشروعة للموتى في قبورهم
فقد شرع الإسلام زيارة القبور، وردُّ السلام على أهلها؛ لما في ذلك من أثر عظيم للحي والميت على حدّ سواء.
- التواصل بين المسلمين وغيرهم في الدولة الإسلامية
فقد ضمن الإسلام حقوقاً متعددة لأهل الذمَّة مثلاً، وحذر من الاعتداء عليهم.
آثار التواصل في الإسلام
إنّ للتواصل الإيجابي في المجتمع المسلم، سواء كان ذلك داخلياً أو خارجياً، آثار عظيمة تطال الفرد والمجتمع على حد سواء، منها:
- كسب محبَّة الله ورضوانه.
- تحقيق الفرد لمصالحه الخاصّة؛ من خلال التواصل الإيجابي مع النَّاس.
- تماسك المجتمع وترابطه.
- انتشار المحبّة بين أبنائه.
- الإسهام في نشر الإسلام
من خلال معرفة النّاس لخلق المسلمين في تواصلهم الإيجابي مع غيرهم.
- التخفيف والمواساة
بين المسلمين بعضهم ببعض في أحوال معيّنة، ورفع معنوياتهم، والشدُّ من أزرهم؛ وذلك يتجلى في زيارات التعزيّة، والمرضى، وأهل الابتلاءات.