مفهوم البيئة التنظيمية
البيئة التنظيمية
تُعرَّف البيئة التنظيمية (بالإنجليزية: Organizational environment) على أنّها كلُّ ما يُحيطُ بالمنظمة من مؤسساتٍ وقوى تُؤثر بشكلٍ مباشر على أدائها، والعمليات التي تُجريها، بالإضافة إلى الموارد الخاصة بها، ويُمكن ملاحظة مدى التأثير من خلال متابعة مدى التغيير في أداء المنظمة وتبعاته؛ تبعاً للقوى والمؤسسات المحيطة بها، وتختلف المنظمات من حيث بيئة النشاط فيها.
إنّ بعض المنظمات تُواجه بيئةً ثابتةً مع تغييرات بسيطة في القوى المحيطة، بينما تُسيطر على البعض الآخر بيئةٌ ديناميكية نشطة، وقد تُؤثر بيئة النشاط أيضاً على وجود المنافسين الجدد، وتجدر الإشارة إلى أنّ البيئة التنظيمية تضمُّ جميع العناصر التي تقع خارج حدود المنظمة، وقد تُؤثر هذه العناصر على المنظمة ككل أو على جزءٍ منها.
من الأمثلة على هذه العناصر: الهيئات التنظيمية الحكومية، والمنافسين، والعملاء، والموردين، وضغوطات الجمهور، كما تنقسم البيئة التنظيمية إلى قسمين: البيئة التنظيمية الداخلية، والبيئة التنظيمية الخارجية، وعليه فإنّه يتحتم على المدراء فهم بيئة المنظمة بشكلٍ جيد لإدارتها بشكلٍ فعال.
خصائص البيئة التنظيمية
تتلخص خصائص البيئة التنظيمية فيما يأتي:
- تحديد البيئة التنظيمية بإطار معين
يُقصد به أنّ كل ما يقع داخل حدود المنظّمة وخارجها يقع ضمن إطار دراسة بيئة منظّمة.
- خضوع البيئة التنظيمية لآثار البيئة
لا يُمكن لأيّة منظّمة أن تعيش بمعزل عن البيئة؛ لأنّها تخضع لمؤثراتها وتتفاعل معها، وتُساعد في تحديد مستويات الأداء والنمو، وتترك بعض الآثار السلبية عليها.
- التفرد والتميز
إنّ بيئة عمل كل تنظيم تختلف عن بيئة عمل التنظيمات الأخرى على الرغم من اشتراكهما معًا في العديد من الخصائص، إلا أنّ مقدار تأثر كل تنظيم يختلف عن الآخر.
- فعالية آثار البيئة
إذ يختلف تحليل عوامل البيئة التي تُؤثر عليها، فنجاح التنظيمات يعتمد كلياً على قدرة التنظيم على التحليل العميق للبيئة سواء أكانت البيئة داخليةً أم خارجيةً، من أجل تحديد العوامل ذات الفعل المؤثر الأقوى على نشاطها.
- القدرة على التحكم بمتغيرات البيئة
فالتغيرات التي يعيشها التنظيم يصعب التحكم بها؛ لأنّها ليست تغيرات فيزيائية مثل: درجة الحرارة أو الجاذبية أو التفاعلات الكميائية التي يُمكن أن تُسيطر عليها وتُوجهها، إنّما يحكم بيئة عمل التنظيم المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، التي يصعب السيطرة عليها تمامًا رغم إمكانية التنبؤ ببعضها والسيطرة عليها جزئيًا.
أقسام البيئة التنظيمية
تُقسم البيئة التنظيمية إلى قسمين على النحو الآتي:
البيئة التنظيمية الداخلية
تشتمل البيئة التنظيمية الداخلية على عناصر محصورة داخل حدود المنظمة، تتمثَّل بمجموعة الظروف والقوى الموجودة ضمن نطاق صلاحياتها، وتُعطي صورةً واضحةً للبيئة الداخلية فيها، كما تُعطي المنظمة حقَّ الإدارة المباشرة للحالات والمواقف التي تحدث داخلها، وتضمُّ مجموعةً من العوامل المؤثرة وهي: موارد المنظمة، ومالكيها والمساهمين فيها، ومجلس الإدارة، ورؤية المنظمة، وشهرتها التجارية.
البيئة التنظيمية الخارجية
تُعرَّف البيئة التنظيمية الخارجية على أنّها جميع العوامل والقطاعات التي قد تُؤثر على كامل المنظمة أو على جزءٍ منها؛ والتي تكون موجودةً خارج حدود هذه المنظمة وخارج نطاق صلاحياتها، ومن أبرز هذه القطاعات:
- المواد الخام
يندرج مزوديّ المنظمة بالمواد الخام تحت هذا البند، سواء أكانوا أفراداً أم منظماتٍ أخرى.
- الموارد البشرية
ترتبط الموارد البشرية بكلِّ من يزوِّد المنظمة بالقوى العاملة.
- الموارد المالية
يندرج تحتها كلُّ ما يتعلَّق بالموارد المالية للمنظمة، مثل: المؤسسات التي تمدُّ المنظمة بالموارد المالية، والشروط والأدوات المتعلقة بالموارد المالية، والقدرة التنافسية، وغيرها.
- العملاء
يندرج تحت هذا البند المستهلكون الذين يقومون بشراء الخدمات والسلع التي تقدِّمها المنظمة.
- الوضع الاقتصادي
يتمثل بالوضع الاقتصادي للإقليم الذي تُمارِس فيه المنظمة نشاطاتها التجارية من بيعٍ للسلع والخدمات، كما يُشير إلى معدل التضخم والكساد الاقتصادي ، ومعدل البطالة، والسياسات الاقتصادية المتبعة في تلك المنطقة.
- الوضع السياسي
تتأثر المنظمة بحالة الاستقرار السياسي، والتشريعات السياسية للدولة.
- ثقافة المجتمع
تتأثر المنظمة بأخلاقيات وقيم وعادات المجتمع الذي تُوجد فيه.
- الديموغرافيا
تتأثر المنظمة بعامل الديموغرافيا بجميع أبعاده.
- البيئة الطبيعية
تُؤثر الظروف الطبيعية لمنطقة وجود المنظمة على نشاطها، وكذلك التغيرات المناخية، والطقس.
- البيئة الدولية
يتأثر نشاط المنظمة بالمجتمع الدولي بجميع عناصره ومنظماته.
أمثلة على أنواع مختلفة لبناء البيئة التنظيمية
من الأمثلة على أنواع مختلفة لبناء البيئة التنظيمية ما يأتي:
نظام المصفوفة
يعتمد نظام المصفوفة على تجميع الموظفين الذين يملكون مهاراتٍ متشابهة؛ لإنجاز المشاريع التي تتناسب مع مهاراتهم، ويُستخدم هذا النظام لعدَّة أسبابٍ منها: اختلاف توجهات العمليات التي تُمارسها المنظمة، وحاجة المنظمة إلى إجراء أكثر من عملية معالجةٍ للمعلومات في نفس الوقت ولعددٍ كبيرٍ من المعلومات، وحاجتها إلى تقسيم الموارد المتاحة فيها.
من الأمثلة على منظماتٍ تستخدم هذا النظام: وكالة ناسا الفضائية، وتجدر الإشارة إلى أنّ لهذا النظام مجموعةً من الميزات، منها ما يأتي:
- المزج بين السلطة وخطوط الاتصال المباشرة وغير المباشرة.
- المحافظة على الاستقرار والكفاءة للهيكل الميكانيكي، ومراعاة المرونة، وعدم الرسمية للهيكل غير العضوي.
- النظر إلى جميع أهداف المشروع بعدِّها أهدافاً مهمة.
أمّا عن السلبيات المتعلقة بهذا النظام، وتتمثل بما يأتي:
- نشوب خلافاتٍ بين مدير المشروع والمدير التنفيذي بشأن الموارد.
- نشوب خلافاتٍ بين أعضاء المشروع والقادة، ما يضع المشروع في دائرة الخطر.
- صعوبة استيعاب التنويع بشكلٍ جيد؛ فالمنظمات الكبيرة والمعقدة تسعى إلى التنويع في أشكال التخصصات.
نظام الأقسام
يُستخدم هذا النوع أحياناً في المنظمات الأكبر حجماً؛ التي تبني أعمالها على أهدافٍ أفقية، ومما يُميز هذا النوع وجود الاستقلالية لكلِّ قسمٍ من الأقسام العاملة في المنظمة؛ حيث يتصرف كلُّ قسمٍ وكأنه منظمةٌ مستقلَّة، يُديرها مديرٌ تنفيذي تابعٌ للشركة الأم أو موظفٌ في الإدارة العليا، ويكون القسم مستقلاً بموارده ونفقاته المالية، وفي كل الأمور التي تتعلق بالقسم والمشاريع التي يعمل عليها.
ما يُميز هذا النوع أنّه يُتيح توزيع بعض الأقسام على مواقع جغرافيةٍ مختلفة عن موقع المنظمة الأم، وتأتي الموافقة على القرارات الصادرة عن القسم من المدير التنفيذي للقسم دون انتظار الموافقة من الجهات العليا في المنظمة، ومن المشكلات التي قد تُواجه المنظمات أثناء استخدام هذا النوع ما يأتي:
- عدم قدرة الموظفين الذين يحملون نفس المسمى الوظيفي في الأقسام المختلفة على التواصل بشكلٍ جيد.
- الأمور المحاسبية وما يترتب عليها تُعد آثارًا ضريبيةً يُعاني منها نظام الأقسام.
النظام الوظيفي
يعتمد هذا النظام في المنظمات التي تكون فيها الأقسام مقسَّمةً على حسب الوظيفة؛ حيث يستلم كلُّ قسمٍ وظيفةً محدَّدة، ويكون لكلِّ قسمٍ مديرٌ وهناك مديرٌ تنفيذي مسؤولٌ عن عِدة أقسام، وما يُميز هذا النظام عن غيره أنّه يتم من خلاله تجميع فريق من الموظفين الذين يحملون نفس المسمَّى الوظيفي، أو يتمتعون بنفس المهارات في قسمٍ واحد؛ مما يُؤدي إلى توظيف طاقاتهم؛ لتنفيذ المهام الموكلة إليهم.
بالرغم من ذلك قد تظهر مشكلة عدم القدرة على التواصل بشكلٍ جيد بين إدارات الأقسام؛ وقد يُؤدي ذلك إلى مشاكل في المستقبل، وتضييق رؤية الموظف للمنظمة، وحصر هذه الرؤية على الوظيفة التي يعمل بها.
النظام المختلط
يُعدُّ هذا النظام خياراً أفضل للمنظمات الناشئة والصغيرة، ويُستخدم هذا النوع في حالة امتلاك المنظمة لحاضنةٍ داخلية أو برنامج ابتكار، وقد يُؤدي استخدام هذا النظام إلى تسطيح الهرم الوظيفي من خلال تشجيع الموظفين على ابتكار الأفكار والاقتراحات؛ لتعزيز النمو العام للمنظمة.
كذلك فإنّ هذا النظام يُعطي لموظفي المنظمة مساحةً للابتكار؛ فيقضي على الروتين الذي قد تتسبب به الأنظمة الأخرى كالنظام الوظيفي، أمّا التحديات التي قد تُواجه النظام المختلط فهي حدوث إرباكٍ في بنية المنظمة، وذلك إذا لم يتفقُّ المعنيين على كيفية تنظيم هيكل المنظمة، ومن الشركات التي تمتلك حاضناتٍ داخلية وتعتمد هذا النظام: شركة لوكهيد مارتن، وجوجل، وأدوبي، ولينكد إن.
أثر البيئة التنظيمية على العاملين في بيئة العمل
إنّ جودة التصميم المعماري و التصميم الداخلي لبيئة العمل من حيث الإضاءة الاصطناعية والألوان والنباتات وتوفر عناصر الأمن والسّلامة في مكان العمل، إضافةً إلى الأثاث والمعدات، تُؤثر على مستوى أداء العاملين، إذ يُشعرهم ذلك براحة أكبر أثناء العمل، بالإضافة إلى توفير قاعات للاجتماعات وأماكن للتخزين، وعدد كافي من دورات المياه، وأماكن خاصة للاستراحة وتناول الطعام تُؤدي إلى رفع مستوى أداء العاملين.
نستنتج مما سبق أنّ بناء هيكل تنظيمي أمر مهم في بيئة العمل، فهو يُؤثر بشكل مباشر على إنتاجية الشركة وقدرتها على التفرد والتميز والفعالية، ويُساهم برفع مستوى أداء العاملين وجودة الخدمات.