مفهوم الاستطاعة شرعًا
مفهوم الاستطاعة شرعا
الاستطاعة: هي التمكّن والقدرة من فعل الشيء، والقدرة هي صفة ملازمة لها إن أراد صاحبها فعلاً وإن أراد تركاً، والفقهاء يستعملون هذا اللفظ بقولهم مثلاً: الاستطاعة شرط لوجوب الحج على المكلف.
الاستطاعة مرتبطة بالتكليف
أجمع العلماء على أن الاستطاعة شرط للتكليف، فلا يُشرع التكليف بما لا يُطاق فعله عادة؛ وفي القرآن الكريم مواضع عديدة تدل على ذلك، قال -جل وعلا-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أيْدِيكُمْ، فمَن كانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ ممَّا يَأْكُلُ، ولْيُلْبِسْهُ ممَّا يَلْبَسُ، ولَا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ، فإنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فأعِينُوهُمْ).
حكم التكليف من غير استطاعة
نقل العيني في كتابه عمدة القاري في تعليقه على الحديث السابق الإجماع على حرمة التكليف بغير ما يطاق، وإذا كلّف المرء عند استطاعته وتمكّنه من فعل المأمور به ثم أصبح غير قادر في وقت الأداء؛ فرُخّص له بترك ما كلّف به حتى يعود قادراً ومستطيعاً.
ومن الأمثلة على ذلك: أن الله -جل وعلا- أمر من يريد أن يقيم الصلاة بأن يتوضأ، فإن لم يقدر أن يتوضأ رُخّص له بترك الوضوء، ووُجّه إلى البديل المشروع وهو التيمم ، وكذلك أمر الذي حلف يمينا ثم لم يُطِقْ إتمامه فحنث فيه؛ فحينها يُكفّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة.
ومن لم يتمكن من تنفيذ أي شيء من هذه الخيارات لأنها تحتاج إلى قدرة مالية ولا يستطيعها؛ فإن الشارع الحكيم رخّص له بأمرٍ بديلٍ مشروعٍ، وهو صيام ثلاثة أيام كفارة ليمينه ، وينبغي أن تكون الاستطاعة والتمكّن من أداء الواجبات والتكاليف الشرعية عند العبد المكلّف متوفّرة من غير صعوبة أو مشقّة وحرج.
أنواع الاستطاعة
الاستطاعة لها أنواع عديدة، وهي كما يأتي:
- استطاعة مالية.
- استطاعة بدنية.
- استطاعة بالنفس.
- استطاعة بالغير.
الفرق بين الإطاقة والاستطاعة
لا يختلف معنى الإطاقة عن معنى الاستطاعة كثيراً، لأن كل لفظة منهما تدل على حجم مجهود القادر، وبذل الوسع في الفعل المراد إنجازه وإتمامه، والفرق بينهما وبين القدرة في اللغة هو أنّ القدرة ليست مخصّصة وموجودة لغاية معينة تنتهي بانتهائها، ولذلك يوصف الله -تعالى- بالقادر ولا يوصف بالمطيق أو المستطيع.
الفرق بين الاستطاعة والقدرة
مفهوم الاستطاعة أخصّ من مفهوم القدرة، فالقدرة أعم وأوسع وأشمل، ولذلك يُقال: كل مستطيع قادر وليس كل قادر بمستطيع، فمفهوم الاستطاعة مفهومٌ جامعٌ لمعانٍ يقدر المكلف بها فعل ما يريده من أحداث الفعل، وهي أربعة أشياء كما يأتي:
- إرادته للفعل.
- قدرته على الفعل، بحيث لا يكون له مانع منه.
- علمه بالفعل.
- تهيؤ ما يتوقف عليه الفعل.
وورد في كتاب فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت في بيان معنى القدرة قوله: "اعلم أن القدرة المتعلقة بالفعل، المستجمعة لجميع الشرائط التي يوجد الفعل بها، أو يخلق الله تعالى عندها، تسمى: (استطاعة)".
والاستطاعة التي يجب بها الفعل الكامل الذي لا يعتريه نقص ولا يوصف المخلوق به تكون ملازمة للفعل، وأما الاستطاعة من ناحية الطاقة والجهد والصحة والتمكين وسلامة الأدوات؛ فتكون سابقة للفعل ويرتبط بها النص التشريعي، قال -تعالى-: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا).