معلومات عن مملكة مروي
معلومات عن مملكة مروي
موقع المملكة
تقع مملكة مروي على الضفة الشرقية لنهر النيل، على بُعد 200 كيلو متر شمال الأراضي السودانية، وهي محصورة بين نهر النيل ونهر عطبرة، في منطقة سهلية خصبة تُسمى البطانة، لذا فقد كانت تحتوي على أراضٍ زراعية شاسعة المساحة، ما أثار اهتمام الحكّام الكوشيين بها، وشكّل موقعها مرسًى مناسبًا للقوارب والمواصلات التجارية؛ لوجودها شمالًا بين مصر والبحر الأبيض المتوسط، وجنوبًا بين إفريقيا.
تاريخ مملكة مروي
عقب انهيار العصر البرونزي في القرن الثامن قبل الميلاد، غزا الملكي الكوشي مصر وأعلن نفسه فرعون الأسرة الخامسة والعشرين، فأقام مروي لتكون عاصمةً إداريةً، وتم إنشاء المقابر الملكية الهرمية في قلب المنطقة، وبعد الغارات الأخمينية على المناطق المحيطة بمروي تحوّلت إلى مركز مملكة كوش، ليبتدأ العصر المروي.
وبسبب بعدها المكاني عن باقي الحضارات حولها، كوّنت مروي حضارةً خاصة بهم من الثقافة والفن والتعاليم، وبعد موت كليوبترا وانهيار الأسرة المصرية الحاكمة على يد الإمبراطورية الرومانية أصبحت مصر مقاطعة للامربراطورية الرومانية، وبدأت مملكة مروي بالانهيار لتدهورها الاقتصادي والسياسي؛ لتضرر تجارتها مع ولايات وادي النيل، وللغزو الذي تعرضت له في القرن الثالث بعد الميلاد.
اقتصاد مملكة مروي
أشارت المنحوتات التي وجدت من آثار المملكة المروية لوجود محاولات زراعية في أراضي مروي، حيث زرعوا الذرة والعنب والقطن والتمر، كما شكّلت الثروة الحيوانية عنصرًا اقتصاديًا آخر في المملكة، حيث صدّروا الأحصنة وولّوها اهتمامًا عاليًا لفائدتها في تسليح الجنود في المعارك، وربّوا الأبقار والماعز واستفادوا ألبانها، واصطادوا الأسماك، وصورت مائدتهم مليئةً باللحوم لكثرة الثروة الحيوانية.
اعتبرت التجارة مصدر النهضة الاقتصادية في مملكة مروي، فبسبب موقعها المميز ازدهرت تجارتها بنوعيها الداخلي والخارجي؛ حيث صدّر المرويين الذهب والعاج والخيول والحبوب، واستوردوا الجلود والأخشاب.
الصناعة في مملكة مروي
أما عن الصناعات في المملكة المروية، فاشتهر شعب مروي بالصناعات الفخارية التي كانوا يزينوها بصور الحيوانات والبشر، والأشكال الهندسية، وكانت على نمطين؛ صناعات يدوية تقوم بها النساء وتشمل الجرار بأشكالها، وصناعات العجلة الدوارة التي ينتج عليها الرجال أعمالهم الفخارية، وصنعوا الأفران التي تساعدهم في إنتاج الصناعات الفخارية، واستخراج الحديد من الصخور.
اشتهر المرويون بالتعدين كذلك، حيث اعتبرت تقنية التعدين عندهم من أجود التقنيات في العالم آنذاك، دلّ على ذلك وجود الأفران الكبيرة التي كانوا يصهرون فيها الحديد، وقيامهم بتحويله إلى الأدوات التي يريدونها، فصنعوا الأسلحة والسكاكين والفؤوس والأدوات الزراعية، وأدوات الزينة من خلاخل وأقراط وأساور، وأيضًا الملاعق والمقصّات وأدوات الجراحة.
الشعائر والطقوس الدينية في مروي
كان المرويون وثنيين يعبدون آلهة متعددة؛ حيث اعتقدوا بوجو إله لكل غرض في هذا الوجود، وكان لهم إله رئيسي يدعى (أمون) صوروه عبر العديد من المنحوتات التي وُجدت في معابدهم إلى جانب تماثيل لآلهة أخرى يعبّرون فيها عن وظيفة كل إله منهم، حيث أقاموا المعابد والمؤسسات الدينية التي تطوّرت فيما بعد من كونها دينية إلى سياسية تتدخل في شؤون المواطنين في المملكة.
تعدّدت المعابد التي بناها المرويون بأبهى الأشكال العمرانية الجميلة، ومن أهمها معبد البركل، ومعبد تهارقا، المليئان بتماثيلٍ وأصنامٍ للملوك الذين حكموا المملكة، والآلهة التي عُبدت، كل هذا تم الاستدلال عليه من خلال النقوش والرسومات التي عبروا بها أيضًا عن مظاهر الاحتفالات الدينية والعازفين والآلات الموسيقية، والرموز التي تعبر عن قوة ملوكهم وصراعاتهم مع الأعداء وبطشهم بالأسرى والمعتدين.
الفكر السياسي في مملكة مروي
كانت الحكومة التي تنظّم أمور الممكلة تعيّن حراسًا حول المناطق الجبلية التي تقوم به المملكة بالتعدين وإنتاجاتها الصناعي؛ للحماية من غارات البدو الذين يأتون من السافانا ويشكلون تهديدًا سياسيًا للأنشطة التجارية في مروي.
امتلأت فترة قيام الدولة بالحروب والصراعات السياسية، لكنّ قيادة الجيش نجحت في إبقاء المملكة قائمة لمدة ألف عام دون انهيار؛ حيث صنع المرويين الأسلحة والأدوات الحربية واستعانوا بإله الحرب الخاص بهم (أبادماك) حتى أنّهم صمموا معبدًا ملكيًا له، رسموه موشحًا بالأقواس والسيوف والرماح.
اهتم الحكام في مروي باستقطاب الحرفيين والمهنيين من جميع الأنواع والأقطار والممالك؛ لإنتاج الأسلحة ووسائل التدمير والإنتاجات المختلفة؛ ذلك أنّ العلاقة كانت بين الدول قائمة على التنافس السياسي والتجاري، والعلاقات تتقلب بين التحالفات أحيانًا والمعارك أحيانًا أخرى.