معلومات عن سيدنا جبريل عليه السلام
التعريف بجبريل عليه السلام
خلق الله -عزّ وجلّ- الملائكة، وفضّل بعضهم على بعض، فجعل المقرّبون أفضلهم، قال -تعالى-: (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّـهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)، ثمّ أفضل هؤلاء المقربين الذين كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يذكر أسماؤهم في دعائه عندما يفتتح صلاته في اللّيل، فيقول: (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ).
فقد كان جبريل من بينهم لما فيه من اختيار الله له ليكون مبلّغا للوحي، وجعله الله الواسطة بينه وبين رسله، فكرّمه الله وجعل مكانته عالية وشرّفه على غيره من الملائكة، وقال -تعالى- به في القرآن: (قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّـهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ)، فقد جاءت الآية بذمّ كلّ من عاداه.
وسمّاه الله بأسماء عديدة، ووصفه بأوصاف تليق بمكانته ورفعته بين الملائكة:
- وصفه ب روح القدس
قال -تعالى-: (قُل نَزَّلَهُ روحُ القُدُسِ مِن رَبِّكَ بِالحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذينَ آمَنوا وَهُدًى وَبُشرى لِلمُسلِمينَ).
- وصفه بالرّوح الأمين
قال-تعالى-: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ).
- وصفه بأنّه رسول كريم، ذو قوّة، مكين، مُطاع من قبل الملائكة، أمين في تبليغ ما كلّفه الله به
قال الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ*ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ*مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ)،
وفي كثير من الآيات ذكره الله ولم يذكر غيره من الملائكة، ممّا يدلّ على اختصاص الله له، وفي حديث رسول الله ما يظهر فضله وشرفه، فقد روى أبو هريرة -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وتَعَالَى إذَا أحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ في السَّمَاءِ: إنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ويُوضَعُ له القَبُولُ في أهْلِ الأرْضِ).
صفات جبريل عليه السلام
ذكر ابن القيّم -رحمه الله- مجموعة من الآيات التي ورد بها وصف جبريل -عليه السّلام-، وهذه الصفات هي:
- الكرم
فهو رسول كريم، جميل الهيئة، كثير الخير، آتاه الله خير ما آتى خلقه من العلم، والهدى، والبرّ، والتقى، والطّيب، وأجراه بين يديه، فكان أكرم الخلق في صورته وصفته.
- القوّة
فبالقوّة التي آتاه الله إيّاها حفظ الوحي المكلّف بتبليغه من أن تمسّه الشّياطين، فتُغيّر به أو تحرّفه، ومن هذه القوّة قدرته على تنفيذ أمر الله، ومع هذه القدرة الأمانة، فهو يؤديها بقوة وأمانة، ومنها أنّ الله مولاه وناصره ومُعينه، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)، ثمّ جعله مناصراً وموالياً لرسول الله، فمن كان معادياً لرسول الله فقد عاداه.
- أقرب الملائكة عند الله وأعظمهم مكانه عنده سبحانه
وهو الوارد بقول الله: (عِندَ ذِي الْعَرْشِ)، ممّا يدل على قربه من ذي العرش -سبحانه وتعالى-.
- له جنود مطيعة له ومناصرة ومنفّذة لقوله وأمره
وكذلك مناصرة لرسول الله إذا أمر جبريل بذلك، فجبريل مطاعاً في السماء، ومحمّد -صلّى الله عليه وسلّم- مُطاعاً في الأرض، فكلّ منهما رسول مُطاع في مكانه.
شكل جبريل عليه السلام
روى عبد الله بن مسعود -رضيَ الله عنه- فقال: (رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جبريلَ في صورتِه وله ستُّمائةِ جَناحٍ كلُّ جَناحٍ منها قد سدَّ الأفُقَ يسقُطُ مِنْ جَناحِه مِنَ التهاويلِ والدُّرِّ والياقوتِ ما اللهُ به عليمٌ)، والتهاويل هي الألوان المتعدّدة، فقد خلق الله للملائكة أجنحة مثنى وثلاث ورباع، ويزيد فيها ما يشاء.
قال -تعالى-: (رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وفي حديث عائشة -رضيَ الله عنها-: (مَن زَعَمَ أنَّ مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فقَدْ أَعْظَمَ، ولَكِنْ قدْ رَأَى جِبْرِيلَ في صُورَتِهِ وخَلْقُهُ سَادٌّ ما بيْنَ الأُفُقِ)، وقد رأى رسول الله جبريل بصورته الملائكيّة التي خلقه الله عليها مرّتين، وكان يتمثّل بصورة بشريّة في بعض المرات، فينزل بصورة الصحابيّ دحية الكلبي -رضيَ الله عنه-.
مهمات جبريل عليه السلام
كان لجبريل -عليه السّلام- العديد من المهام التي وُكّل بها، نذكرها فيما يأتي:
- تبليغ الوحي ومدارسته لرسول الله
كان يأتي لرسول الله في كلّ ليلة من ليالي رمضان من كلّ عام ويدارسه القرآن، فقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- فقال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ حِينَ يَلْقاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ يَلْقاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضانَ فيُدارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ).
- إمامة رسول الله في الصّلاة حين علّمه إياها
حيث صلّى به جميع الصلوات بأوقاتها المختلفة ليعلّمه إياها ويعلّمه أوقاتها، فقد صلّى به الظهر مرةً حين زالت الشمس، ومرةً حين كان ظلّ كل شيء مثله، وصلّى به العصر مرةً حين كان ظلّ الشيء مثله، وفي الأخرى حين كان ظلّ الشيء مثليه.
وصلّى به المغرب حين أفطر الصائم، والعشاء حين غاب الشفق، وفي المرة الأخرى في ثلث الليل، أمّا الفجر فصلّى به مرةً حين امتنع الصائم عن الطعام والشراب، وصلّى به الفجر مرة أخرى فأسفر، ثمّ أخبره أنّ هذه هي أوقات الصّلوات التي صلّى بها الأنبياء من قبل، والصّلاة تكون ما بين هذه الأوقات الواقعة ما بين المرة الأولى والثانية، فهو وقت جواز أدائها.
- رقية رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
فقد جاء إلى رسول الله وسأله إن اشتكى، فأجابه رسول الله: نعم، فقال: (باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِن كُلِّ شيءٍ يُؤْذِيكَ، مِن شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللَّهُ يَشْفِيكَ باسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ).
- محاربته مع رسول الله في العديد من الغزوات، مثل غزوة بدر، وغزوة الخندق.
- مصاحبته لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في رحلة الإسراء والمعراج.