معلومات عن بدوي الجبل
الشاعر بدوي الجبل
اسمه الحقيقي محمد سليمان الأحمد ويُلقب باسم بدوي الجبل، ولد في شمال سوريا تحديدًا في جبل العلوي عام 1907م، نشأ في بيئة دينية أدبية، إذ أن والده إمامًا علويًا، وكان متعمقًا بشعر أهم الشعراء العرب وأشهرهم أبي تمام، والبطري، والمتنبي، والشريف الراعي، والمعرّي.
وهذا مكّنه من اللغة العربية فأصبح متمرسًا في الدراسات العربية والإسلامية الكلاسيكية حتى تولى منصب عضو في المجمع العربي للغات في دمشق بعد ذهابه إلى هناك في سن الشباب ونشره لأول ديوان شعري خاص به اسمه ديوان "بدوي الجبل".
حياة الشاعر بدوي الجبل الشخصية
يعد الشاعر محمد سليمان الأحمد الملقّب ببدوي الجبل من أشهر الشعراء السوريين، نشأ الشاعر محمد في إحدى العائلات العلوية المعروفة في قرية ديفا التابعة لمحافظة اللاذقية في سوريا، وعندما أصبح شابًا ذهب إلى دمشق، وكان الشاعر لا يزال محتفظًا بتراثه؛ إذ كان ملتزمًا بارتداء الزي البدوي المتوارث من حيث أتى خاصةً غطاء الرأس.
لذا سمّاه رئيس تحرير جريدة دمشق بهذا الاسم بعد موافقته لنشر شعره تحت الاسم المستعار "بدوي الجبل"، ويُعرف عن الشاعر محمد ممارسته السياسة إلى جانب الأدب والشعر في سن مبكرة وانضمامه إلى نظام القومية السورية والكتلة الوطنية ثم إلى الحزب الوطني.
تسببت آراءه ومشاركاته السياسية؛ بسجنه من قِبَل سلطات الانتداب الفرنسي في سوريا بعد الاحتلال، وبعد خروجه من السجن توجه إلى بغداد عام 1939م ومارس مهنة تدريس اللغة العربية في جامعة بغداد في أثناء إقامته هناك وانضم إلى ثورة رشيد علي الجيلاني ضد البريطانيين عام 1941م، ثم لاحقًا عاد إلى وطنه سوريا واعتقلته السلطات الفرنسية.
ويُعرف "بدوي الجبل" بتأثير الطابع السياسي على قصائده وأشعاره، إذ أن اندلاع الحرب العربية الإسرائيلية في يونيو عام 1967م وهزيمة الدول العربية ظهرت في العديد من قصائده، كما تأثر شعره بالصوفية.
نشأة الشاعر بدوي الجبل العلمية
يُعرف عن البيئة التي نشأ فيها الشاعر محمد سليمان الأحمد بأنها قائمة على الأدب والفقه ودراسة اللغة؛ إذ كان والده أحد رجال الدين إلى جانب اطلاعه وثقافته الكبيرة في اللغة العربية وآدابها، مما ساعد على تأسيس الشاعر محمد في طابع ثقافي وديني مميز.
فبدأ والده بقراءة القرآن الكريم له ثم قراءة الحديث الشريف ونهج البلاغة للصحابي علي بن أبي طالب، وأدب اللزوميات لأبي علاء المعري، وقراءة أعمال أبرز الأدباء والشعراء العرب مثل المتنبي، وأبي تمام، والشريف الرضي، والبحتري، ومهيار الدليمي، وتفسير كافة المعاني والمفردات في أثناء القراءة.
اهتم والده بتفسير الصور الفنية في الأعمال الأدبية والتركيز على جمالية المعنى، وتصحيح الأخطاء في أثناء تلاوة القرآن الكريم، لذا كان السبب الأساسي لقوة اللغة العربية لدى الشاعر محمد ومعرفته لأنواع البلاغة والعدد الكبير من المفردات، كما أن والده عزّز تقوية الجانب الديني فيه من خلال الإيمان بالله وقول الحق.
ولكن يُعرف بدوي الجبل بعدم التزامه الكبير في الدراسة بسبب انشغاله في السياسة، وتُقدّر مدة دراسته كاملة بما يزيد عن ثلاث سنوات أمضاها بين مدرسة القرية ومعهد إعدادي مكتبي في اللاذقية وإحدى مكاتب دمش : أي أنه لم يتخطى المرحلة الابتدائية.
من أطلق عليه بدوي الجبل
يشتهر الشاعر محمد سليمان الأحمد بلقب بدوي الجبل في الأوساط الأدبية كافة، إذ أن هذا اللقب رافقه منذ بداية مشواره الأدبي، ويعود السبب في ذلك إلى إرساله قصيدة إلى الشيخ يوسف العيسى عندما كان في الرابعة عشرة من عمره وتحمل اسمه الصريح كاملًا.
لكن الشاعر تفاجئ بنشر القصيدة في الصحيفة تحت اسم "بدوي الجبل" وعندما استفسر عن ذلك أجابه الشيخ يوسف أنّ الناس تقرأ للشعراء المعروفين، وأن الشاعر الشاب لم ينطلق اسمه بعد في عالم الأدب؛ لذا فإن الاسم المجهول يثير فضول القارئ.
يرجع سبب انتقاء يوسف العيسى صاحب جريدة "ألف باء" في دمشق للقب بدوي الجبل؛ هو أنّ الطابع الشعري والقافية للقصيدة، تتميز بطابع المجتمع البدوي والصحراء والجبل أي جبال الساحل: وهو المكان الذي نشأ فيه الشاعر، فأحب اللقب وأبقى عليه طوال حياته الأدبية.
وفاة الشاعر بدوي الجبل
توفي الشاعر الكبير محمد سليمان الأحمد في 18 من شهر أغسطس عام 1981م متأثرًا بعدة أمراض نتجت عن محاولة اغتياله عام 1968م، وذلك بسبب إحدى قصائده واسمها "من وحي الهزيمة" بعد الهزيمة العربية أثناء الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967م والتي اشتهرت في تلك الفترة.
وردًا على تلك القصيدة اختُطف عام 1968م في أثناء ممارسته لرياضته الصباحية وبقي لدى الخاطفين لعدة أيام تعرّض فيها للتعذيب الذي سبب له بعض الإصابات، والتي عانى من آثارها لاحقًا حتى يوم وفاته.
أشعار بدوي الجبل وأسلوبه الشعري
تتأثر أشعار الشاعر السوري محمد سليمان الأحمد بطابع الشعر الكلاسيكي الذي نشأ عليه، فكان يعتمد على تحقيق التوازن بين الفكرة والخيال، كما تأثر بالعوامل الروحية من حوله كتأثره بأشعار جده المكزون الذي تميّز شعره بالطابع الصوفي كما أثر نضاله ضدّ الاستعمار الفرنسي بخاصةً والغربي عامةً إلى ظهور الجانب السياسي في أعماله الأدبية، من خلال اعتزازه وافتخاره بحضارة الأمويين وعروبتهم.
و من أكثر الشعراء الذين استلهم منه بشعره هو المتنبي حتى أُطلق عليه متنبي القرن العشرين، وبالرغم من أنه رمزًا للشعر الكلاسيكي وإقامة العديد من الأبحاث على أعماله الأدبية إلّا أنه لم يُصنف إلى حد الآن، كما تميّز الشاعر الكبير محمد سليمان الأحمد بابتعاده عن القيود الطائفية والدينية بالرغم من تربيته المتينة لطائفته العلوية.
إذ كان يتغنى بكافة أركان الدين الإسلامي وبجميع الطوائف من خلال أشعاره وأطلق العديد من الدواوين والأعمال الأدبية أبرزها البواكير عام 1925م، ونُشرت الأعمال الكاملة 1979م أدت التنشئة الدينية للشاعر إلى استلهامه العديد من الأفكار من القرآن الكريم في كتابة شعره وقصائده من دون ذكر أي أسماء أو شخصيات ذُكرت في القرآن.
ويوجد العديد من الدراسات، التي تبحث في أسباب استلهام الشاعر لأشعاره من القرآن الكريم ومحاولة فهم المعنى العام للعناصر التي استلهمها، نُشر الديوان الأول "ديوان بدوي الجبل" الشفق: عام 1925م وكان إهداءً منه لشهداء معركة ميسلون، أما في عام 1987م نُشر "ديوان بدوي الجبل" الذي يضم القسم الأكبر من أعماله الأدبية.
إنجازات الشاعر بدوي الجبل
ربط الشاعر محمد سليمان الأحمد الجانب الأدبي مع السياسي، ومارس ثورته و ضد الاحتلال من خلال قصائده وأشعاره عن المقاومة والعروبة والوطن، فعند ذهابه إلى دمشق لنشر شعره وإطلاع العالم عليه التحق في العمل السياسي وعبّر عن أفكاره بأسلوبه الأدبي وشعره وانتمى إلى حزب الكتلة الوطنية وعُيّن نائبًا في المجلس التمثيلي لدولة العلويين.
وكان شعره هو المثال على موقفه الوطني مما أدى إلى سجنه وخروجه من البلاد، لكن بعد عودته واستقرار الأمور السياسية وعودة الحكم الوطني، عاد الشاعر محمد إلى النشاط السياسيّ، وانتُخب نائبًا في المجلس النيابي، واختاره المجمع العلمي العربي في دمشق عام 1945م؛ ليكون عضوًا مراسلًا بسبب متانة لغته العربية.
أما عام 1954م تولى منصب وزير الصحة، ثم وزارة الدعاية والأنباء؛ وبسبب عمله تنقل من مكان إلى آخر ومارس ميوله الأدبي واستمر في كتابة الأشعار والقصائد، وأبرزها: "اللهب القدسي".
أهم قصائد بدوي الجبل
عرف عن الشاعر محمد سليمان الأحمد أنه وطني، ذو حس قومي، وبداية مشواره السياسي كانت من خلال قصائده، التي أثارت إعجاب كبار الأدباء، وأطلق الشاعر طوال حياته العديد من الدواوين الشعرية والقصائد ومنها ما يلي:
اللهب القدسي
يحبّ قلبي خباياه و يعبدها
إذا تبرّأ قلب من خباياه
طفولة الروح أغلى ما أدلّ به
و الحبّ أعنفه عندي و أوفاه
قلبي الذي لوّن الدنيا بجذوته
أحلى من النور نعماه و بؤساه
أتسألين عن الخمسين؟
أتسألين عن الخمسين ما فعلت
يبلى الشباب و لا تبلى سجاياه
في القلب كنز شباب لا نفاد له
يعطي و يزداد ما ازدادت عطاياه
فما انطوى واحد من زهو صبوته
إلاّ تفجّر ألف في حناياه.