معلومات عن العصور المظلمة

معلومات عن العصور المظلمة

تعريف مصطلح العصور المظلمة

إن مصطلح العصور المظلمة يُطلق عليه بعض المؤرخين بالعصور الوسطى، هو مصطلح تم ابتكاره بعد فترة طويلة من انقضاء تلك العصور، وعليه فقد عرّفوا العصور المظلمة على أنها فترة زمنية وسيطة بين عراقة الماضي وعظمة الحاضر، إذ تعد فترة العصور الوسطى أو المظلمة فترة استمرارية وتكوين، فهي استمرارية لروما القديمة بجنسه البشري، وباللغة المستخدمة فيها، وكذلك بالمؤسسات التي كانت قائمة في العصر السابق وبالقوانين التي كانت سائدة فيها والآداب والفنون.

إنّ مرحلة العصور المظلمة مرحلة تكوين؛ إذ تكونت فيها ثقافات مختلفة عما كانت سائدة في روما، بسبب دخول العديد من الأقوام مثل: الفرنجة والسكسون واليونانيين والعرب بحضاراتهم المختلفة في الحضارة الجديدة التي سادت في هذا العصر والموروثة عن أوروبا الغربية، فعلى سبيل المثال تشكلت اللغة الإنجليزية وأصولها في هذا العصر وأصبحت من اللغات شائعة الاستخدام.

على هذا الأساس فإن فترة العصور المظلمة أو العصور الوسطى لم تكن مجرد فترة استمرارية لما سبقتها، بل على العكس كانت مرحلة تشكيل وتكوين للعالم من جديد، وهناك من المؤرخين من ذهب إلى القول إنّ فترة العصور المظلمة كانت فترة صعود أكثر منها فترة تدهور وانكسار، والسبب في ذلك أنّ باضمحلال وانتهاء الحضارة الوثنية التي كانت سائدة في العصور القديمة التي سبقت العصور المظلمة بدأت تظهر براعم حضارة جديدة هي التي كانت السبب وراء ظهور الحضارات الحديثة.

أما بداية العصور المظلمة فقد اختلف المؤرخون في تحديدها فذهبوا في كثير من الاتجاهات؛ فمنهم من رأى أنها بدأت عام (248 / 308م) وهي فترة وصول الإمبراطور دقلديانوس إلى سدة الحكم في الإمبراطورية الرومانية، ومنهم من رأى أن بداية العصور المظلمة كانت عام (305 / 337م) مع بداية عصر الإمبراطور قسطنطين الكبير، وفريق آخر رأى أنها بدأت مع وصول الإمبراطور جوليان عام (361م) وآخرون رأوا أن بدايتها كانت مع تتويج الملك شارلمان إمبراطور على الغرب.

يبدو أن الرأي الراجح هو أن بداية العصور المظلمة كانت عام 476 م، عندما تمكن زعيم بربري قوطي يدعى أودواكر من أن يخلع آخر الأباطرة الرومان وهو رومولوس أوغسطواوس من على عرش روما، فهو التاريخ الأقرب إلى الواقع، والسبب أنّ التحول من العصور القديمة إلى العصور الوسطى (المظلمة) كان بطيئًا جدًا واستغرق الكثير من الوقت، وحقيقة تعد العصور الوسطى أو المظلمة فترة مهمة وحساسة من فترات التاريخ الأوروبي فمن خلالها يمكن للباحثين والدارسين فهم التاريخ الحديث لأوروبا، وتجدر الإشارة إلى أن العصور المظلمة استمدت أصولها من ثلاثة مصادر مهمة هي: التراث الكلاسيكي بوجه عام والتراث الروماني بشكل خاص، والدين المسيحي، والجرمان.

كان لانتشار الديانة المسيحية تأثير كبير على مختلف نواحي الحياة الأوروبية في تلك الفترة، خاصة في الأمور السياسية والتشريعية والعلاقات الاجتماعية والمظاهر الفنية والأدبية والنشاطات العلمية، وهذا دليل واقعي وملموس على انتهاء العصور القديمة وبداية العصور الوسطى (المظلمة) ، وفترة العصور المظلمة في أوروبا لم تكن على نسق أو نظام واحد، فأحوال الدولة والناس كانت تتطور وتتبدل بمرور الزمن؛ لذلك قسم المؤرخون هذه العصور إلى ثلاث مراحل تختلف كل واحدة عن الأخرى من حيث الزمان والمكان، وهي على النحو الآتي:

  • المرحلة الأولى (300 / 1000م): امتدت هذه المرحلة على مدار سبعة قرون بداية من القرن الرابع وحتى نهاية القرن العاشر، وفيها قضى البرابرة الجرمان على الإمبراطورية الرومانية، وساد الفساد وعمت الفوضى أرجاء البلاد؛ لذلك أطلق المؤرخ كير على الفترة الأولى من هذه العصور اسم (العصور المظلمة) وأخذ عنه الكثيرون هذه التسمية.
  • المرحلة الثانية (1000 / 1300م): خلال هذه الفترة وقعت الحروب الصليبية التي شنتها أوروبا الغربية بزعامة البابوية على المشرق العربي والإسلامي.
  • المرحلة الثالثة (1300 / 1500م): فيها تغيرت نظرة شعوب أوروبا بالنسبة للملك وصلاحياته الواسعة، وابتكروا فكرة وجود مجلس يقاسمه تلك الصلاحيات وهو البرلمان، كما أزيحت جميع الأفكار القديمة المتعلقة بوجوب أن تكون أوروبا الغربية دولة واحدة يحكمها إمبراطور واحد وكنيسة واحدة.

سبب تسمية العصور المظلمة بهذا الاسم

يعود سبب تسمية العصور الوسطى بالعصور المظلمة أن بعض المؤرخين يرون أنها فترة كانت مليئة بالبرابرة الذين يفتقدون إلى الثقافة والتعليم، وكذلك أغلب حكامها من الطغاة المستبدين، ناهيك عن أن أكثر فئات الشعب هم من الفلاحين غير المتعلمين والمؤمنين بالخرافات والشعوذة، وكثير من المؤرخين يرون أن العصور المظلمة سادت الجزء الأول من العصور الوسطى مباشرة بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، وكان ذلك في القرنين الخامس والسادس، وهي فترة لم يرد عنها إلا القليل من المصادر المكتوبة لذلك ظلت كثير من المعلومات مجهولة وغير معلومة.

لذلك ارتأى البعض تسمية العصور الوسطى بالعصور المظلمة عندما وجدوا أن الثقافة الرومانية منذ عام (500 / 700م) شهدت حالة شديدة من التراجع والفساد، إذ أصبحت الحضارة الجديدة لغرب أوروبا بدائية وغير متطورة بسبب سيادة الجهل والهمجية، أما الحياة السياسية والاجتماعية فهي أقرب ما تكون إلى الفوضى وعدم التنظيم بسبب ضعف السلطة الحكومية، وهو الأمر الذي دفع بالبعض إلى القول إنّ أوروبا في العصور الوسطى كانت عبارة عن مجتمع نامي وبدائي.

جدل المؤرخين حول تسمية العصور المظلمة

لمدة طويلة استمر الاعتقاد أن العصور الوسطى على أنها عصور ظلام وتخلف، وكان هناك اعتقاد راسخ أنّ الفرد في غرب أوروبا ظل يغط في سبات عميق لعقود طويلة بعد سقوط القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية عام 476م، وهذا الأمر قد أدّى إلى جدل كبير بين المؤرخين حول جواز تسمية تلك العصور التي تلت سقوط الإمبراطورية الرومانية بالعصور المظلمة من عدمه، فنشأ فريقان من المؤرخين؛ فريق مؤيد لهذه التسمية وآخر معارض لها ، جدل المؤرخين حول تسمية العصور المظلمة، وهو الأمر الذي سنبينه لاحقًا على النحو الآتي.

آراء الفريق المؤيد لتسمية العصور المظلمة وحججهم

يبدو أنّ قادة الحركة الإنسانية للنهضة الإيطالية في القرن الخامس عشر وعلى رأسهم ريب فان وينكل (14/ 17م) وبعد حدوث النهضة الإيطالية الكبرى هم الذين ابتكروا تسمية العصور المظلمة على العصر الذي تلا سقوط الإمبراطورية الرومانية، ولأول مرة في التاريخ يتم إطلاق هذه التسمية من قبلهم، والسبب وفقًا لهم تلك الصورة المحزنة والكئيبة التي نقلت لهم عن الحياة التي عاشها أجدادهم في تلك الفترة، ومن ثم تكرر استخدام هذا المصطلح (العصور المظلمة) على يد المصلحين البروتستانت في القرن السادس عشر ميلادي، وكذلك استخدمه الفلاسفة الذين قادوا حركة الاستنارة في فرنسا في القرن الثامن عشر.

آراء الفريق المعارض لتسمية العصور المظلمة وحججهم

ذهب فريق آخر إلى معارضة استخدام مصطلح العصور المظلمة واستبدلوه بمصطلح آخر هو (العصور الوسطى) للدلالة على تلك الفترة التاريخية الطويلة التي شهدت الكثير من الجوانب الثقافية والروحية، وأشاروا إلى أنها عبارة عن فترة من الزمن فصلت بين العصور القديمة بحضارتها الإغريقية والرومانية وبين عصر النهضة، ولم يقروا أنها فترة تخلف وظلام.

في العصر الحديث هناك الكثيرون ممّن رفضوا تلك التسمية (العصور المظلمة)، واستبدلوها بالعصور الوسطى، ومنهم الكاتب والمؤرخ رون هلستر الذي يصف كل من يستخدم هذا المصطلح أنه من أنصاف المتعلمين، والسبب في ذلك يعود إلى أن تلك الفترة من الزمن تميزت بالكثير من الإبداع والتفكير العميق، وهي كذلك الفترة ذاتها التي ظهر فيها توما الأكويني ودانتي ونوتردام الباريسي، كما شهدت نشوء العديد من الكيانات مثل البرلمان والجامعات، لذلك من الصعوبة بمكان وصفها على أنها فترة ظلام أو عدم تحضر.

الوضع السياسي في العصور المظلمة

بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية على يد البرابرة في 476م، سادت حالة من الاضطراب والفوضى على المستوى السياسي، والتي كانت على النحو التالي:

انتقال المنطقة الأوروبية من الوحدة إلى التعددية والكثرة

حيث حلت الدول المتعددة مكان الإمبراطورية الواحدة، وتم تشكيل العديد من الممالك البربرية مثل: (مملكة الفرنجة في فرنسا، والقوط الغربيين في إسبانيا، والقوط الشرقيين في إيطاليا، والوندال في شمال أفريقيا).

السعي لتحقيق أهداف معينة

سعى العالم الأوروبي إلى تحقيق هدفين غاية في الأهمية هما الوحدة السياسية على أساس إعادة إحياء فكر الإمبراطورية، والوحدة الدينية من خلال إيجاد كنيسة أوروبية موحدة، غير أن القوى المتناحرة الدينية والمدنية منعت تحقيق تلك الأهداف.

السعي لتحقيق الأمن والسلام

استطاعت الطبقة السياسية الحاكمة آنذاك تحقيق الأمن والسلام بشكل نسبي من خلال إيجاد نوع من الوحدة السياسية الأوروبية كما كان عليه الحال في السابق، إلا أن الحظ لم يحالفهم كثيرًا، مثل محاولات (جستينان وشارلمان).

طبيعة الإمبراطورية الرومانية المقدسة

حيث خضعت لها جميع أجزاء أوروبا، وهو الأمر الذي يشير إلى عالميتها لأن فكرة القوميات أو الدول الوطنية الصغيرة لم تكن معروفة أو مفهومة في تلك الفترة الزمنية من تاريخ أوروبا.

التنافس بين السلطة الدينية والدنيوية

إنّ المسيحية كانت تمثل دولة واحدة يتولى حكمها (بتفويض من الله) شخصان هما البابا المختص بالشؤون الدينية، والإمبراطور المختص بالشؤون الدنيوية، ولكن لم تحدد سلطة كل منهم على نحو دقيق، لذلك سعى كل واحد منهما إلى أن تكون كلمته هي العليا على حساب الآخر، وهذا أدّى إلى أضعاف تلك القوتين مع انتهاء فترة العصور المظلمة.

النظام الإقطاعي في العصور المظلمة

اتصف النظام الإقطاعي في العصور المظلمة بعدة صفات أهمها:

  • العوامل التي ساعدت على ظهور النظام الإقطاعي: كانت عبارة عن عوامل ذاتية وذلك من جراء ضغط الأحداث التي كانت تمر بها أوروبا الغربية، دون أن يكون لهذا النظام قواعد محددة .
  • طبيعة النظام الإقطاعي: لم يكن له طبيعة واحدة فكان تارة نظامًا حربيًّا وتارة أخرى زراعيًا.
  • سبب نشوء النظام الإقطاعي: كان نشوء هذا النظام بسبب انعدام الحكم المركزي وإن وجد فهو نظام ضعيف لا يقوى على المواجهة مع تلك الطبقة من الأغنياء، لذلك كان من الطبيعي أن يلجأ الضعفاء من عامة الشعب إلى الإقطاعيين من أجل حمايتهم والدفاع عنهم.
  • استفادة الإقطاعيين وكبار القادة وملاك الأراضي من الأوضاع التي كانت سائدة: حيث عمد البعض منهم إلى تحصين بيوتهم وقصورهم في حين امتلك الآخرين منهم جيوش خاصة بهم، وعملوا على شراء الأراضي من الصغار الملاك فأصبحوا هؤلاء فيما بعد عبيدًا يعملون في أراضي الإقطاعيين وكبار الملاك مقابل حمايتهم.

الوضع الاقتصادي في العصور المظلمة

اتصف النظام الاقتصادي في العصور المظلمة بعدة صفات أهمها:

  • أصبح الوضع الاقتصادي في العصور المظلمة سيئًا للغاية: إذ اقتصر الاقتصاد على عمليات الغزو وفرض الضرائب وبيع الرقيق، كما أصبحت عمليات التنقل من أجل التجارة والبيع والشراء محفوفة بالمخاطر وباهظة التكاليف، وفي وقت لاحق حتى الغزوات أصبحت حروب دفاعية أكثر منها هجومية، وبالتالي لا تكون فيها أية غنائم.
  • فقدت النقود أهميتها ومكانتها: لذلك حل نظام المقايضة محل التعاملات النقدية ليصبح الشكل الاقتصادي الطبيعي في المعاملات.
  • تدني المستوى المعاشي للناس: اضطر الكثير من الناس إلى تقليل مستوى معيشتهم واحتياجاتهم وتعلموا كيفية الاعتماد على النفس للوصول إلى نظام الاكتفاء الذاتي.
  • منع استيراد المواد من الخارج: لم يتمكن أفراد المجتمع في تلك الفترة من استيراد المواد والاحتياجات الضرورية من الخارج، إذ لم يسمح إلا باستيراد بعض المواد القليلة والتي لا يتمكن أبناء المجتمع من إنتاجها محليا مثل (الأسلحة والملح والخمور).
  • احتكار العمليات النقدية: لم يكن مسموح لأحد من عامة الناس فتح أية مؤسسة مالية أو حتى جمع النقود، إذ اقتصر هذا النشاط فقط على السادة والأشراف وكبار ملاك الأراضي فهم وحدهم من يحق لهم ممارسة هذه الأعمال.

الوضع الاجتماعي في العصور المظلمة

اتصف الوضع الاجتماعي في العصور المظلمة بعدة أمور أهمها:

  • نظام الرق والعبودية في الإمبراطورية الرومانية: ساد نظام الرقيق والعبيد الإمبراطورية الرومانية في العصور القديمة، فالرقيق والعبيد كانوا هم الطبقة السائدة في أغلب مجتمعات الإمبراطورية.
  • نظام الرق والعبودية في العصور الوسطى: بدأت إعدادهم بالتناقص بشكل تدريجي، وذلك بسبب توقف الحروب الرومانية الاستيطانية، مما دفع ملاك الأراضي إلى توزيع أجزاء من أراضيهم على فئة يطلق عليها (الكولون) وهم الفلاحون المرتبطون بالأرض حيث يعملون فيها لقاء حصولهم على حصة من إنتاج تلك الأرض.
  • ظهور نظام الإقطاعيين: أصبح الإقطاعيون هم الطبقة الأولى المنتجة في أوروبا وعلى نحو واسع واستمر الوضع الاجتماعي في البلاد على هذا النحو حتى الفترة الأولى من العصور المظلمة.
  • العصور التي تلتها الفترة الأولى من العصور المظلمة: في هذه المرحلة انقسم المجتمع إلى ثلاث طبقات، لكل واحدة من هذه الطبقات أو الفئات عمل أو وظيفة عليها أن تؤديها داخل الدولة، وهذه الطبقات هي طبقة النبلاء وطبقة رجال الدين وطبقة الشعب.

الوضع الفكري والثقافي في العصور المظلمة

اتسم الوضع الفكري في فترة العصور المظلمة بالعديد من السمات أهمها:

  • سيطرة الديانات الوثنية: وهي الديانات القائمة على عبادة مجموعة متعددة من الآلهة وتقديس شخص الإمبراطور.
  • ظهور مجموعة جديدة من الفقهاء والمفكرين والعلماء: وهم الذين تولوا قيادة الحياة الثقافية والفكرية ومنهم الأسقف (جريجوري) الذي تولى الكتابة عن تاريخ الفرنجة وهو من أهم المصادر الثقافية لتلك الفترة، وكذلك (كلوفس).
  • لغة الكتابة: استخدم هؤلاء الكتاب اللغة اللاتينية البربرية غير الملتزمة بالقواعد النحوية واللغوية في كتاباتهم.
  • سمات الكتابة: إنّ أهم ما يميز تلك الكتابات المبالغة في سرد المعجزات والوقائع المخالفة للعقل والمنطق، وكانت كتاباتهم تُعبّر كثيرًا عن عالم القسوة والقوة الغاشمة والخيال والسحر والخرافة أكثر من الحقيقة والواقع.

أثر الدين والكنيسة في العصور المظلمة

خلال تلك العصور أخذت سلطة الحكومة تتضاءل لصالح رجال الدين، فأصبحوا هؤلاء هم المدافعون عن الناس والمطالبون بحقوقهم، ومن ثم آلت لهم كل الاختصاصات المدنية والاجتماعية وتولوا رعاية الفقراء والمرضى، وفي غرب أوروبا أصبح أسقف روما هو الأسمى مكانة على باقي أساقفة المدن الأخرى، ولكنه لم يحصل على لقب (البابا) حتى القرن الخامس للميلاد، وفي الفترة السابقة على هذا التاريخ كان كل واحد من الأساقفة يلقب (بالأب) أما أسقف روما فقد كان يلقب بالكاردينال بسبب المكانة الدينية التي يتمتع بها باعتباره خليفة القديس بطرس.

حاولت الكنيسة ممثلة برجال الدين (الإكليروس) السيطرة على عقول الناس في أوروبا والتأثير بهم من خلال توجيه تفكيرهم إلى الحياة الآخرة بطريقة ملهمة ومميزة، فأخذ الناس يفكرون أن الحياة الدنيا ما هي إلا مرحلة غير مهمة في حياة البشر، وأن المرحلة التي يجب منهم التركيز عليها والاهتمام بها هي حياة الآخرة، فأكدوا على الجانب الروحي للإنسان وأهملوا الجانب المادي له ووجوده في هذه الحياة، لكي يضمنوا الحصول على أفضل النتائج استخدموا الموسيقى والتراتيل في إيصال تلك الأفكار والمعتقدات من أجل تحقيق مكاسب غالبًا ما تكون ذاتية.

في الوقت ذاته أنشئت الكنيسة المدارس داخل الأديرة من أجل خدمة أهدافها التي تسعى إلى تحقيقها، فأصبح في كل دير يوجد مدرسة ومكتبة فيها العديد من الكتب والمؤلفات وعدد من النساخ، وهذا يدل على قوة الكنيسة مقابل الدولة، فدخلت الدولة ضمن ولاية الكنيسة الكاثوليكية حتى إنّ الكنسية كانت تستخدم اللغة اللاتينية في التعليم وليست اللغة الخاصة بالدولة، وبالتالي أصبح للكنيسة تحت زعامة البابوية سيطرة ونفوذ داخل المجتمع الأوروبي، وهذا الأمر أثّر بشكل كبير على الحياة السياسية والاقتصادية في الدولة.

بداية تحول العصور المظلمة

شهدت العصور المظلمة العديد من الأحداث والتحولات الكبيرة في مختلف أرجاء القارة الأوروبية، والتي أذنت لبداية تحول كبير في مسيرة حياة تلك الدول أو الممالك وأيضًا في حياة شعوبها، فكانت بداية لتحول كبير في تلك العصور على النحو الآتي:

الناحية السياسية

وقعت العديد من الأحداث التي تُشير إلى بداية التحولات في الناحية السياسة لدول وممالك القارة الأوروبية، لعل من أهمها ما حصل عام 1453م عندما أَسْقَطْت عاصمة الإمبراطورية المسيحية القسطنطينية على يد الأتراك العثمانيين وحلت محل تلك العاصمة عاصمة آسيوية إسلامية في تركيا، تختلف عن سابقتها من حيث العادات والتقاليد والدين المتبع فيها، كذلك شهدت تلك الفترة من الزمن توقّف حرب المئة عام التي كانت دائرة بين إنكلترا وفرنسا، ومنها انتشرت العديد من الحركات القومية في البلاد الأوروبية فكانت بالفعل بداية تحول كبير تشهده تلك الفترة الصعبة من تاريخ القارة الأوروبية.

الناحية الاقتصادية والاجتماعية

شهدت الناحية الاقتصادية والاجتماعية بداية تحول في المرحلة الأخيرة من العصور الوسطى المظلمة، لا سيما أن النشاط الاقتصادي الذي انكمش بداية تلك العصور عاد ليتحول إلى نظام يعتمد على الصناعة وبدأ بالانفتاح نحو النظم الرأسمالية وللمبادلة التجارية بين مختلف الدول، كما قامت العديد من الثورات البرجوازية التي أطاحت بالنظم والعلاقات الإقطاعية التي كانت سائدة وحلت محلها، فاستلموا الحكم وأداروا دفة السياسية وانفتحوا على التجارة في منطقة البحر المتوسط بعد أن كانت حكرًا على المسلمين، كما تم خلال تلك الفترة اكتشاف العديد من الطرق المؤدية إلى الهند وأمريكا فبدأت الحياة الاقتصادية تزدهر شيئًا فشيئًا.

الناحية الفكرية

بعد أن شهدت الفترة السابقة سيطرة الكنيسة ورجال الدين على جميع مفاصل الحياة الفكرية والثقافية وخضوع الناس للمعتقدات والأفكار التي روج لها رجال الدين خدمة لمصالحهم الشخصية، حدث تغير جذري وكبير في تفكير العقول الأوروبية، فانتقلت من التفكير ذي الطابع الديني إلى التفكير العلماني الذي بدأ يفصل الدين عن أمور الدولة الدنيوية، كما شهدت المجالات السياسة كذلك مجال العلوم والاقتصاد والفنون حركة نهضة واسعة تبدلت فيها الكثير من القيم والمفاهيم، وخلال تلك الفترة بدأت حركة الطباعة تزدهر وتنتشر فقامت بنشر الكثير من الأفكار التقدمية، كل تلك الملامح كانت تنم عن ولادة عصر تاريخي مختلف تمامًا عن العصور الوسطى (المظلمة)، وهو العصر الأوروبي الحديث.

قد يفيدك الاطلاع على مقال آخر عن الموضوع: تاريخ أوروبا في العصور الوسطى .

11تعليم
مزيد من المشاركات
أساليب الإدارة الرياضية الحديثة

أساليب الإدارة الرياضية الحديثة

أساليب الإدارة الرياضية الحديثة تعتبر الإدارة أحد العلوم التي لها مكانة رفيعة في الدول المتقدمة ، وتزداد أهميتها بازدياد الأعمال، أما الإدارة الرياضية الحديثة فهي المعرفة الدقيقة للغايات المراد من الأفراد الرياضيين تطبيقها، والتي يتم تنسيقها بالكيفية اللازمة وبأفضل الطرق والأساليب، من أجل تحقيق أهداف المؤسسة الرياضية العامة. أساليب الإدارة الرياضية تمتلك الإدارة الرياضية الحديثة عدداً من الطرق الأساليب، نوضحها تالياً: تقسيم طبيعة العمل الرياضي وهي فن تنسيق وتوزيع العمل بين الأفراد الرياضيين،
طريقة عمل كيك البراونيز

طريقة عمل كيك البراونيز

براونيز الشوكولاتة مدة التحضير 20 دقيقة تكفي لِ 6 أشخاص المكونات كوبان وربع من السكر ناعم الحبيبات. ثلثي الكوب من بودرة الكاكاو السادة. نصف كوب من الجوز المجروش. كوب وربع من الدقيق. ملعقة صغيرة من البيكنج باودر. ربع ملعقة صغيرة من بيكربونات الصودا. ملعقة صغيرة من الملح. ربع ملعقة صغيرة من الفانيلا السائلة. أربع حبات كبيرة من البيض. ثلاثة أرباع الكوب من الزبدة اللينة. طريقة التحضير تسخين الفرن إلى درجة حرارة ١٨٠مْ، وإحضار قالب وتبطينه بقطعة من ورق الزبدة. وضع السكر، الكاكاو، الدقيق، البيكينج
أين تقع الفاتيكان

أين تقع الفاتيكان

موقع الفاتيكان تُعد مدينة الفاتيكان أو ما يطلق عليها (Holy See) دولة موجودة في جنوب أوروبا، وهي منطقة حضرية غير ساحلية، وتقع بشكلٍ كامل داخل العاصمة الإيطالية روما ، وتبلغ مساحتها 0.44 كيلومتر مربع، وهي محاطة بشكلٍ كامل من مدينة روما، وتقع على الضفة الغربية لنهر التيبر، وهي أصغر دولة قومية مستقلة في العالم كما تُعتبر مقر الكنيسة الكاثوليكية الرومانية، كما يوجد فيها كنيسة القديس بطرس، والتي تم بُنيت في القرن الرابع، وأعيد بناؤها في القرن السادس عشر، وقد تم تشييدها على ضريح القديس بطرس، وهو ثاني
آثار الجهل على الفرد والمجتمع

آثار الجهل على الفرد والمجتمع

آثار الجهل على الفرد والمجتمع يُعتبر الجهل من الآفات الخطيرة التي قد تواجه المجتمعات، والتي تتسبب في أضرار هائلة على الصعيد الفردي، والمجتمعي، والتي تنعكس على شيوعها عدد من الآثار المتمثّلة في: الجهل يتسبب بفقدان الأشخاص عملهم، خاصّة عند الجهل بأخلاقيات المهنة. الجهل بأمور السلامة قد يتسبب بإحداث الحرائق. يقود الجهل لارتكاب الخطايا والمعاصي، خاصّة عند الجهل بشريعة الله عز وجل وقوانينه. صعوبة التمييز بين الخطأ والصواب، وعدم القدرة على إطلاق أحكام سليمة وصحيحة. الجهل من أكثر الأسباب الشائعة
وصفة قشر الرمان لإزالة الكرش

وصفة قشر الرمان لإزالة الكرش

الرمّان الرمّان هو فاكهة خريفيّة تنمو في إيران، ويعتبر من الفواكه الغنيّة بالفيتامينات والعناصر الهامّة لصحّة الجسم مثل: الكالسيوم، والبوتاسيوم، وفيتامين أ، وفيتامين ب5 وغيرها، ولعل أهم ما يميّزه هو أنّ فائدته لا تكمن فقط في بذوره، بل يشمل أيضاً قشوره. أثبتت الدراسات الحديثة أنّ قشر الرمّان من أهم قشور الفواكه التي يتم استخدامها في علاج العديد من الأمراض ولعل أهمها الوزن الزائد، وفي هذا المقال سنتحدث عن فوائد قشر الرمّان للكرش، ووصفات منه لإزالة الكرش ، بالإضافة إلى فوائده العامّة. فوائد قشر
الاجتهاد المقاصدي عند الصحابة

الاجتهاد المقاصدي عند الصحابة

الاجتهاد المقاصدي إن من أهداف الشريعة الإسلامية تحقيق سعادة الدارين ومصالح العباد بجلب المنافع ودرء المفاسد، وقد برز الاجتهاد المقاصدي والتنظر له مع الإمام الشاطبي من حيث نضوجه وتقعيده، إلا أن هناك من سبقه للتنظير لهذا العلم كالإمام الجويني والعز بن عبد السلام، وابن عاشور. ولا شك أن عصر الاجتهاد في زمن الصحابة كان ذو نظرة سابرة لامتلاكهم القدرات الذهنية في فهم اللغة ومراميها من جهة، ومعاصرتهم لنزول الوحي وفهم مغازيه من جهة أخرى. أمثلة على الاجتهاد المقاصدي عند الصحابة تبرز قيمة النظر المقاصدي
أين يوجد فيتامين أ

أين يوجد فيتامين أ

مصادر فيتامين أ المصادر الغذائية هناك نوعان من فيتامين أ في الطعام؛ النوع الأوّل هو فيتامين أ المُشَّكل (بالإنجليزيّة: Preformed vitamin A) الموجود في المنتجات الحيوانيّة؛ كاللحوم، والأسماك، والدواجن، ومُنتجات الألبان، أمّا النوع الثاني فيُسمّى بروفايتمين أ (Provitamin A)؛ ويُعدّ الشكلُ الأكثر شيوعاً لهذا النوع هو البيتا كاروتين (بالإنجليزيّة: Beta-carotene) الّذي يوجد في الأطعمة النباتيّة؛ كالخضار والفواكه، وفيما يأتي أهمُّ الأطعمة التي تحتوي فيتامين أ بنسبٍ جيّدة: البطاطا الحلوة: يوجد
ما هي نوبات الهلع

ما هي نوبات الهلع

نوبات الهلع نوبات الهلع حالة مؤقتة من الاضطراب أو عدم الاستقرار تَحدث في صورة هزّات مفاجئة تتسبّب في اضطرابٍ عامٍ في الأشياء وهلعاً لدى النّاس بدرجات مختلفة، وإنّ شدّة المفاجأة تجعل من المريض غير قادرٍ على تحديد نوعية بداية الاضطراب، هل هو في بسبب نفسيّ أو هو عضويّ، حيث لا يتذكّر سوى دقّات قلبه السريعة. أعراض الهلع هبوط مفاجئ في دقّات القلب. التنفّس القصير والمتقطع. برودة الجسد خصوصاً الأطراف والجبهة، والمصاحب للعرق البارد. تقلّصات في المنطقة أعلى البطن. ضعف عضلات القدمين واليدين؛ حتّى أنّه لا