معلومات عن الإلياذة والأوديسة
تعريف الإلياذة والأوديسة
تعرف الإلياذة بأنها من أشهر الملاحم الأدبية الهوميرية؛ وذلك نسبة إلى هومريوس، كاتب الملحمة، وهي في الأصل ملحمة يونانية، تُرجمت إلى معظم لغات العالم، لكنها موجودة بصيغة بالغة الدقة في اللغة الإنجليزية، فقد أرسى هوميروس قواعد وأسس الشعر الملحمي من خلال الشكل والمضمون، ويعود أصلها إلى اليونانية ونسبةً إلى مدينة تعني إليون، وهي عاصمة طروادة، والإلياذة هي الرؤية الملحمية والشعرية لحروب طروادة، وهي حروب نشبت بين اليونانيين والطرواديين لمدة عشر سنوات.
وتعد ترجمة الأديب والناقد سليمان البستاني من أدق الترجمات الشعرية العربية للإلياذة، وقد أثرى البستاني ترجمته بشروح تاريخية، وأدبية مطولة؛ بهدف تقديمها إلى القارئ العربي بطريقة سلسة، وخالية من التعقيدات.
أما الأوديّسة فكل شيءٍ متعلق بها يختلف عن الإلياذة؛ فهما تُعدان من الملاحم المتناقضة، وهذه المعلومة ظلت أفضل حجة تُساق للدلالة على أن القصيدتين من إبداع رجل عظيم، وفنان عبقري، استطاع أن يكتب ملحمتين متضادتين، وتتمحور قصة الأوديسة حول رجل يسعى إلى العودة إلى دياره، وفي طريق عودته يتحول إلى رمز للأرواح البشرية، يسعى إلى البحث عن معنى حياة البشرية.
وهذا الشخص هو أوديسيوس الذي يعرف ببحثه عن المعرفة من هذا القبيل في رحلاته؛ وسميت بالأوديسة نسبة إلى أوديسيوس، الذي يصبح رحالة، وينشغل في البحث عن أهم القضايا الفلسفية، وهذا التساؤل حول السبب الذي وجد لأجله، جسدت الأوديسة سعيه الدؤوب، للإجابة عن تساؤله.
والأوديسة هي إحدى ملاحم طروادة، اختلف المترجمون حول اسم بطلها، لكن غالبًا ما يسمى أوديسيوس، وعند المشارقة، يدعى عولس، قام المترجم دريني خشبة بترجمتها إلى العربية، وهي أشهر ترجمة عربية للأوديسة صدرت عن دار التنوير، وينبغي الإشارة إلى أن مفهوم الملحمة في الأدب ظهر بالتزامن مع الإلياذة والأوديسة، وبالتالي، تعد الإلياذة والأوديسة أول ملحمتين كتبتا في تاريخ الأدب، كونهما وسيلة لتوثيق الأحداث التاريخية، وبعدهما استكمل الكاتب كتابة الملاحم، كما أن تاريخ الفلسفة يبدأ مع الإلياذة والأوديسة وقصائد هوميروس.
كاتب الإلياذة والأوديسة
اختلف المؤرخون حول اسم مؤلف الإلياذة والأوديسة، ولكنهم اتفقوا على أن هومريوس هو لقب لُقِّب به لأمر عظيم أصابه في حياته فعُرف به، وأصبح يسمى بهوميروس بدلًا من اسمه، وهذا أمر معهود إلى حد بعيد، فهناك الكثير من الشعراء العرب الذين عُرفوا بألقابهم، وليس بأسمائهم، مثل المتنبي، والفرزدق، وغيرهم، واختلف النقاد والمترجمون حول معنى هوميروس، إلى حد بعيد، فبعضهم استنتج أنه لفظ من أصول يونانية، ويعني الرهينة في الحرب، أو الأسير، لكنهم لم يستطيعوا تحديد الحرب التي أُسر فيها، وفي معجم ألكسندر، ذُكر أن لفظ هومريوس هو مفردةٌ يُقصد بها الأعمى، في مدينة تدعى كومة وبها لُقب كاتب الإلياذة والأوديسة.
أما اسمه فأشهر الروايات تقول إنه كان ميونيذس أي ابن ميون؛ لأن ميون ملك ليديا تزوج والدته وهي كريثيس، والطفل على يدها فدعاه باسمه، ويعتقد أن أبا ذلك الطفل من الجن، وهذا رأي أسطوري، وهناك رواية أخرى مشهورة تقول إن والد هومريوس داماسوغوراس، ووالدته أثرا، وأما مسقط رأسه فهي مصر، وقيل: في آخر الروايات أن اسم هومريوس، هو ميليسا جينيس، وهذه الرواية لهريودوتس، وهي أكثر رواية موثوقة، بحسب رأي النقاد والأدباء.
عدد أبيات الإلياذة والأوديسة
الإلياذة، هي منظومة شعرية كتبت على البحر السداسي، وهو أحد البحور التي يُشاع استخدامها في نظم الملاحم الشعرية القديمة، ويزيد عدد أبيات الإلياذة على خمسة عشر ألف وخمسمائة بيت موزون، قُسّمت إلى أربعة وعشرين نشيدًا، وينبغي الإشارة إلى أن هذا التقسيم لا يعود إلى كاتب الإلياذة هوميروس، بل يُنسب إلى شخصية تدعى أريستاخوس، أجرت هذا التقسيم في القرن الثاني ق.م، بعد كتابة الإلياذة بفترة طويلة، أما عدد أبيات الأوديسة فقد اثنا عشر ألف بيت موزون، وتنقسم إلى أربعة وعشرين نشيدًا، وسبب هذا الانقسام هو ذلك السبب الذي قسمت على أساسه الإلياذة، والأوديسة وهو توزيع المنظومة المخطوطة بين صحائف متعددة.
شخصيات الإلياذة والأوديسة
شخصيات الإلياذة
فيما يأتي نُبذة مختصرة عن شخصيات الإلياذة:
الأبطال
بطل ملحمة الإلياذة هو الفارس آخيل، الذي يعد محور العمل الملحمي، وهو أهم الجنود الإغريق.
الشخصيات الثانوية
تظهر شخصية هكتور، شخصية ثانوية في الإلياذة، وهو أحد الفرسان إضافة إلى شخصية فطرقل، صديق آخيل، وباقي الجنود في الحرب.
شخصيات الأوديسة
فيما يأتي نُبذة مختصرة عن شخصيات الأوديسة:
الأبطال
بطل ملحمة الأوديسة هو أوديسيوس ملك جزيرة إيثاكيا الذي يعود من الحرب، وهو شخصية منتقاة من ملحمة الإلياذة أصلًا، تبدأ مغامرته وهو في طريق العودة.
الشخصيات الثانوية
تظهر شخصية تليماخوس، وهو ابن أوديسيوس، الذي يعرف بكونه شخصية عظيمة وينهمك في البحث عن أبيه، وتظهر شخصية بنيلوبا زوجة أوديسيوس التي تعرف بكونها زوجة وفية.
قصة الإلياذة والأوديسة
أحداث الإلياذة
تناولت الإلياذة أيامًا من السنة العاشرة لحصار مدينة إليون، وبنى هوميروس عليها منظومته، وشرع فيها بقوله:
ربة السعر عن آخيل بن فيلا
:::أنشدينا وأروي احتدامًا وبيلا
في هذا البيت إشارةٌ منه إلى أنه سيدور حول الاحتدام الذي حصل منذ اتقد إلى أن خمد، الملاحم والأشعار التي علق هوميروس؛ وأنتجت ما يقارب من الستة عشر ألف شطر أو شعرًا، ورغم هذا الحجم الهائل من عدد الأبيات، فإن الإلياذة خالية من الحشو، واللغو، ومجمل القصة أنه كان في جملة السبايا فتاةٌ جميلةٌ وقعت في الأسر بين يدي آخيل عنترة الإغريقي، فطلبها منه أغاممنون وهو زعيم الزعماء واستخلصها لنفسه، مما عمل على استشاطة غضب آخيل وكاد يبطش بأغاممنون، لولا أن ألهة الحكمة أثينا هبطت من السماء، وأبعدته فأحجم عنه، فاعتزل القتال هو وعشائره، وبعدها اشتدت الحرب بين الإغريق والطرواديين.
ورغم رفض تدخل آخيل في البداية، فإن عزيمة الطرواديين زادت؛ لامتناع آخيل عن التدخل، فنكّلوا بالإغريق في عدة مواقع، وكانت الغلبة لهم، فلما بدأوا يستثقلون غزو الإغريق أوفدوا الوفود؛ لاسترضاء آخيل لكنه زاد عتوًا وكبرًا، فانهارت هيبة هكتور زعيم الطرواد، وابن ملكهم فريام في نظر الإغريق، وما زالت تتوالى له الغلبة بعد الغلبة حتى كاد يحرق سفنهم، ويردهم خائبين.
وكان لآخيل صديق مقرب هو فطرقل، وهو فتى كريم، وجندي باسل، حاول إقناع آخيل بالمشاركة في الحرب، لكن من غير جدوى، وعندما اشتدت الحرب وكاد الطرواد يفتكون بالإغريق، دارت مبارزة بين هكتور زعيم الطرواديين، وفطرقل الذي حمل سلاح آخيل، وانتهت المبارزة بوفاة فطرقل، وعندما علم آخيل بموت فطرقل، ازداد حزنًا، ونهض للأخذ بالثأر فصالح أغاممنون، وأغار على الطرواديين، فبطش بهم بطشًا شديدًا، ولاذوا بالفرار، وتحصنوا في قلاعهم، وبعدها بارز آخيل هكتور فقتله، ولكنه ما لبث أن سكن جأشه، وهدأ غيظه، وانقلب ذلك الغيظ إلى رفق وعطف، فانتهت القصة بسكون وسلام، بعدما أن سلم جثة هكتور لأهله.
أحداث الأوديسة
تحتوي الأوديسة على قصص أقصر عن العودة للوطن، وتم تقديمها على هيئة ومضات ورائية، على سبيل المثال، في الكتاب الرابع يدور حوار طويل يصف هوميروس فيه مينلاوس ومغامراته عندما كان في طريق عودته للوطن، وكأنه إيجاز المغامرات أوديسيوس ذاته، وفي النصف الثاني من القصيدة، بعد أن يعود أوديسيوس للديار سالمًا، تأتي سلسلةٌ من الأحداث التي تعرف أنها طويلةٌ، ومتعاقبة من الحكايات المختلفة؛ وهي في الغالب روايات خيالية لرحلات أوديسيوس، بحسب وجهة نظر النقاد.
تُعطل قصص العودة للوطن الخيالية تطور السرد، ومن هذه القصص القصة الخيالية (apologue) الشهرية الواردة في الكتب المختلفة من التاسع وحتى الثاني عشر، رغم أنها تُثري القصة، وذلك من خلال العودة لبناء أحداث ماضية، سواء كانت حقيقيةً أم تخيُّلية، وبهذا فإنه يظهر أن الأوديسة ليست ملحمة تدور أحداثها حول قصة واحدة مثل الإلياذة، وإنما تضمنت مجموعة من القصص في عدة أناشيد وكتب، وتحتوي الإلياذة ومضات ورائية عابرة، ومن أهم الأمثلة على ذلك قصة سرد نبوءة الثعبان والطيور، أو سرد مآثر نيستور السابقة، ويميل هومريوس إلى إطالة قصته، ومفاجأة القارئ بالأحداث المميزة، والإسهاب فيها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن بناءها يظل على هيئة قصة نامية تتحرك من خلال أحداث معقدة، لكنها اتخذت من القصص الهامشية وسيلة للسرد، فتتوقف القصة بسبب التفرع في القصص الأخرى، وملحمة الأوديسة في بنيتها العميقة هي نوع من أنواع القصص الشعبية، وهو عودة الزوج إلى الديار، ولا يمكننا أن نعدّ الإلياذة من القصص الشعبية، لأنها تناولت موضوع الحرب، ويظهر فرق شاسع، وتناقض كبير في صياغة كل من الملحمتين.
وقت حدوث الإلياذة والأوديسة
يذكر المؤرخون أنّ الحرب التي كانت محور ملحمة الإلياذة، وقعت في القرن الثالث عشر قبل الميلاد أو في الثاني عشر قبل الميلاد، أما الإلياذة فترجع إلى القرن التاسع ق.م، وتقتصر على حوادث الشهر الأخير من هذه الحرب، وهي قصة حب وحرب يتصارع فيها الأبطال من بني البشر ومن الآلهة على السواء، أما وقت حدوث الأوديسة فتذكر المصادر أنها وقعت في أوائل القرن الثامن قبل الميلاد، وتحديدًا في فترة عُرفت بالعصر الحديدي.
نستنتج أن الإلياذة والأديسّة من أهم الملاحم ، كتبتا على شكل أبيات شعرية موزونة، وتعدان من أهم المصادر التاريخية للحروب اليونانية والطروادية، وقد ناقشتا أهم المسائل الفلسفية، والدينية لليونان.