معلومات عامة عن الأنبياء والرسل
معلومات عامة عن الأنبياء والرسل
عدد الأنبياء والرسل
لَمْ يرِد في القرآنِ الكريمِ شيءٌ عن عددِ الأنبياءِ والرُّسلِ الذينَ أرسَلَهُم الله -عز وجل- قَبل نَبِيّ الله مُحمد -صلى الله عليه وسلم-؛ لِحِكمَةٍ لا يَعْلَمُها سِواه -عز وجل-، وقال -تعالى- في ذلك في سورة غافر: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ)، وإنْ دَلّ هذا على شيءٍ فإنّما يَدُلّ على وُجُوبِ التّسليمِ بالإيمانِ بالرُّسلِ ما علمنا مِنهُم وما لَم نَعلَم أيّاً كان عددهم، أمّا في السّنةِ النّبوية فَقَد وَرَدَ فِيها سُؤالٌ لأحدِ الصّحابةِ عَن عددِ الأنبياءِ، فقد سأل الصحابيّ أبّو أمامة البهالي: (يا رسولَ اللهِ كم وفَّى عددُ الأنبياءِ؟ قال: مائةُ ألفٍ وأربعةُ وعشرون ألفًا)، ولكنّ هذهِ الرّواية ضعيفةٌ بضعفِ سَندها، وفي روايةٍ أُخرى أَورَدها الطبرانيُّ في كتابه المُعجم الوسيطِ أنّ رَجُلاً سألَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عن عددِ الرّسلِ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثَمِئةٍ وخمسةَ عَشَرَ)، والله أعلم.
الأنبياء الوارد ذكرهم في القران الكريم
وَرَدَ ذِكرُ خَمسةٍ وعشرينَ رسولاً في القُرآنِ الكريمِ، وهُم: سيدنا آدم وهوَ أوّلُهُم ، وسيدنا إبراهيم، وإسحاقَ، ويعقوبَ، ونوح، وداود، وسليمان، وأيوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وزكريا، ويحيى، وعيسى، وإلياسَ، وإسماعيل، واليَسَعْ، ويونس، ولوط، وإدريس، وهود، وصالح، وشعيب، وذو الكفل، وخاتمهم سيدنا محمد -عليهم الصلاة والسلام أجمعين-، والدليل على ذلك مِن القُرآنِ على النّحوِ الآتي:
- ثَمانيةَ عشر رَسولاً جُمِعُوا في آياتٍ أربعةٍ متتالية من سورةِ الأنعامِ، وهي قوله -تعالى-: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ* وَوَهَبنا لَهُ إِسحاقَ وَيَعقوبَ كُلًّا هَدَينا وَنوحًا هَدَينا مِن قَبلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ داوودَ وَسُلَيمانَ وَأَيّوبَ وَيوسُفَ وَموسى وَهارونَ وَكَذلِكَ نَجزِي المُحسِنينَ* وَزَكَرِيّا وَيَحيى وَعيسى وَإِلياسَ كُلٌّ مِنَ الصّالِحينَ* وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ).
- السبعة الباقون لم يُجمعوا في آياتٍ معينة، فجاء ذكر كلِّ واحدٍ منهم في موضع، وهم: سيدنا آدم -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ)، وإدريس -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَاذكُر فِي الكِتابِ إِدريسَ إِنَّهُ كانَ صِدّيقًا نَبِيًّا)، وهود -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ).
- وشعيب -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَإِلى مَديَنَ أَخاهُم شُعَيبًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ)، وصالح -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَإِلى ثَمودَ أَخاهُم صالِحًا)، وذا الكَفل -عليه السلام-؛ قال -تعالى-: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)، وخَاتِمُهم سيّدُ الأنبياءِ محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ قال -تعالى-: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ).
فضل الرسل وصفاتهم
اِجتَمَعَ أئِمَةُ الإسلامِ وعامَّته على تَفضِيلِ الأنبياءِ على غَيرِهِم مِن عبادِ اللهِ الصّالحينَ أو الصّادقين أو الشّهداء، فَتَفضِيلُ النّاسِ بعضهم على بعضٍ هو سُنّةٌ فِي الخَلِق، وأشار إليهِ القرآنُ الكريمُ في قولِه -تعالى-: (وَتِلكَ حُجَّتُنا آتَيناها إِبراهيمَ عَلى قَومِهِ نَرفَعُ دَرَجاتٍ مَن نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكيمٌ عَليمٌ)، كما فاضلَ بين الأنبياء أنفسِهم، إذ ليسَ الرّسلُ جميعهم سواءٌ في المرتبةِ والمنزلة عند الله -عز وجل-، فلكلِّ واحدٍ منهم قصة كفاحٍ في حملِ الرّسالة والجدّ في تبليغِ الدعوة أوصلته إلى منزلته التي تبوّأها، قال -تعالى-: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّـهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ)، ونذكر من فضائل ومميزات وصفات الرسل فيما يأتي:
- حُسن صفاتهم : فجميع الأنبياء والرّسل قلوبهم طاهرة، ولديهم الجاهزية والاستعداد لِحَملِ هذه الرّسالة العظيمة وتبليغها، وليسَ مِنهم مَن لا يستحقُ ذلكَ حاشاهم الله.
- تكليم الله لهم: حيث كلّم الله الأنبياء والرّسل بِنفسه أو أوحى إليهم عن طريق الوحي.
- العِصمَة: يَتميّزُ الأنبياءُ بِأنّهم مَعْصُوُمونَ مِن الذّنوبِ، مُطَهّرونَ مِن الرِّجس، يَتَبنّونَ منهجَ الأخلاقِ الحميدةِ، وكأنّهم مَنَابرُ مضيئةً للجاهلِ والآثم.
- المُعجِزات تَجري بَينَ أيديهِم: أيّد الله الأنبياء والرُّسلَ بِخوارقٍ للعادةِ، وأمدّهُم بِمعجِزاتٍ تَجري بَين أيديهم بياناً مِنه إلى أقوامِهم لِيهتَدوا إلى صِراطِهِ المستقيم.
- الوعدُ بالنّصرِ: الأنبياءُ مَوعودونَ بالنّصرِ الأكيدِ من الله -سبحانه وتعالى- على أعدائهم.
- تكذيب أقوامهم لهم: معظم الأنبياء والرّسلِ كَذَبَتْهُم وعانَدَتهُم واستَهْزَأَت بِهِم أقوامُهم.
- لهم أعلى المراتب في الجنة: الأنبياءُ والرّسل في أعلى مَراتٍب السُّعداءِ في الجّنة، إذ قال -تعالى-: (وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا)، فكان الأنبياءُ أعلاهُم -أوّلُهُم ذِكراً- ثم الصّديقون ثم الشّهداء ثم الصّالحون.
- أنّهم من الرّجال: إذ إن النّبوة صفةٌ يختصّ بها أبناء آدم، ولا يعني هذا أن المرأة لا تدعو الناس إلى الله، ولكن حمل الرسالة إلى أقوامٍ جاحدة بالله هي مهمة الرجال، لذلك كان الأنبياء من الرجال.
أولو العزم من الرسل
أُولو العَزْمِ مِن الرّسلِ خمسةٌ، هُم: سيدنا نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، بالإضافة إلى سيدنا محمد -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين-، وقد اتّصفوا بهذا الوصف في القرآن الكريم؛ إذ قالَ -تعالى-: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)، والعَزْمُ هنا هو العَزْمُ فِي الدّعوةِ إلى اللهِ، وفي معاني العزم يأتي الجّدُّ والثباتُ والصّبرُ على الشدائدِ، وإنّ مما لا شكَ فيهِ أنّ جميعَ الرّسلِ والأنبياءِ كانوا أصحابَ جَدٍّ وثباتٍ وصبرٍ، ولكنّ بعضهم تفوّقَ فيها فنَالَ هذهِ المرتبةَ العُليا.
وقدْ نُسِبَت هِذه الصّفةُ للأنبياءِ الخَمسةِ لِما لاحظَ العلماءُ ورودَ ذِكرِهم في القرآنِ مُجتمعينَ في أكثرِ مِن موضع؛ ومنها قوله -تعالى-: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)، وكذلك في قوله -تعالى-: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ). وأفضلُ أولي العَزْمِ سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي فضّلهُ اللهُ -جل جلاله- على سائِرِ الخَلقِ بمن فِيهم مِن أنبياءٍ وشهداءٍ وصالحين.
جوهر وأصول دعوة الرسل واحدة
إنّ جوهرَ وأصولِ دعوةِ الرّسلِ وعقائدها كلّها واحدةٌ، وفيما يأتي توضيح ذلك:
- جمعُيها تَدعوا إلى عِبادةِ ربٍ واحدٍ هو الله -عز وجل-.
- جَميعُها تُشجّعُ على الخَيرِ، وتَنهى عن الظُّلمِ والفسادِ، للرقيّ بالإنسانِ نَحوَ صلاحه، وتكوينُ مجتمعاتٍ صالحة.
- جميعُها جاءتْ موافقةً لِفطرَةِ الإنسانِ، وقواعدِ العقلِ، والسُّنَنِ الكونية .
- جميعُها تُشَكِّلُ مسيرةً متكاملةً، وترتبطُ ارتباطاً وثيقاً بِتقدّمُ الأزمانِ واختلافِ الحاجاتِ والعاداتِ، إذ أُرسِلَ الأنبياءُ والرّسلُ جميعُهم إلى أقوامٍ بعينهم، إلّا رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بُعِثَ لِيُتِمَّ الشرائعَ مِن قبلهِ، وليكونَ آخرَ المُرسَلينَ، فكانت رِسالَتُه لا تخصّ قوماً بعينِهم بل تخصّ النّاسَ أجمعين.
من معجزات الرسل
أيّد الله -عز وجل- أنبياءه بالمعجزات، وفيما يأتي ذكر بعض هذه المعجزات:
- معجزة صالح عليه السلام: أُرسِلَ نَبِيُّ اللهِ صالح -عليه السلام- إلى قومِ ثمود، فطلبوا مِنهُ أن يُخْرِجَ لهم ناقةً من صَخرةٍ في الأرضِ على أن تكونَ بِصفاتٍ معينةٍ، فصلّى ركعتينِ ودعا الله -عز وجل-، فاستجاب لهُ طلبه، واهتَزّتِ الصّخرةُ حتّى خَرَجَتْ منها النّاقةُ العشراءُ الجوفاءُ التي طلبوا، وجاءت القصة في القرآن، إذ قال -تعالى-: (قَد جاءَتكُم بَيِّنَةٌ مِن رَبِّكُم هـذِهِ ناقَةُ اللَّـهِ لَكُم آيَةً فَذَروها تَأكُل في أَرضِ اللَّـهِ وَلا تَمَسّوها بِسوءٍ)، وكانت نَاقةُ اللهِ هذهِ تَشْرَبُ المياهَ جميعاً، فيسقِي نبيُّ الله القومَ كلّهم مِنها لَبناً، ثم تَمتَنِعُ في اليومِ التّالي عن الشّربِ حتى تستقي أنعامُ القوم، وحذّرَهُم نبيّ الله صالح أن يؤذُوها، وتنتهي القصةُ بعقرهم للنّاقة ، ونزول العذاب بهم.
- معجزة إبراهيم عليه السلام: بُعِثَ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- في قومٍ يُمَجّدونَ الأصنامَ ويًقدّسونَها، وانتهى بهِ الحالُ بتحطيمِهِ لأصنامِهم إلا كبيرها، فاشتَاطوا منه غضباً وأرادوا أن يُلقُوهُ في النّار أمامَ كبيرِ آلهتهم ليبدوَ الأمر كما لو أنّه انتقم لنفسه ولبقية الأصنام المُحَطمة، فأمرَ الله -سبحانه وتعالى- النّارَ أن تكونَ برداً وسلاماً على إبراهيم، فبخعت أعين القوم مما شهٍدوا، وجاء ذكر القصة في القرآن؛ قال -تعالى-: (قالوا حَرِّقوهُ وَانصُروا آلِهَتَكُم إِن كُنتُم فاعِلينَ* قُلنا يا نارُ كوني بَردًا وَسَلامًا عَلى إِبراهيمَ).
- كما كان لإبراهيم -عليه السلام- آيةٌ أخرى جرت بينَ يديهِ وهي إحياءُ الموتى؛ إذ جاءَ ذكر الحادثةِ في القرآن الكريم أن إبراهيمَ -عليه السلام- سألَ الباري كيفَ يُحيي الموتى، فأحيا الله طيراً ميتاً بين يدي إبراهيم -عليه السلام-، قال -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا).
- معجزة موسى عليه السلام: بُعِثَ نبيُّ اللهِ موسى -عليه السلام- إلى قومِ فرعون مِن بني اسرائيل، وأيّدَهُ اللهُ -عز وجل- بِتِسعِ آياتٍ بيّناتٍ ، قال -تعالى-: (وَلَقَد آتَينا موسى تِسعَ آياتٍ بَيِّناتٍ)، وردت جميعها في القرآن وهي:
- أوّلاً: العصا الّتي تتحولُ إلى أفعى عِند إلقائِها على الأرضِ، قال -تعالى-: (قالَ أَلقِها يا موسى* فَأَلقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسعى). وكان مِن شأن العصا إبطالُ عملِ سَحَرَةِ فرعونَ.
- ثانياً: اليدُ البيضاء المُشعّة التي أذهلت الناظرين إليها، قال -تعالى-: (وَاضمُم يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخرُج بَيضاءَ مِن غَيرِ سوءٍ آيَةً أُخرى).
- ثالثاً: السّنين، وهو تعبيرٌ عمّا أصاب بني إسرائيل مِن شُحٍّ في المياهِ وقلّةِ الطعامِ، قال -تعالى-: (وَلَقَد أَخَذنا آلَ فِرعَونَ بِالسِّنينَ).
- رابعاً: انشقاقُ البحر لعبوره منه، قال -تعالى-: (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ).
- خامساً: الطوفان، وهو الموج الذي يَهدِمُ القُرى ويُفسِدُ المزارعَ.
- سادساً: الجراد، وهي حشرةٌ فتاكةٌ تأكلُ المحاصيلَ.
- سابعاً: القملُ، وهي حشرةٌ تستوطنُ الشّعرَ وتؤذي صاحبه.
- ثامناً: الضفادعُ، وهي برمئياتٌ تتكاثرُ بسرعة.
- تاسعاً: الدّم، إذ أصاب طعامهم وشرابهم، والسبعة الأواخر هي آياتٌ مِن العِقابِ أيّده الله بها على بني إسرائيل، قال -تعالى-: (فَأَرسَلنا عَلَيهِمُ الطّوفانَ وَالجَرادَ وَالقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاستَكبَروا وَكانوا قَومًا مُجرِمينَ).
- معجزة عيسى عليه السلام؛ أيَّدَ اللهُ -عز وجل- نبيّهُ عيسى -عليه السلام- بمعجزاتٍ وآياتٍ عدّة هي:
- الأولى: إبراءُ الأعمى والأبرص، أيّ أن الله يُجري شِفائهما على يديه بِمسحةٍ واحدة منه.
- الثانية: النّفخُ في الطينِ؛- بِأن يصنعَ منه مُجَسّماً على هيئةِ الطّير ثمّ ينفخُ فيه فيتحوّلُ مِن طينٍ إلى طيرٍ بإذنِ الله-.
- الثالثة: إحياءُ الموتى بإذن الله، إذ يُنادي على من في القبورِ فيجيبون، قال -تعالى-: (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى).
- الرابعة: الإخبار بما يدّخره الناس في بيوتهم، وهو شيءٌ من الغيب أطلعه الله عليه.
- الخامسة: تأييده بنزولِ المائدةِ من السماءِ لمّا طَلَبَ مِنه الحوارِيّونَ ذلك، قال -تعالى-: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّـهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ).
- معجزة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: يلاحظُ في سرد معجزاتِ الأنبياءِ السابقينَ أنّها معجزاتٌ محسوسةٌ يَنقَطِعُ أثرُها بموتِ النبيّ أو رفعهُ كما في حالةِ نبيُ الله عيسى -عليه السلام-، أمّا نبيُ الله محمد -صلى الله عليه وسلم- ولأنّه خاتمُ اللأنبياء شاء اللهُ -تبارك وتعالى- أن يَجعلَ لهُ معجزةً خالدة، ورسالةً مفتوحةً لكلِّ الأممِ حتّى يومُ القيامة؛ ألا وهي القرآن الكريم.
- والقرآنُ كتابٌ محفوظٌ لا يُخشَى عليهِ من دخولِ نقصٍ ولا زيادةٍ، وهو حُجّةٌ في اللغةِ، وحجّةٌ في العَقلِ لم يقوى مُحاجِجٌ عَبر الزّمان مِن إبطالِ شيءٍ منه، قال -تعالى-: (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
الحكمة من ارسال الانبياء الرسل
أرسَلَ اللهُ -عز وجل- الرّسل والأنبياءِ لتبليغِ الدّين، هذا الدّينُ الذي يَقومُ على عِبادةِ اللهِ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ويأمرُ بِتركِ عبادةِ الأصنامِ، وقدْ وردَ في القرآنِ ثلاث عشرة آيةً تَنُصّ على أنّ الحِكمةَ مِن إرسالِ الرُّسلِ هي لإبلاغ الناسِ دعوةَ اللهِ الحق، منها قوله -تعالى-: (وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ).
وأرسلهم ليدعوا النّاسَ لاتباعِ دينٍ واحدٍ هو الدّينُ الصّحيحُ دونَ التّفرّقِ فيه، إذ قال -تعالى- مُخَطِاباً أنبيائه الكرام: (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ)، ومن مهمّاتهم التي أرسلهم بها الباري: تبشيرُ المؤمنينَ بالجنةِ، وتحذيرُ المشركينَ والمجرمينَ مِنَ النّارِ، قال -تعالى-: (وَما نُرسِلُ المُرسَلينَ إِلّا مُبَشِّرينَ وَمُنذِرينَ)، كما شاءَ اللهُ ليجعلَ منهم قُدُوات حسنة، وأمثلةً عُليا يَتَطَلَّعُ إليها النّاسُ في حُسنِ صِفاتِهم، وأخلاقهم، وإخلاصهم في عبادة الله، إذ قال -تعالى-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)، وأوكل إليهم إدارةَ شؤونِ النّاسِ، وتدبيرَ أمورهم، والحكمُ بينهم بالحق، قال -تعالى-: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ).