مظاهر التجديد في العصر العباسي
مظاهر التجديد في الحياة السياسية
امتازت الحياة السياسية في العصر العباسي بمظاهر عديدة، ومن أهم هذه المظاهر ما يأتي:
- تغيرت العاصمة من دمشق لتصبح بغداد عاصمة الدولة العباسية ، وأصبحت مركزًا مهماً يؤمه الناس من كل مكان.
- أخذت الدولة العباسية الطابع الفارسي على النقيض من الدولة الأموية السابقة لها، إذ إن طابعها كان عربيًَا خالصًا، وقد بدا الطابع الفارسي في الدولة العباسية من خلال نظام الحكم وأخذ نظام الوزارة عنهم، كما ظهر على الطابع الخارجي في المظهر واللباس الخاص بالحاشية والقضاة والموظفين.
- امتاز العصر العباسي في النصف الثاني منه بالتفكك والانقسام، بحيث ظهرت الدويلات في أنحاء الدولة العباسية المختلفة مثل؛ الدولة الحمدانية في الشام، والدولة الفاطمية في مصر، والبويهية في العراق، والسامانية في فارس.
- ظهر الضعف والتحول الخطير في الدولة العباسية بعد دخول العنصر التركي وحلوله محل العنصر الفارسي.
مظاهر التجديد في الحياة الاجتماعية
تميز العصر العباسي بوجود مظاهر اجتماعية لم تكن موجودة، ومن هذه المظاهر:
- ظهور طبقتين في المجتمع أحدها تمتاز بالرخاء وسعة العيش، والأخرى تعيش ظروفًا صعبة وقاسية.
- تطور العمران وبناء القصور والمساجد الفاخرة، وتزيين العاصمة بالزينة التي لم تلقها مدينة عربية من قبل.
- شيوع مظاهر الترف والرفاهية في المجتمع العباسي بحيث ازدهر الشطرنج، والنرد، والصيد، والغناء بحيث ازداد الموسيقيون وتطورت آلاتهم وألحانهم.
- ازدادت الشعوبية بحيث أصبح العرب لا يقارنون مع الفرس وحسب، وإنما أصبحوا وجهًا للمقارنة مع الشعوب الخارجية الأخرى.
- ظهور الانحلال في شعب الدولة العباسية بسبب اختلاطه بالأمم الأخرى.
مظاهر التجديد في الحياة الثقافية
تطورت الحياة الثقافية في العصر العباسي على النحو الآتي:
- اهتم العباسيون باللغة العربية وعلومها اهتمامًا كبيرًا وذلك لأهميتها في فهم الدين، واقتصرت المناصب العليا في الدولة على العالمين بها والمتأدبين بآدابها، كما اهتم علماء اللغة بجمع الشعر الجاهلي ودراسته لحماية اللغة من المستعربين، وقد برز في علم النحو الخليل بن أحمد الفراهيدي وتلميذه سيبويه اللذين أسسا علم النحو.
- برز العديد من علماء الدين والتفسير في العصر العباسي ومنهم سفيان ابن عيينة، كما تأسست بعض المذاهب الفقهية مثل؛ مذهب الإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل، كما تألفت كتب الصحاح الستة في الحديث الشريف، التي تعد من أبرز المؤلفات في العصر العباسي .
- اهتم العباسيون بعلوم التاريخ وخاصة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة الرسل، كما كتبوا في تاريخ العرب الجاهلي والإسلامي وتاريخ الجزيرة العربية وما حولها وخاصة الفرس.
- ازدهرت مجالات العلوم الأخرى في الدولة العباسية وظهر العلماء في مختلف المجالات مثل؛ الجغرافيا، والفلك، والطب، والكيمياء، والرياضيات نتيجة لظهور الترجمة.
- نشطت الحياة الثقافية والأدبية وتم تقدير المعلمين وصرف رواتب لهم بحسب مكانتهم العلمية على الرغم من ضعف الدولة العباسية في آخر عهدها.
- ازدهر الشعر وبلغ أوج مراحله في الدولة العباسية، كما دخلت أساليب و خصائص جديدة في الشعر العباسي والعربي نتيجة لاختلاط الثقافات.
اتصال الثقافة العربية بالثقافات الأجنبية
لا شك بأن لاتصال الثقافة العربية بالثقافات الأجنبية دوراً في تطور الجانب العلمي والأدبي في العصر العباسي، فقد أدخل هذا الاتصال المعارف والعلوم الجديدة للعالم العربي، وفي نفس الوقت؛ قدم الكثير من الثقافة العربية والإسلامية لغير العرب من الفارسيين والهنود واليونانيين، وكان هذا الاتصال يتخذ شكلين أساسين هما؛ المشافهة، والنقل والترجمة، ولعل الثاني كان الأبرز في هذا المجال لاهتمام الخلفاء به.
حركة النقل والترجمة
تعد حركة النقل والترجمة من أهم أسباب تطور العصر العباسي ، وكانت وفق ما يلي:
- الدور الأول ويشمل ما قبل عهد المأمون: ازدهرت الترجمة في العهد العباسي ازدهاراً عظيماً، بفضل التوجه إلى تنشيط النقل والترجمة بالإضافة إلى العلوم الأخرى، وقام بها العديد من الخلفاء العباسيين وهم:
- الترجمة في ولاية الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور: الذي كان بارعاً في الفقه متقدماً في علم الفلسفة والفلك وبما يتصل بمعرفة أحوال النجوم، إضافة إلى إتقان الجدل والمحاورات لمجابهة فرق المجوس، والثنوية، والمجبرة، والحشوية، والسمنية، والمانوية، كما أن أبو جعفر المنصور وهو أول من راسل ملك الروم طالباً منه كتب -الحكمة- فبعث إليه كتاب إقليدس.
- دور الخليفة هارون الرشيد: اهتم هارون الرشيد بترجمة الكتب الأجنبية، ووسع ديوان الترجمة الذي أنشأه المنصور لنقل العلوم، كما تم تعريب الكتب التي وجدت في أنقرة وعمورية على يد كبير المترجمين يوحنا بن ماسويه، بالإضافة لنقل وترجمة كتاب- إقليدس (أصول الهندسة) على يد الحجاج بن يوسف بن مطر وترجمت الكثير من الكتب التي تم جلبها إلى دار الحكمة في عهده.
- الدور الثاني ويشمل عهد المأمون وما بعده:
- قام المأمون بتعزيز حركة النقل والترجمة حيث إنه أرسل أكثر من بعثة إلى القسطنطينية وبلاد الروم للحصول على كتب نادرة.
- أنشأ المأمون دار الحكمة التي كانت بمثابة كلية علمية، قُسمتْ إلى أقسام متعددة أهمها قسم الترجمة الذي يضم اللغات الأجنبية السائدة حينذاك مثل اليونانية، والفارسية، والسريانية، والهندية.
- لقيت حركة الترجمة التشجيع الكبير من الخلفاء والوزراء وخاصة في عهد الرشيد والمأمون كما جرت الترجمة عن لغات عديدة تولاها لبنانيون ومصريون وسوريون ومسلمون أو غير مسلمين ممن كانوا يتقنون لغة أجنبية إلى جانب العربية.
- كانت الترجمات ركيكة خضعت في مدة غير قصيرة لكثير من التصحيح والتدقيق والمراجعة على يد علماء ومثقفين تمكنوا من تصحيح ما فيها من أخطاء عن طريق العقل السليم والمدارك الواسعة والتجربة العملية.
مظاهر التجديد في الحياة الأدبية
الحياة الأدبية الشعرية
- التجديد في الأغراض القديمة: وتشمل ما يلي:
- المديح: أصبحت قصائد المديح وثائق تاريخية لأنها تصف الحروب والفتن الداخلية والثورات، وأبرزت أروع المعاني الإسلامية التي تسعى إلى الاهتمام بالفضائل المعنوية؛ كرزانة العقل والحكمة وسداد الرأي، كما انتشرت ظاهرة مدح المدن والتعصب لها، وظهر الشعر الذي يمدح الأحزاب السياسية والتعصب لفئة منها ووصلت المبالغة إلى حد يفسد معه معنى المديح.
- الهجاء: اتجه الهجاء في العصر العباسي اتجاهاً جديداً يحمل في طياته الفساد وتتبع العورات، وبسبب الحياة اللينة والرغيدة والفراغ وحاجة الناس إلى المسامرة فقد اتجه الهجاء إلى إضحاك الناس والسخرية منهم، واتباع المذاهب الوثنية المنحرفة.
- الرثاء: اتجه الرثاء اتجاهاً جديداً وهو رثاء المدن الزائلة التي تعرضت للخراب ونزلت بها الكوارث، ورثاء الحيوانات بعد موتها والحزن على فقدها، واتجه الشعراء إلى استجلاب مشاعر الناس وعواطفهم في رثاء الملوك والقادة لإثارة الحمية في النفوس، وبسبب الامتزاج الثقافي دخلت لغة الشعراء بعض الألفاظ الأجنبية لا سيما الفارسية.
- الوصف: تميز شعر الوصف بالدقة والتفصيل والتجديد بالتشبيه والاستعارة، وتحّول الشعراء من وصف المظاهر الحضارية القديمة إلى وصف الريــاض المزهــرة والأمطــار والســحب والحيــوان والطيــر والقصـور والبسـاتين وغيـر ذلــك ممـا جـاءت بـه الحضـارة العباسـية، ونبــغ فيــه أبــو نواس فوصف كلاب الصيد وآلاته، ورحلاته التي كان يقوم بها وتحدث عـن لذاتـه ولهـوه فـي أيـام صـيده.
استحداث أغراض شعرية جديدة: ظهر في العصر العباسي أنواع جديدة ومستحدثة من الشعر، فمن مظاهر التجديد في الشعر العباسي :
- الغزل بالمذكر والهجاء بالزندقة: هو شعر تم تطويره من شعر الغزل والهجاء لكن لم تكن معروفة لدى الشعراء سابقاً لذلك نعدها أغراضاً شعرية جديدة.
- الشعر التعليمي: أصبح الشاعر ينظم القصص والمعارف والعلوم والسير والأخبار، وقد استحدث أبان بن عبد الحميد هذا الفن الشعري الجديد حيث نظم قصص كتاب كليلة ودمنة.
- شعر النوادر والفكاهات: ظهرت هذه الأشعار وكانت تقال في مجالس اللهو والسمر.
- شعر الزهد: وهو نوع من الفن الذي صور الحياة الدنيا على أنها دار ممر لا تستحق ما نقوم به من أجلها فهي فانية وزائلة والطريق إلى دار الخلود.
- تعبير الشعر عن حياة الفرد: استمر الشعراء العباسيون باستخدام الأغراض الشعرية القديمة من مديح ورثاء وهجاء ونسيب وفخر مع استحداث التجديدات التي طرأت على العصر العباسي الحديث، وإضافة آثار الحضارة الجديدة ومطالب الأمراء والخلفاء، وبالغوا في تجديد المديح بشكل خاص وتمجيد ممدوحيهم والثناء عليهم بأكرم الخلال وأنبل الصفات سواء أكانت صدقًا أم كذبًا.
- الصنعة الأسلوبية، ألفاظ الشعر وأساليبه: ظهر التجديد في ألفاظ الشعر وأساليبه نظرًا لعوامل عديدة وهي:
- الحضارة: أثرت الحضارة على رقة الشعر وأساليبه والابتعاد عن الألفاظ الغريبة والركيكة مما جعل ألفاظ الشعر تسيل رقة وجمالًا.
- الغناء: اتجه الشعراء إلى اختيار الألفاظ الرشيقة والأوزان المستحدثة القصيرة لتتناسب مع الغناء الذي كان مطلبًا في المجالس المهمة.
- اختلاط العرب بغيرهم: أدى الاختلاط مع غير العرب إلى دخول بعض الألفاظ الأجنبية وشيوع المصطلحات العلمية على ألسنة الشعراء بعدما كانت حكرًا على الفلاسفة والعلماء.
- المعاني:
- قام الشعراء بتجديد بعض المعاني القديمة بالزيادة أو الإيجاز.
- ابتكار بعض المعاني ودقتها واستقصائها.
- زيادة الصور الشعرية وبراعة الخيال فيها.
- ظهور أثر الفلسفة والعلوم على الشعر.
- الميل إلى المبالغة وكثرة الحكم والأمثال والتهويل.
- المبنى الشعري والأوزان والقوافي: مالت القصائد في العصر العباسي إلى القصر والسهولة واستحدثت البحور الشعرية القصيرة مثل؛ بحـر الهـزج والمجتـث والمقتضب كما ظهرت البحور المجزوءة في بحور الوافر والكامل والبسيط والخفيف.
- تعدد اتجاهات الشعر: فظهرت العديد من الاتجاهات مثل الاتجاه العقلي وبرز فيه ابن الرومي ، والاتجاه البديعي وبرز فيه ابن المعتز، وتصوير الطبيعة وبرز فيه الصنوبر، والتعبير عن الذات وبرز فيه المتنبي، والتفكير الفلسفي وبرز فيه المعّري.
- ومن أعلام الشعر العباسي: ظهر العديد من الأدباء في العصر العباسي ، أبرزهم:
- بشار بن برد.
- أبو نواس.
- أبو العتاهية.
- مسلم بن وليد.
- أبو تمام.
- دعبل الخواعي.
- البحتري.
- ابن الرومي.
- ابن معتز.
- أبو فراس الحمداني .
- المتنبي.
- الشريف الرضي.
- أبو العلاء المعري.
- ابن الفارض.
الحياة الأدبية النثرية
تطورت الحياة الأدبية وظهر العديد من النوابغ في الشعر والكتابة واتسـم نتاجهم المنظوم والمنشور بكثير من ملامح الحدة والطرافة، وشملت كلًا من:
- الخطابة: تميزت الخطابة في العصر العباسي ، وشهدت تطورًا كبيرًا نتيجة اعتلاء العباسيين سدة الحكم ورغبتهم في كسب الود السياسي عن طريق خطاباتهم، وزيادة حماس الجيوش.
- الكتابة الفنية: يعد العصر العباسي العصر الذهبي للكتابة الفنية، فقد ظهرت فيه الرسائل الديوانية، والرسائل الإخوانية والرسائل الأدبية، وتعود الرسائل الديوانية للدواوين التي تم إنشاؤها في العصر العباسي مثل ديوان الجيش والنفقات وغيرها، أما الرسائل الإخوانية فهي التي تبعث في المناسبات بين الإخوة والأصدقاء، أما الرسائل الأدبية فهي التي تتحدث في المواضيع الأدبية المختلفة.
- التوقيعات: كانت التوقيعات موجودة في العصر الأموي، إلا أنها شهدت تطورًا في العصر العباسي، وهي رد صغير من الحاكم، أو أن يكتب في نهاية الرسالة ويعمل بمقتضاه، ولا تعني التوقيعات الإمضاء بل هي شروحات مختصرة للمعلومات الواردة.
- الأساليب النثرية: برزت العديد من الأساليب النثرية في العصر العباسي وأصبحت فنًا بحد ذاته مثل الشعر ، وهي على عدة طبقات كما يلي:
- الطبقة الأول: إمام هذه الطبقة هو ابن المقفع وتمتاز بتنويع العبارات والزهد في السجع.
- الطبقة الثانية: وأشهر كتاب هذه الطبقة هو الجاحظ، وتمتاز بالاستطراد ومزج الجد بالهزل والإكثار من الجمل الاعتراضية.
- الطبقة الثالثة: أشهر كتاب هذه الطبقة هو ابن العميد وتمتاز بكثرة السجع بجمل قصيرة والتوسع في الخيال والتشبيهات.
- الطبقة الرابعة: أشهر الكتاب في هذه الطبقة هو القاضي الفضل، وهي مشابهة للطبقة الثالثة في استخدام السجع والمحسنات البديعية إلا أنها بالغت في الجناس والألفاظ المنمقة حتى على حساب المعنى.
- المقامات: عرفت المقامات في العهد الأموي بأنها أحاديث زهدية تروى في مجالس الخلفاء، ثم تحول بعد ذلك معنى المقامة ليمثل بناء حكائيّ أو قصصيّ يعكس تغيّر الكثير من القيم الأخلاقيّة في العصر العباسي، وتُطرح بأسلوبٍ أدبيّ مسجوع متأنق في اختيار الألفاظ وإبراز المعاني.
مظاهر التغيير السلبية في العصر العباسي
ظهرت العديد من المظاهر السلبية في العصر العباسي بحيث تفككت الدولة إلى دويلات صغيرة نتيجة دخول الشعوب الغريبة إليها وتعدد الأحزاب والصراعات التي نتجت عنها، ومن أبرز المظاهر السلبية هي التيارات الحيوية التي ظهرت في العصر العباسي، على الأشكال الآتية:
- الصراع والتيار الشعوبي: هو تيار يدعو لإنهاء الصراع بين أفراد وفئات الشعب المختلفة في الدولة العباسية.
- تيار المجون: هو تيار ظهر في بداية القرن الثاني الهجري، وتمثل فيه مبدأ الخروج عن الشرع والمجاهرة بالإثم.
- تيار الزهد والتصوف: هو تيار يدعو إلى ترك الأمور الدنيوية والالتزام بالدين.
أسباب التجديد
حدث التجديد في العصر العباسي في جوانب الحياة المختلفة، والتي جعلت العصر العباسي حقبة مميزة في تاريخ العرب، ومن هذه الجوانب كان الجانب السياسي والحضاري التي دفعت الأمة للتجديد كما يلي:
الإطار السياسي والاقتصادي والحضاري
- ابتعاد العباسيين عن سياسة الأمويين في تمجيد العرق العربي.
- استغلال العباسيين تعصب الأمويين نحو العرق العربي في الدعوة إلى مساواة العرب مع الموالي.
- انقسام الدولة في العصر العباسي إلى أحزاب وشعوب تحمل مبادئ مختلفة.
الإطار الفكري
- نظم العباسيون الأغراض الشعرية القديمة التي كانت سائدة في العصر الجاهلي والأموي والإسلامي، وطوروها بعد ذلك.
- ساهم العباسيون في تحقيق التقدم العلمي وزيادة التحضر لدى الشعب في العصر العباسي.
تاريخ الخلافة العباسية بإيجاز
مرت الدولة العباسية أثناء فترة سيادتها الطويلة بعهدين؛ هما عهد قوة عاش فيه الخليفة عزيز السلطان مهيب الجانب، ويعرف بالعهد الذهبي الذي يصف القرنين الثاني والثالث الهجري، إنما في العهد الثاني للدولة العباسية في القرن الرابع الهجري ظهر الانحلال السياسي الذي تخاذل فيه الخلفاء وضعفت في أيامهم هيبة الحكم، وبدأ التفكك في جوانب الدولة بحيث غدت بلاد فارس في حوزة بني بويه، والموصل وديار بكر وديار ربيعة ومضر في أيدي بني حمدان، ومصر والشام في قبضة محمد بن طنج ثم الفاطميين.
ولم يصحب التفكك السياسي في الدولة العباسية تقهقرًا حضاريًا ولا تخلفًا علمياً، فقد تعددت المدن الحضارية في أنحائها من العراق والحجاز وحلب والشام إلى سمرقند في بلاد ما وراء النهر.
الخلاصة
مرت الدولة العباسية بمراحل تطور وحضارة جلبت إليها العلماء والمترجمون وازدهر فيها الشعراء الذين طوروا الشعر في ألفاظه وأساليبه المختلفة، وظهر الترف ومجالس الغناء كمظهر جديد في الدولة، ونتيجة لدخول الشعوب الغريبة والفارسية إلى أنحائها فقد ظهرت الأحزاب السياسية والانحلال بين أفرادها لتنتهي في مرحلة التفكك التي انتهت بتقسيمها إلى دويلات حكمتها جهات مختلفة لتنتهي فترة الخلافة العباسية بعد هذا الضعف.