مظاهر الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما
مظاهر الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما
لا ينقطع بر الوالدين بوفاتهما، بل تتعدد مظاهر وطرق برهما بعد موتهما، ومنها:
الدعاء لهما
الدعاء للوالدين والاستغفار لهما من مظاهر البرّ المستحبة والمطلوبة، سواء الأحياء منهم والأموات، فهو سبب استمرار العمل للعبد في الدنيا بعد موته، فيزيده أجرًا ويرفعه منزلةً وينال به رضا الله -تعالى-ومغفرته، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) .
الصدقة عن روحيهما
منّ الله علينا بأنْ جعل أجر الصدقات لا يتوقف عند الأحياء، إذ يستطيع المسلم التصدق عن أمواته والإحسان إليهم لينالوا الأجر والثواب، والدليل على ذلك ما جاء في الحديث: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وأَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَهلْ لَهَا أجْرٌ إنْ تَصَدَّقْتُ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ)، ومن صور الصدقة:
- إطعام المساكين.
- التصدق على الفقراء والمحتاجين.
- بناء الآبار والمساجد والصروح التعليمية.
- كفالة اليتيم.
- كفالة طلاب العلم والتكفل بتدريسهم.
- إطعام الحيوانات وسقايتها.
صلة رحمهما
عظّم الله -تعالى- صلة الرحم ، وجعل لها أجرًا عظيمًا، نظرًا لأهميتها في تكوين المجتمع المتعاون والمتكافل، ومن مظاهر البر بالوالدين وصل أرحامهما، والإحسان لهم، كزيارة إخوانهم وأخواتهم، ومساندتهم عند الشدائد وإكرام أصدقائهم والاطمئنان عنهم، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- : (إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ صِلَةُ الْوَلَدِ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ).
تنفيذ وصيتهما
إذا ترك أحد الوالدين وصية بعد موتهما فمن الواجب على الابن تنفيذها إذا استوفت شروط الوصية، ويدل على ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ).
قضاء ديونهما والوفاء بنذورهم
من واجب الفرد قضاء الحقوق لأصحابها، وإلّا سُئل عنها في الآخرة، ومن رحمة الله علينا أن الدين يسقُط إذا قضاهُ أحد عنّا بعد موتِنا، وكذلك الأمر بالنسبة للنذر فهو حقٌ لله إذا وافت المنية الشخص قبل إتمامه سيسأل عنه يوم القيامة إلا إذا قضاه شخص آخر عنه.
الصلاح والتقرب إلى الله
إن من أفضل ما قد يقدمه الابن لوالديه في حياتهما وبعد موتهما صلاحه هو نفسه، وإكثاره من العمل الصالح الذي سيزيدُ في ميزانِ والديه على قَدر فعله الحَسن، وقد استنبط بعض العلماء هذا المعنى من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً) .
وقد قال -تعالى- ذاكراً أجر الآباء والأبناء المؤمنين في الآخرة: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ ۚ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ).
أهمية بر الوالدين بعد موتهما
قرن الله حق الوالدين بحقه -سبحانه وتعالى-، فقال: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَريمًا* وَاخفِض لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحمَةِ وَقُل رَبِّ ارحَمهُما كَما رَبَّياني صَغيرً) ، فدّل ذلك على أهمية بر الوالدين الذي لا يقتصر في حياتهما فقط، بل يتعدى إلى ما بعد موتهما، فالإنسان أحوج ما يكون إلى الحسنات والأجور بعد موته وانقاع عمله.