مضاعفات مرض الجذام
مرض الجذام
يمكن تعريف مرض الجذام (بالإنجليزية: Leprosy) على أنّه مرض مزمن يظهر نتيجة التعرض لعدوى بكتيرية تُعرف بالمتفطرة الجذامية (بالإنجليزية: Mycobacterium leprae)، وفي الحقيقة يُعدّ مرض الجذام من أقدم الأمراض التي عُرفت عبر التاريخ، إذ يعود أول تاريخ هذا الداء لما يقارب 600 قبل الميلاد بحسب نتائج منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization)، ومن الجدير بالذكر انّ أكثر المناطق التي ينتشر فيها هذا الداء هي المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، أمّا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقد قُدّر عدد حالات الإصابة بها بحسب الإحصائيات المجراة بما يُقارب 100-200 حالة سنوياً. تُصيب بكتيريا المتفطرة الجذامية الجسم في أجزاء محددة في الغالب، وعادة ما تُصيب الجهاز التنفسيّ ، والأعصاب الموجودة في الأطراف، وبطانة الأنف. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الداء ينتقل عن طريق الاتصال بمخاط الشخص المصاب، كما هو الحال عند سعال المصاب أو عطاسه ، ولكن يجدر التنويه إلى أنّ مرض الجذام لا يُعدّ مُعدياً بشكلٍ كبير، فلا بُدّ من تحقيق التواصل مع المصاب والتعرض لمخاطه بدرجة عالية لاكتساب عدوى الجذام، وممّا يجدر ذكره كذلك أنّ البكتيريا المُسبّبة للجذام بطيئة التكاثر، ولعلّ هذا ما يُفسر طول الفترة الممتدة ما بين لحظة الإصابة بها ولحظة ظهور الأعراض، والتي تُقدّر بمدة قد تصل إلى خمس سنوات، وتُعرف هذه الفترة بفترة حضانة المرض (بالإنجليزية: Incubation Period).
مضاعفات مرض الجذام
هناك بعض المضاعفات التي يمكن أن تحدث في حال المعاناة من مرض الجذام ، يمكن إجمال أهمّها فيما يأتي:
- على مستوى الأعصاب: غالباً ما تتمثل المضاعفات التي تحدث على مستوى الأعصاب بمعاناة المصاب من اعتلال الأعصاب المحيطية (بالإنجليزية: Peripheral neuropathy)، ويمكن تعريف هذا الاعتلال على أنّه مواجهة المصاب مشكلة في حاسة اللمس والقدرة على الإحساس بالأطراف، ممّا يترتب عليه فقدان قدرة المصاب على الإحساس بالحرارة والألم، ويمكن تبسيط ذلك بقولنا إنّ المصاب لا يشعر بالجروح أو الحروق أو الضربات التي يتعرض لها في حال عدم مشاهدته لها، فالإحساس في أجزائه المتأثرة يكاد يكون معدوماً.
- على مستوى العضلات: يتسبب مرض الجذام بمعاناة المصاب من ضعف في عضلات جسمه، وهذا ما يتسبب بحدوث بعض التشوهات، ومنها ما هو على مستوى اليد، فنرى المصابين بالجذام يُعانون من عدم القدرة على مدّ الإصبعين الرابع والخامس من اليد، واستمرار هذين الإصبعين بوضعية تُشبه شكلهما عند قبض اليد، وذلك بسبب تأثر العصب المعروف بالعصب الزنديّ (بالإنجليزية: Ulnar nerve)، ومن التشوهات المتعلقة بالعضلات كذلك ما يُعرف بتدلي القدم (بالإنجليزية: Foot Drop) نتيجة لتأثير الجذام في العصب المعروف بالعصب الشظويّ (بالإنجليزية: Peroneal nerve).
- على مستوى العيون: يتسبب الجذام بإصابة الشخص بالتهاب القزحية (بالإنجليزية: Iritis) والذي يزيد من فرصة معاناة الشخص من المياه الزرقاء أو الغلوكوما (بالإنجليزية: Glaucoma)، هذا بالإضافة إلى احتمالية تسبب الجذام بعمى المصاب.
- على مستوى الأنف: يُتلف مرض الجذام الغشاء المخاطيّ للأنف (بالإنجليزية: Nasal Mucosa)، ممّا يتسبب بمعاناة المصاب من نزيف الأنف واحتقانه، وفي الحالات التي يُترك فيها دون علاج فإنّ هذه المضاعفات تزيد الأمر سوءاً، وتتسبب بتدمير الحاجز الأنفيّ المعروف علمياً بالوتيرة (بالإنجليزية: Nasal Septum).
- على مستوى الأداء الجنسي: يتسبب مرض الجذام بانخفاض مستوى هرمون التستوستيرون (بالإنجليزية: Testosterone) وانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية من الخصيتين، ولهذا يُعاني المصابون ببعض أشكال الجذام من مشاكل في الانتصاب وقد يصل الأمر إلى العقم.
- على مستوى القدم: قد يُعاني المصابون بالجذام من ظهور قروح في باطن القدم ، ممّا يُضعف قدرتهم على المشي نتيجة الآلام التي تتسبب بها هذه القروح.
- على مستوى الكلى: قد تتسبب بعض أنواع الجذام بمعاناة المصاب من الداء النشواني (بالإنجليزية: Amyloidosis) وكذلك من الفشل الكلويّ (بالإنجليزية: Renal failure).
علاج مرض الجذام
إنّ علاج مرض الجذام أمر ممكن، ففي العقدين الماضيين تمّ علاج ما يُقارب 16 مليون مصاب بالجذام، ومن الخيارات العلاجية الممكنة ما يأتي:
- المضادات الحيوية: يمكن السيطرة على الجذام بإعطاء المصاب بعض المضادات الحيوية لمدة تتراوح ما بين ستة أشهر وعام، وقد يستغرق العلاج باستخدام المضادات الحيوية فترة أطول في الحالات الخطيرة، وغالباً ما يتم استخدام نوعين أو أكثر من المضادات الحيوية الآتية:
- دابسون (بالإنجليزية: Dapsone)، ويُعدّ هذا المضاد آمناً بشكل عامّ، ولكن قد يتسبب بحدوث بعض الآثار الجانبية، مثل انحلال الدم (بالإنجليزية: Hemolysis)، وفقر الدم (بالإنجليزية: Anemia).
- ريفامبيسين (بالإنجليزية: Rifampicin)، ويُعتبر المضاد الحيويّ الأول في علاج الجذام، ولكن لا يُستخدم في بعض الحالات لأنّه غالي الثمن، ومن الآثار الجانبية التي قد تترتب على استخدامه تسمم الكبد (بالإنجليزية: Hepatotoxicity)، وأعراض تشبه الإنفلونزا، وقد يتسبب في حالات نادرة بفشل الكلى وانخفاض عدد الصفائح الدموية .
- كلوفازيمين (بالإنجليزية: Clofazimine)، ويُعدّ هذا المضاد آمناً للغاية، ولا يتسبب بأكثر من إحداث اختلالات على مستوى تصبغ الجلد، ولكن غالباً ما تستغرق هذه الاضطرابات شهوراً حتى تختفي.
- مضادات الالتهاب: ومن الأمثلة عليها الستيرويدات (بالإنجليزية: Steroids)، وتُستخدم للسيطرة على التلف العصبيّ الذي يحدثه الجذام.
- دواء ثاليدوميد: ويقوم هذا الدواء بتثبيط جهاز المناعة، ولكن يجدر التنبيه إلى أنّ استعمال هذا الدواء من قبل الحوامل أو النساء اللاتي يُخطّطن للحمل أمر مممنوع قطعياً، لما يتسبب به من تشوهات في الجنين.