مراحل موت الإنسان
سكرات الموت وشخوص البصر
إنّ العلامات الأولى التي تظهر على الميّت هي سكرات الموت ، وممّا يدلّ على ذلك قول الله -تعالى-: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ)، ويكون من علاماتها الظاهرة ما يأتي:
- تردّد الروح والغرغرة، قال -تعالى-: (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ)، وقال: (كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ* وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ).
- شخوص البصر، وذهول العقل، وذلك لهول ما يراه من الأمور التي لم يكن يراها في حياته قبل نزع الروح ، قال -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الرُّوحَ إذَا قُبِضَ تَبِعَهُ البَصَرُ).
- عدم القدرة على الكلام بسبب ثقل اللّسان.
- تمدّد الجلد، وارتخاء القدمين والجسم، وميل الأنف.
وقد عانى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من سكرات الموت، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (دخلتُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يُوعَكُ، فقُلْت: يا رسولَ اللهِ، إنك لَتُوعَكُ وعْكًا شَديدً؟ قال: أجل، إني أُوعَكُ كما يُوعَكُ رجُلانِ منكم، قُلْت: ذلك بأن لك أجرينِ؟ قال: أجل، ذلك كذلِك، ما مِن مُسلِمٍ يُصيبُهُ أذًى، شَوْكَةٌ فما فَوقَها، إلا كفَّرَ اللهُ بها سيئاته، كما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ ورَقَها).
وقد سُمّيت سكرات الموت بذلك لشدّتها، وثبت أنّها تُخفّف على بعض الصالحين؛ كالشّهداء، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يجدُ الشَّهيدُ من مسِّ القتلِ إلَّا كما يجدُ أحدُكُم من مَسِّ القرصةِ).
مجيء الملائكة وقبض الروح
أثناء منازعة الإنسان لسكرات الموت يأتي ملَك الموت وأعوانه لقبض روحه، قال -تعالى-: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ)، وجاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ أعوان ملك الموت يسحبون الروح إلى الحلقوم، ثمّ يقبضها ملك الموت بعد ذلك.
وإن كان من الصالحين طمأنته الملائكة وبشّرته وآنسته، ففي الحديث يقول النبي: (إنَّ الرَّجُلَ المسْلِمَ إذا كان في قُبُلٍ مِنَ الآخِرَةِ وانقِطاعٍ مِنَ الدُّنْيا جاءَ مَلَكُ الموْتِ فقَعَدَ عندَ رَأْسِهِ، وتَنزِلُ ملائكَةٌ مِنَ السَّماءِ كأَنَّ وُجوهَهُمُ الشَّمْسُ، مَعَهُمْ أَكْفانٌ مِنْ أَكْفانِ الجَنَّةِ وحَنوطٌ مِنْ حَنوطِ الجَنَّةِ).
ويُكمل النبي فيقول: (فَيَقْعُدونَ مِنْه مَدَّ البَصَرِ. قالَ: فَيقولُ مَلَكُ الموتِ: أَيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبةُ، اخْرُجي إلى مَغْفِرَةٍ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ. قالَ: فَتَخْرُجُ تَسيلُ كما تَسيلُ القَطْرةُ مِنَ السِّقاءِ)، أمّا إذا كان كافراً أتته الملائكة تبشّره بالسّخط والعذاب -والعياذ بالله-.
إذْ في الحديث نفسه يقول النبي الكريم: (وَأمَّا الفاجِرُ فإذا كان في قُبُلٍ مِنَ الآخِرةِ وانقِطاعٍ مِنَ الدُّنْيا أَتاهُ مَلَكُ الموْتِ فيَقْعُدُ عندَ رأْسِهِ، وتَنْزِلُ الملائكةُ سُودُ الوجُوهِ، مَعَهُمُ المُسوحُ، فيَقْعُدونَ مِنهُ مَدَّ البَصَرِ، فَيقولُ ملَكُ الموتِ: اخْرُجي أيَّتُها النَّفْسُ الخبيثةُ إلى سَخَطٍ مِنَ اللهِ وغَضَبٍ).
صعود الروح إلى السماء
بعد أن تقبض الملائكة روح العبد تموت الأعضاء والخلايا ويتوقّف الجسم كاملاً عن العمل، وتصعد بروحه إلى السماء، وقد بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح السابق أنّ الميت إن كان من أهل الصلاح فُتحت له أبواب السماء وصعدت روحه للجنان، أما إن كان من الضالين أُغلقت بوجهه الأبواب وعاد إلى أسفل سافلين.