مراحل قيام اتحاد دولة الإمارات
متى بدأ قيام اتحاد دولة الإمارات؟
عُرِفت الإمارات قبل تشكيل الاتحاد بالإمارات المتصالحة، وتولى حكمها سبعة شيوخ هما:
- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبو ظبي.
- الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي.
- الشيخ خالد بن محمد القاسمي حاكم الشارقة.
- الشيخ راشد بن حميد النعيمي حاكم عجمان.
- الشيخ أحمد بن راشد المعلا حاكم أم القيوين.
- الشيخ صقر بن محمد القاسمي حاكم رأس الخيمة.
- الشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم الفجيرة.
وفي عام 1892م، وقع حُكّام الإمارات اتفاقية مع الحكومة البريطانية التي سيطرت على منطقة الخليج العربي آنذاك، وأصبحت الإمارات بموجب هذه الاتفاقية محمية بريطانية تتولى بريطانيا مسؤولية الدفاع عنها برًا وبحرًا، مقابل، وبتلك الوقت اعتمد سكان الإمارات قديمًا على صناعة اللؤلؤ الموجود في الخليج العربي، إلا أن هذه الصناعة تدهورت في مطلع عشرينيات القرن العشرين.
واستغلت بريطانيا ذلك في إحكام سيطرتها على المنطقة بعد خوضها صراعات كثيرة لزيادة نفوذها، وفي عام 1958، اكتُشف النفط للمرة الأولى في الإمارات وتحديدًا إمارة أبو ظبي، إذ استغرق البحث عن أول بئر نفط مدة 30 عامًا، أعقب ذلك اكتشاف المزيد من الآبار النفطية في مختلف مناطق الإمارات فسارع الشيخ زايد إلى إنشاء شركة بترول أبوظبي الوطنية، وازدهر اقتصاد المنطقة.
وبمرور الوقت، بدأت شوكة البريطانيين تضعف في المنطقة، وأعلنت في عام 1968م عن نيتها بالانسحاب من جميع مستعمراتها في الشرق الأوسط، وهنا رأى الشيخ زايد حاكم أبو ظبي فرصة لتعزيز الروابط بين الإمارات وتشكيل اتحاد يجعل منها دولة قوية لا تخضع لسيطرة أي دولة خارجية، فاجتمع بالشيخ راشد حاكم دبي وعرض عليه موضوع تشكيل الاتحاد ولاقت الفكرة استحسانًا كبيرًا.
خطوات قيام اتحاد دولة الإمارات
مرّ تشكيل اتحاد دولة الإمارات بالعديد من المراحل، وأُقيم العديد من الاجتماعات التي تمخض عنها قرارات بشأن قيام الاتحاد، وهي:
اجتماع السميح
لم تأتِ فكرة تشكيل الاتحاد من وحي الصدفة، إذ سبق وأن أعرب الشيخ زايد عن رغبته بقيام وحدة بين الإمارات وذلك خلال اجتماع مع الحُكّام الآخرين في عام 1906، إلا أن الظروف السياسية والاقتصادية المحيطة بالمنطقة، والمتمثلة بخضوع الإمارات للحماية البريطانية وتدهور اقتصاد الدولة قبيل اكتشاف النفط، حالت دون إنجاح هذه الفكرة.
و في 18 فبراير 1968م، وعقب إعلان بريطانيا استعدادها للانسحاب من منطقة الخليج العربي التقى الشيخ زايد حاكم أبو ظبي بالشيخ راشد حاكم دبي في قرية السميح الحدودية.
فيما عُرِف باجتماع السميح أو سيح السدرة والذي كان الخطوة الأولى نحو قيام الاتحاد، إذ ناقش الحاكمان فكرة إنشاء منظومة اتحادية تضم الإمارتين، وتمخض عن الاجتماع إعلان قيام اتحاد بين إمارتي دبي وأبو ظبي، وعقب الاجتماع دُعي إلى تطوير هذه المنظومة الثنائية والبحث في فكرة تأسيس اتحاد يضم بقية الإمارات المتصالحة وقطر والبحرين.
اجتماع دبي الأول
في خطوة لتعزيز الاتحاد وتقويته، دعا الشيخ زايد والشيخ راشد حكام بقية الإمارات المتصالحة، بالإضافة إلى دولتي البحرين وقطر، إلى الانضمام لمفاوضات تشكيل الاتحاد، وعقد حُكّام الدول التسع مؤتمرًا دستوريًا في دبي عُرِف باجتماع دبي الأول خلال الفترة من 25 إلى 27 فبراير 1968، وتمخض عنه صياغة اتفاقية من 11 بندًا أساسها إنشاء اتحاد الإمارات العربية.
ونصت الاتفاقية على أن الهدف من تشكيل الاتحاد يتمثل في توثيق العلاقات بين الدول الأعضاء في جميع المجالات، وتوحيد سياساتها الخارجية وتمثيلها في الشؤون والمحافل الدولية السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، علاوة على البحث في تنسيق خطط تنمية دول الاتحاد وازدهارها، وتعزيز احترام استقلال كل دولة وسيادتها.
ونصت الاتفاقية كذلك على مسؤولية المجلس الأعلى في إصدار القوانين الاتحادية اللازمة، وأنه سيكون السلطة العليا في البت في المسائل المرجعية، واتخاذ جميع قراراته بالإجماع.
اجتماع دبي الثاني
عقب اجتماع دبي الأول عام 1968م، استمرت الجهود المبذولة نحو قيام الاتحاد وذلك بالعمل بنصوص الاتفاقية واتخاذها قاعدة لتشكيل هيكل الاتحاد دستوريًا وشرعيًا والذي يضم تسع إمارات، وخلال تلك الفترة، عُقد العديد من الاجتماعات، وجرى البت في القضايا الرئيسية التي تناولها المجلس الأعلى للحكّام خلال اجتماعاته، علاوة على إجراء مناقشات رسمية بخصوص تعيين الإداريين والمستشارين.
وفي صيف عام 1971م، أعلن الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة استقلالَ البحرين في 14 أغسطس 1971م، تبعتها قطر في 1 سبتمبر 1971م، وبالتالي انفصلت الدولتين عن الاتحاد وفي 18 يوليو 1971م، عُقِد اجتماعٍ دبي الثاني، وفيه قرّر حكّام ست إمارات، هي: أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة، تشكيل اتحاد الإمارات العربية فيما عدام إمارة رأس الخيمة.
قيام دولة الإمارات العربية المتحدة
بتاريخ 2 ديسمبر 1971م، أُعلن رسميًّا عن تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وانتُخِب حاكم أبو ظبي، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ليكون أول رئيس للدولة لفترة ولاية مدتها خمسة أعوام، بينما انتُخِب حاكم دبي، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، نائباً للرئيس، وجرى الاتفاق على وضع دستور مؤقّت لتنظيم حكم الدولة.
وأُجريت بعض التعديلات على الدستور المؤقت، فوافق المجلس الأعلى للاتحاد خلال اجتماع عُقد في 20 مايو 1996م، على جعل الدستور المؤقت المُعدّل دستورًا دائمًا، وعُيّنت أبوظبي عاصمة للدولة.
اكتمال عقد الاتحاد
تردد الشيخ صقر بن محمد القاسمي، حاكم رأس الخيمة سابقًا، بشأن الانضمام إلى الاتحاد، وتمثلت أحد مخاوفه بالاستيلاء على جزر طنب الكبرى والصغرى التي كانت في حوزة إيران، إلا أنه تلقى وعدًا بأن الحكومة الاتحادية الجديدة ستواصل المطالبة بهذه الجزر، وبتاريخ 10 فبراير 1972.
انضمت رأس الخيمة إلى الاتحاد لينتهي المطاف به باكتمال ضم جميع الإمارات السبع التي شكلت الإمارات المتصالحة، وعُرِفت هذه الدولة الاتحادية حديثة العهد رسميًا باسم دولة الإمارات العربية المتحدة.
أهمية اتحاد دولة الإمارات
تكمن أهمية تشكيل اتحاد الإمارات فيما يلي:
- الحفاظ على استقلال الإمارات وسيادتها وتعزيز وجودها في المحافل الدولية.
- حماية أمن دول الاتحاد واستقراراها والدفاع عنها ضد أي اعتداء.
- حماية حقوق شعب الاتحاد وحرياته.
- تحقيق تعاون وثيق بين الإمارات بما يعود بالنفع المشترك على الاتحاد.
- تعزيز ازدهار الاتحاد وتقدمه.
- توفير حياة أفضل لجميع المواطنين
- احترام استقلال وسيادة الإمارات الأخرى فيما يتعلق بشؤونها الداخلية في إطار الدستور.
العقبات التي واجهت قيام الاتحاد في الإمارات
هناك العديد من التحديات التي واجهت تشكيل اتحاد الإمارات، ومنها:
- التدخل البريطاني في المنطقة بموجب الاتفاقية المُوقّعة عام 1892 والتي منعت الإمارات من التصرف بأراضيها كما تريد دون موافقة بريطانيا.
- انسحاب كل من قطر والبحرين من تشكيل الاتحاد بسبب الخلافات والتعقيدات حول امتلاك بعض الجزر.
- تردد حاكم رأس الخيمة بالانضمام إلى الاتحاد في بادئ الأمر.
- الحروب التي شهدتها المنطقة عقب تشكيل الاتحاد والتي كان لها أثر كبير على وجوده، ومنها: الحرب العراقية الإيرانية خلال الفترة 1980-1988، وغزو العراق للكويت عام 1991، والحرب التي قادتها الولايات المتحدة عام 2003 في العراق.
ختامًا، تمكنت دولة الإمارات منذ نشأتها وحتى الآن من التقدم والازدهار قيادةً وشعبًا وتحقيق أفضل مستوى معيشي بين الدول النامية، فمن كونها مجرد مستوطنات صغيرة خاضعة لحكم بريطانيا، أصبح الاتحاد دولة ذات كيان قوي في العالم،إذ تمكنت من تأسيس بنية تحتية متطورة واقتصادًا مزدهرًا ونهضة حضارية، وتمكنت خلال أربعة عقود من نشأتها أن تضرب مثالًا يُحتذى به على قدرة الدول الصغيرة على تجاوز عقبات التنمية والبروز إلى المحافل العالمية.