مراحل تدوين السنة النبوية
تدوين السنة في عهد النبي
كان الصَّحابة -رضوان الله عليهم- ممنوعين من تدوين كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وأفعاله، وذلك خشية اختلاطها بالقرآن الكريم، إلَّا قلَّةٌ من أصحابه -رضوان الله عليهم- قد سُمح لهم بتدوينها؛ لِما عرف عنهم من دقَّة حفظهم وسعة علمهم، فقاموا بكتابة سنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: (لا تَكْتبوا عنِّي شيئًا سِوَى القُرآنِ، من كتبَ عنِّي شيئًا سِوى القُرآنِ فليَمحُهُ)، ومن الصَّحابة الذين قد سُمح لهم بالكتابة: عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ما كان أحدٌ أكثر مني حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب".
تدوين السنة في عهد الخلفاء الراشدين
لقد حظي كان تدوين السنَّة النبويَّة في عهد الصَّحابة الكرام باهتمامٍ واسعٍ، وجهودٍ كبيرة، ومن تلك الجهود ما يأتي:
- حثّ تلاميذهم على حفظ السنَّة النبويَّة وتدوينها.
- قيام بعض الصحابة بكتابة أحاديث نبويّة، وإرسالها إلى الآخرين من الصحابة.
- جعلهم كتابة الحديث شرطًا للاعتداد بعلم الصحابي.
- كتابتهم الأحاديث بصحفٍ وتخصيص صحيفة لكلِّ صحابيٍّ؛ كصحيفة أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-.
تدوين السنة في عهد عمر بن عبد العزيز
كان عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- مهتمّاً بتدوين السنَّة النبويَّة، فقد خشي على ضياع سنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكتب إلى ابن شهاب الزهري أن يقوم المحدِّثين بتدوين السنَّة النبويَّة، فكان أوَّل من كتب السنَّة أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، وأسد بن فرات، والدارمي، وأيوب السختياني، والحميدي، وكان هذا في القرون الثلاثة الأولى.
أهمية تدوين السنة
فيما يأتي ذكر أهمية تدوين السنُّة النبويَّة:
- لحماية سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من دسائس الأعداء الذين كان كلُّ همِّهم هدم عقائد المسلمين، وقد ظهروا بعد مقتل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
- لحماية السنَّة النبويَّة من الضَّياع، فقد انتشر الإسلام، ودخله الكثير من غير العرب، وتفرَّق الصَّحابة، ومات معظمهم، فاحتاج العلماء حينها إلى تقييد السنَّة النبويَّة بالكتابة، فهي أصلٌ من أصول الدين الإسلامي المهمّة.
ملخّص المقال: كان التدوين في عصر رسول الله ممنوعاً إلّا لبعض صحابة رسول الله، خشية اختلاط السنَّة بالقرآن الكريم، وفي عهد الصَّحابة توسّعت حركة تدوين سنَّة النبي، فأولوا أهميَّةً لحفظ السنَّة النبوية بالصدور والسطور، وممَّا كان له الدور الكبير في ذلك الخليفة عمر بن عبدالعزيز، فقد كتب لابن شهاب الزهري أن يأمر المحدّثين بتقييد السنة بالكتابة، وأن يشمل ذلك حركةً واسعةً شاملةً لسنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.