العنف ضد الأطفال وأشكاله
العنف ضد الأطفال
يُعرّف العنف ضدّ الأطفال بأنّه إساءة معاملة الطفل، وهو الفرد الذي لم يتجاوز عمره 18 عاماً، وذلك بتعريضه للعنف الجسديّ، أو الايذاء النفسيّ، أو الإهمال، أو الاعتداء الجنسيّ، من قِبل أفراد الأسرة ، أو أفراد آخرين في المجتمع، أو في بيئة مؤسسيّة أو تعليميّة، وقد يكون الشخص المعتدي على الطفل شخصاً بالغاً أو قاصراً أو حتّى طفلاً، وقد بيّنت الإحصائيّات العالميّة بأنّ ما يُقارب مليار طفل تتراوح أعمارهم بينَ 2-17 عاماً تعرّضوا للعنف خلال عام واحد من منتصف عام 2019م حتّى منتصف عام 2020م.
أشكال العنف ضد الأطفال
العنف الجسدي
يُقصد بالعنف الجسديّ ضدّ الأطفال أيّ عقوبة بدنيّة مبالغ بها وغير مناسبة يتعرّض لها الطفل وتُسبّب له الأذى الجسديّ، وقد يؤدّي هذا النوع من العنف إلى آثار سلبية تبدأ من كدمات على جسد الطفل وقد تصل إلى الموت، ويتسبّب العنف الجسديّ الذي يتعرّض له الطفل بمشاكل عديدة في حياته من أبرزها الضرر النفسيّ الذي قد يقوده إلى تعاطي المخدرات والإجرام، بالإضافة إلى مشاكل في الصحة العقليّة، وغالباً ما يُمارس الأطفال الذي تعرّضوا للعنف الجسديّ الأذى نفسه على أطفالهم عندما يُصبحون آباء ممّا يؤدّي إلى استمراريّة العنف عبر الأجيال.
العنف الجنسي
يتعرّض الأطفال للعنف الجنسيّ سواء كانوا إناثاً أو ذكوراً، وفي مختلف المجتمعات والأحياء المجتمعيّة، وقد يتعرّضونَ له من شخص بالغ أو من أطفال آخرين، ويتمثّل العنف الجنسي بتعرّض الطفل لنشاط جنسيّ لا يتناسب مع جسده غير مكتمل النضج، ولا يفهمه الطفل أو لا يوافق على ممارسته، وقد يكون فعلاً جنسيّاً مخالفاً للقوانين والتقاليد، وعلى الرغم من امتثال بعض الأطفال للاعتداء الجنسيّ إلّا أنّ ذلك لا يتعارض مع كون الطفل ضحيّة؛ لأنّ امتثاله في الغالب يأتي من ثقته بالشخص البالغ واعتقاده بأنّه سيوفّر له الحماية والأمان؛ لذلك تُعدّ مطالبة الطفل بممارسة أنشطة غير مناسبة لعمره انتهاكاً لثقته بالآخرين ولسلامته العامّة.
يتسبّب العنف الجنسيّ ضدّ الأطفال بمشاكل عديدة لمعظم الأطفال الذينَ يتعرّضون له قد تظهر على بعضهم وقد لا تظهر، فعلى المستوى الصحيّ قد يتعرّض الطفل لاضطرابات في الأكل وللعجز الجنسيّ في المستقبل، أمّا على المستوى النفسيّ فقد يتولّد لدى الطفل الشعور بالذنب والعار، ويقل مستوى احترامه لذاته، إلى جانب احتمالية تعرّضه للاكتئاب، وصعوبات في تكوين العلاقات، واضطرابات الفصام النفسيّ، وقد تسوقه الاضطرابات النفسيّة إلى تعاطي المخدرات؛ لذا لا بدّ أن يحصل الطفل على مساعدة متخصّصة للتعافي من آثار الاعتداء الجنسي.
العنف النفسي والعاطفي
يُقصد بالعنف النفسيّ ضدّ الأطفال تعرّضهم لإساءة المعاملة النفسيّة أو العاطفيّة بصورة منتظمة، ويشمل ذلك عدم تلبية احتياجاتهم الأساسيّة من الاهتمام، والمودة، والأمان، إمّا بسبب عدم القدرة على توفير مثل هذه الاحتياجات العاطفيّة للطفل، أو عدم إدراك الوالدين لضرورة إشباع هذه الاحتياجات، أو بسبب عدم مبالاة الأهل أو مقدّمي الرعاية باحتياجات الطفل النفسيّة والعاطفيّة، ومن أشكال العنف النفسيّ رفض الطفل، وعدم إشعاره بالحبّ، وانتقاده، والسخرية منه، والتسلّط عليه، وغياب التحفيز والتشجيع، وغير ذلك.
يتفرّد هذا الشكل من العنف ضدّ الأطفال في عدم القدرة على رؤية الآثار السلبيّة التي يتسبّب بها للطفل بسهولة، ولكن يُمكن إدراكه من خلال بعض السلوكيّات التي يقوم بها الطفل؛ كانعدام احترام الذات، والسلوك العدوانيّ، والحزن الدائم، وتراجع التحصيل العلميّ، وغيرها من السلوكيّات التي تدل على الآثار السلبيّة للعنف النفسيّ.
الإهمال
يُعتبر الإهمال من أشكال العنف الذي يتعرّض لها الطفل، ويُقصد به القيام بأيّ فعل أو إغفال القيام به من قِبل الوالدين أو مُقدّمي الرعاية نحوَ أطفالهم، بحيث يحرم ذلك الطفل من الاحتياجات الأساسيّة، وينعكس سلبياً على صحة الطفل الجسديّة أو النفسيّة ، ومن مظاهر إهمال الطفل التخلّي عنه، وعدم تلبية احتياجاته العاطفيّة أو النفسيّة الأساسيّة لعمره، والتقصير في رعايته الطبيّة أو التعليميّة، وإهمال احتياجاته الأساسيّة من غذاء، وملابس، ومأوى، وتظهر علامات الإهمال على الطفل من سوء نظافته، وانخفاض وزنه، والغياب المتكرّر عن مدرسته، وغيرها، ويظهر هذا النوع من العنف ضدّ الأطفال الإناث أكثر من الأطفال الذكور، ومن الآثار السلبيّة التي تنعكس على الطفل بسبب الإهمال ما يأتي:
- المشكلات الصحيّة: فقد يؤدّي سوء التغذية التي يُعاني منه الطفل بسبب الإهمال إلى بطء في نموّ الدماغ، وقد يتعرّض الطفل للعديد من المشاكل الطبيّة في حال أهملَ الوالدان إعطاؤه التطعيمات الضروريّة.
- المشكلات المعرفيّة: يؤدّي إهمال الطفل إلى تدنّي تحصيله الأكاديميّ، وقد يؤدّي لتأخّر أو ضعف في تطوّر اللغة لديه، كما قد يتسبّب بمشاكل فكريّة متعدّدة.
- المشكلات العاطفيّة: ينعكس الإهمال على الصحة العاطفيّة لدى الأطفال، إذ يؤدّي إلى تدنّي احترام الذات، وصعوبة الثقة في الآخرين، وغير ذلك.
- المشكلات الاجتماعيّة والسلوكيّة: بيّنت الدراسات أنّ أكثر من نصف الأطفال الذين تعرّضوا للإهمال في طفولتهم انحرفت سلوكيّاتهم واتجهوا لتعاطي المخدرات، والانحراف، والتغيّب عن المدرسة، كما يتسبّب الإهمال في صعوبة تكوين علاقات اجتماعيّة صحيّة.