أبيات شعر أبو الطيب المتنبي
حنين دائم وزفير
ألآل إبراهيم بعد محمد
- إلا حنين دائم وزفير
ما شك خابر أمرهم من بعده
- أن العزاء عليهم محظور
تدمي خدودهم الدموع وتنقَضي
- ساعات ليلهم وهن دهور
أبناء عم كل ذنب لامرئ
- إلا السعاية بينهم مغفور
طار الوشاة على صفاء ودادهم
- وكذا الذباب على الطعام يطير
ولقد منحت أبا الحسين مودة
- جودي بها لعدوه تبذير
ملك تكوّن كيف شاء كأنما
- يجري بفصل قضائه المقدور
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا
أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا
- والبين جار على ضعفي وما عدلا
والوجد يقوى كما تقوى النوى أبدا
- والصبر ينحل في جسمي كما نحلا
لولا مفارقة الأحباب ما وجدت
- لها المنايا إلى أرواحنا سبلا
بما بجفنيك من سحر صلي دنفا
- يهوى الحياة وأما إن صددت فلا
إلا يشب فلقد شابت له كبد
- شيبا إِذا خضبته سلوة نصلا
يجن شوقا فلولا أن رائحة
- تزوره في رياح الشرق ما عقلا
ها فانظري أو فظني بي تري حرقا
- من لم يذق طرفا منها فقد وألا
عل الأمير يرى ذلي فيشفع لي
- إلى التي تركتني في الهوى مثلا
أيقنت أن سعيدا طالب بدمي
- لما بصرت به بالرمح معتقلا
وأنني غير محص فضل والده
- ونائل دون نيلي وصفه زحلا
قَيل بمنبج مثواه ونائله
- في الأفق يسأل عمن غيره سألا
يلوح بدر الدجى في صحن غرته
- ويحمل الموت في الهيجاء إن حملا
ترابه في كلاب كحل أعينها
- وسيفه في جناب يسبق العذلا
لنوره في سماء الفخر مخترق
- لو صاعد الفكر فيه الدهر ما نزلا
هو الأمير الذي بادت تميم به
- قدما وساق إليها حينها الأجلا
لما رَأوهُ وخيل النصر مقبلة
- والحرب غير عوان أسلموا الحللا
وضاقَت الأرض حتى كان هاربهم
- إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
فبعده وإلى ذا اليوم لو ركضت
- بالخيل في لهوات الطفل ما سعلا
فقد تركت الألى لاقَيتهم جزرا
- فقد قتلت الألى لم تلقهم وجلا
كم مهمة قذف قلب الدليل به
- قَلب المحب قضاني بعدما مطلا
عقدت بالنجم طرفي في مفاوزه
- وحر وجهي بحر الشمس إذ أفَلا
أنكحت صم حصاها خف يعملة
- تغشمرت بي إليك السهل والجبلا
لو كنت حشو قَميصي فوق نمرقها
- سمعت للجن في غيطانها زجلا
حتى وصلت بنفس مات أكثرها
- وليتني عشت منها بالذي فضلا
أرجو نداك ولا أخشى المطال به
- يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا
الخيل والليل والبيداء تعرفني
ومن قصائد المتنبي المشهورة:
واحر قلباه ممن قلبه شبم
- ومن بجسمي وحالي عنده سقم
ما لي أكتم حبا قد برى جسدي
- وتدعي حب سيف الدولة الأمم
إن كان يجمعنا حب لغرته
- فليت أنا بقدرالحب نقتسم
قد زرته وسيوف الهند مغمدة
- وقد نظرت إليه والسيوف دم
فكان أحسن خلق الله كلهم
- وكان أحسن ما في الأحسن الشيم
فوت العدو الذي يممته ظفر
- في طيه أسف في طيه نعم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت
- لك المهابة مالا تصنع البهم
ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها
- أن لا يواريهم بحر و لا علم
أكلما رمت جيشا فانثنى هربا
- تصرفت بك في آثاره الهمم
عليك هزمهم في كل معترك
- وما عليك بهم عار إذا انهزموا
أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر
- تصافحت فيه بيض الهند واللمم
يا أعدل الناس إلّا في معاملتي
- فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أعيذها نظرات منك صادقة
- أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره
- إذا استوت عنده الأنوار والظلم
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
- بأنني خير من تسعى به قدم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
- وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها
- ويسهر الخلق جراها ويختصم
وجاهل مده في جهله ضحكي
- حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
- فلا تظنن أنّ الليث يبتسم
ومهجة مهجتي من هم صاحبها
- أدركتها بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد
- وفعله ما تريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفلين به
- حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
- والسيف والرمح والقرطاس والقلم
صحبت في الفلوات الوحش منفردا
- حتى تعجب مني القور والأكم
يا من يعز علينا أن نفارقهم
- وجداننا كل شيء بعدكم عدم
ما كان أخلقنا منكم بتكرمة
- لو أن أمركم من أمرنا أمم
إن كان سركم ما قال حاسدنا
- فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة
- إن المعارف في أهل النهى ذمم
كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم
- ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقصان من شرفي
- أنا الثريا وذان الشيب والهرم
ليت الغمام الذي عندي صواعقه
- يزيلهن إلى من عنده الديم
أرى النوى تقتضيني كل مرحلةٍ
- لا تستقل بها الوخادة الرسم
لئن تركن ضميرا عن ميامننا
- ليحدثن لمن ودعتهم ندم
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
- أن لا تفارقهم فالراحلون هم
شر البلاد مكان لا صديق به
- وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
وشر ما قنصته راحتي قنص
- شبه البزاة سواء فيه والرخم
بأي لفظ تقول الشعر زعنفة
- تجوز عندك لا عرب ولا عجم
هذا عتابك إلّا أنّه مقة
- قد ضمن الدر إلّا أنّه كَلِمُ