مدينة قوم لوط
مدينة قوم لوط
هاجر سيدنا لوط عليه الصلاة والسلام مع سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى أرض الشام، فنزل إبراهيم عليه السلام في فلسطين، ونزل لوط عليه السلام في الأردن، فأرسل الله تعالى لوط عليه السلام إلى أهل سدوم وما بينهما، وسدوم هي قرية تقع شرق النهر في غور الأردن، ما بين الشام والحجاز بناحية زُغَر، وكانت تضم مجموعة من القرى المجاورة؛ سدوم، وعامورا، وصبرانة، وصفراء، ودوما، وصابورا، وداذوما وصبواس، وصبعة، وصعرة.
وكان أهلها كفاراً يأتون الفواحش، فأرسل الله تعالى إليهم لوطاً عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى توحيد الله تعالى وإقامة دينه وعبادته، وترك ما هم عليه من الفواحش والمنكرات والمحرمات، حيث أقام لوطاً عندهم بضعاً وعشرين سنة.
دعوة لوط عليه السلام قومه
أرسل الله تعالى لوط عليه السلام إلى أهل سدوم، لدعوتهم إلى توحيد الله تعالى وعبادته، حيث كانوا أهل كفر وشرك؛ يعبدون عدداً من الآلهة، ويأتون الفواحش التي لم يأتِ بها أحد، ولم يسبقهم بها أحد من قبلهم؛ فكانوا يأتون الذكور دون الإناث؛ فالرجل يأتي الرجل سعيداً بفعلته، مع ومخالفتهم للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها، ويقطعون الطريق على من مرّ بهم من الرجال ليعملوا به العمل الخبيث، وقيل أنهم كانوا يأتون بعضهم البعض في مجالسهم، وغير ذلك من الفواحش والمنكرات؛ حتى استغرقوا في إشباع شهواتهم وملذاتهم.
فأمرهم لوط عليه الصلاة والسلام بعبادة الله، وأمرهم بالمعروف، ونهاهم عن أفعالهم المحرمة، وأرشدهم إلى تركها واجتنابها، وطاعة الله عزّ وجل فيما أمر به ونهى عنه، وحذرهم بالعقوبة المترتبة على ذلك، وتوعدهم بالعذاب الأليم إن استمروا على ذلك، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك، فقال الله تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ* أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ)، فما كان منهم إلا التكذيب والرفض، والإصرار على أفعالهم، حيث قال تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ).
هلاك قوم لوط
بعد أن استكبر قوم لوط عليه السلام دعوة لوط عليه الصلاة والسلام، وأصرّوا على كفرهم وعصيانهم، استحقوا العقاب الأليم من الله تعالى، فبعد أن يئس لوط عليه السلام منهم ومن استجابتهم بدعوته، دعا الله تعالى أن ينصره عليهم، فقال: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)، فاستجاب الله له، وأمر ملائكته بإهلاكهم، فقلبوا قُراهم ومن فيها على رؤوسهم، وجعلوا عاليها سافلها، وأُمطرت عليهم حجارة من سجيل منضود، قال تعالى: (فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ* مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ).