مدن اليونان القديمة
أهمّ مدن اليونان القديمة
تضمّ اليونان القديمة أكثر من ألف مدينة، إذ تتمتّع كلّ مدينة بحكم ذاتي، ويعيش معظم سكّانها في المناطق الحضرية التي تُعدّ مركزاً للتجارة، والثقافة، والأنشطة السياسية، وفيما يأتي أبرز هذه المدن: أثينا (Athens)، وكورنث (Corinth)، وأسبرطة (Sparta)، وثيفا (Thíva)، وسرقوسة (Syracuse)، وأجانيطس (Aegina)، ورودس (Rhodes)، وآرغوس (Argos)، وإريتريا (Eretria)، وإيلس (Elis).
وللتعرّف على مدن اليونان الحالية، يمكنك قراءة مقال مدن اليونان .
أثينا
تُعدّ العاصمة اليونانية أثينا من أقدم المدن المأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى نحو 30,000 سنة، وقد كانت مسقط رأس للعديد من الكتّاب، والسياسيين، والفلاسفة البارزين أمثال: سقراط، وبريكليس، وسوفوكليس، ممّا جعل منها مركزاً للفلسفة، والعلم، والفنون، ففيها نشأت أكاديمية أفلاطون، ومدرسة أرسطو، ونتيجة تحقيق الكثير من الإنجازات الثقافية والسياسية فيها خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد فقد كان يشار إليها بأنّها مهد الحضارة الغربية، ومنشأ الديمقراطية، أمّا في الوقت الحالي فإنّ أثينا أصبحت مركزاً اقتصادياً، وثقافياً، ومالياً، وسياسياً، وصناعياً في اليونان، الأمر الذي جعل منها مركزاً لريادة الأعمال في الاتّحاد الأوروبي، وفيما يخصّ السكّان فإنّ أثينا تعدّ ثامن أكبر تجمّع حضري سكانيّ في قارّة أوروبا .
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول مدينة أثينا عاصمة اليونان، يمكنك قراءة مقال ما هي عاصمة اليونان .
أسبرطة
تقع أسبرطة جنوب اليونان في شبه جزيرة تدعى بيلوبونيز (Peloponnesus) ضمن منطقة أراضي خصبة، وقد اشتهرت بأنّها مدينة ذات طابع اقتصادي قوي، ممّا أدّى إلى توسّع نفوذها، وجعل القرى المجاورة تحت سيطرتها، وقد نما عدد سكان أسبرطة بشكل منتظم ومستمرّ في الفترة الواقعة بين عاميّ 800-600 قبل الميلاد، وتُعدّ مدينة أسبرطة الحديثة عاصمة مقاطعة لاكونيا (Lakonia)، ممّا جعل منها مركزاً إدارياً، وساهم في تميّزها في مجالات الصناعة، والتجارة، والزراعة، وإنّ وقوعها ضمن منطقة أراضي خصبة في وادي يوروتاس (Evrotas valley) جعلها غنية بمحاصيل الحمضيات وزيت الزيتون ذات الجودة العالية، وتشتهر هذه المدينة بتصميمها الحضري ومبانيها ذات الطابع المعماري المميّز، ويشار إلى احتوائها على متحف أثري هامّ يضمّ الكثير من التماثيل، والمنحوتات، وغيرها.
كورنث
حظيت مدينة كورنث بأهمية كبيرة في العصر اليوناني، والهلنستي، والروماني، فقد كانت ذات مكانة اقتصادية وتجارية هامّة، وذلك نتيجة لموقعها الجغرافي الذي ساهم في جعلها ميناء للسفن التجارية، كما لعب دوراً في تعزيز مكانتها التاريخية على مدى ألف عام، أمّا كورنث الحديثة فقد تمّ التنقيب عنها من قبل دائرة الآثار اليونانية في عام 1892م، وتقع في بيلوبونيز، وتُعدّ أحد أبرز المناطق الحضرية فيها، وتبعد قرابة 8كم عن كورنث القديمة، ويشار إلى اشتهارها بالأدب، والفنون، والعمارة الكورنثية، بالإضافة إلى تميّزها بالتماثيل البرونزية، والمنحوتات الرومانية واليونانية، وأعمال الفسيفساء، وصناعة الفخار، كما يتميّز موقع المدينة الحديث بوجود معبد أبولو (Temple of Apollo)، بالإضافة إلى العديد من المباني والآثار الرومانية التي تعود إلى القرن الأول الميلادي، والتي تشمل: مسرحاً، وحماماتاً، ونوافيراً، وعدداً من المعابد، إلى جانب بقايا ثلاث بازيليكات.
ثيفا
كانت مدينة ثيفا مأهولة بالسكان على مدى سنين طويلة، فقد كانت مركزاً للتجمّعات الموكيانية منذ منتصف العصر البرونزي وحتى نهايته، وتميّزت هذه المدينة بقوتها خاصّة في العصر الكلاسيكي، كما وصلت إلى قمة نفوذها وسيطرتها في بدايات القرن الرابع قبل الميلاد، حيث كانت حينها أقوى مدينة في اليونان، وتقع مدينة ثيفا على سلسلة تلال منخفضة شمال غرب أثينا، وتتّصل بمدينة أثينا عبر سكة حديدية، وتضمّ آثاراً هامّة مثل: بقايا أسوار المدينة، وقصر قدموس (palace of Cadmus)، وغيرها، ويشار إلى انتشار السوق التجاري والزراعي الحالي لهذه المدينة على أكروبولس (acropolis) في المدينة القديمة، إذ يتميّز سوقها بزيت الزيتون، والقمح، والقطن، وصناعة الحرير، وغيرها من المنتجات، وقد كانت ثيفا قديماً مقرّاً للملك الأسطوري أوديب (Oedipus)، أمّا الآن فهي مقرّ للأسقف الأرثوذكسي اليوناني.
سرقوسة
تُعدّ مدينة سرقوسة عاصمة مقاطعة سرقوسة، وتقع في جزيرة صقلية (Sicily)، وتحديداً في الساحل الشرقي لها، وعلى بُعد 53كم جنوب قطانية (Catania)، وتعدّ المدينة اليونانية الرئيسية في صقلية القديمة، وهي مدينة مطلّة على البحر الأيوني، وقد أسّسها الإغريق في عام 734 قبل الميلاد، وازدهرت وتطوّرت لتكون أهمّ المدن اليونانية الواقعة خارج حدود اليونان، ويشار إلى أنّها اعتُبرت تقريباً أكبر مدينة في العالم خلال فترة زمنية معيّنة.
أجانيطس
حظيت مدينة أجانيطس بشهرة واسعة في القرن الخامس قبل الميلاد، ويظهر ذلك جلياً في المنحوتات والآثار التي بقيت منذ ذلك الوقت، ومنها معبد آفيا (temple to Aphaea) الذي يقع في شرق جزيرة أجانيطس التي تعدّ واحدة من أكبر الجزر في الخليج الساروني تحديداً إلى الجنوب من أثينا، إذ تبلغ مساحتها 83كم، وتبعد مسافة 26كم جنوب غرب بيرايوس (Piraeus)، وتقع أجانيطس الحديثة فوق مساحات من أجانيطس القديمة، وتبعاً لطبيعة المدينة الجغرافية فإنّه يُلاحظ انتشار الصخور البركانية المعروفة باسم تراكيت على امتداد الساحل الشرقي لها، كما يعدّ جبل (Pan Hellenion) أعلى تضاريس المدينة، إذ يصل ارتفاعه إلى 532 متراً، في حين تنتشر الكروم، وأشجار الزيتون، والفستق، واللوز، والتين في المناطق السهلية والتلال الشمالية، أمّا الساحل الغربي فيضمّ الميناء، ويجدر بالذكر أنّ المدينة تشتهر بسكّ العملات القديمة في اليونان.
رودس
تقع مدينة رودس جنوب شرق بحر إيجه، وتعدّ أكبر جزيرة في مجموعة جزر دوديكانيسيا (Dodecanese) اليونانية، إذ تمتدّ على مساحة تصل 1,400كم، وقد كان للمدينة منذ القدم دور هامّ في شؤون اليونان ومنطقة البحر الأبيض المتوسط على مدى عدّة عصور مثل: العصر البرونزي، والهلنستي، والكلاسيكي، والعصر القديم، كما تميّزت رودس بوجود أحد عجائب الدنيا السبع القديمة فيها، وهو تمثال عملاق رودس (Colossus of Rhodes statue)، ممّا جعل منها الآن منطقة جذب للسياح، ويشار إلى أنّ غالبية سكّانها يعملون في الصيد، أو السياحة ، أو الخدمات الحكومية،
وللتعرّف على مدن اليونان السياحية، يمكنك قراءة مقال مدن اليونان السياحية .
آرغوس
تقع مدينة آرغوس السهلية في الجهة الشرقية من شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، وبالقرب من مدينة كورنث، ويمرّ بمحاذاتها الأنهار المتدفّقة من الجبال الغريبة القريبة منها، وقد سكن الناس هذه المدينة منذ 3,000 سنة قبل الميلاد وحتى اليوم، كما حظيت بمكانة مهمّة على مدى العصور اليونانية، والرومانية، والهلنستية، ويجدر بالذكر أنّ آرغوس القديمة بُنيت في نهاية العصر البرونزي، وبقي فيها بعض الآثار التي تشهد على عمارة المدينة القديمة، مثل: بقايا الحمّامات الرومانية التي تعود للقرن الثاني الميلادي، والمسرح الذي يُعد أكبر مسرح يوناني بسعة تصل إلى 20,000 شخص تقريباً، كما اشتهرت المدينة بوجود تماثيل لرياضيين مميّزين، وتميّزت بازدهار وتطوّر الفنون، والموسيقى، والشّعر.
إريتريا
تعدّ مدينة إريتريا اليونانية من المدن القديمة، إذ اكتُشفت في القرن الثامن قبل الميلاد، ويعود تاريخها إلى العصر البرونزي، وقد كانت مأهولة بالسكان على طول السواحل الشرقية والغربية للبحر الأبيض المتوسط ، وأُسّست فيها مراكز تجارية، كما كشفت أعمال التنقيب التي حدثت في هذه المدينة عن عدد من الآثار والمعابد القديمة، ويشار إلى أنّ قرية بسارا (Néa Psará) في إريتريا كانت مأهولة بالسكّان منذ عام 1821م، وبما أنّ مدينة إريتريا تمثّل حلقة وصل بين الشرق والغرب فقد لعبت دوراً في نشر اللغات والأديان بينهما.
إيلس
تقع مدينة إيلس اليونانية القديمة على الضفاف الشمالية لنهر بينيوس (بالإنجليزية: Peneus River)، وتتنوّع فيها التضاريس ما بين مناطق جبلية وأخرى ساحلية منخفضة، ويشار إلى أنّ المدينة القديمة قد أصبحت مهجورة في القرن السابع الميلادي بعد أن كانت لا تخلو من السكان منذ بداية العصر الحجري القديم الأوسط وحتى نهاية العصر البيزنطي، ويجدر بالذكر أنّ المدينة الحديثة تعدّ جزءاً من مقاطعة إيليا (Iliá nomos) اليونانية التي تضمّ مدينتين رئيسيتين هما: أمالياذا (Amalias)، وبيرغوس (Pyrgos)، وتضمّ إيلس واحداً من أفضل المواقع الأثرية اليونانية يدعى أوليمبيا (Olympia)، والذي شهد ألعاب أوليمبية فيما مضى،ولمعرفة مزيد من المعلومات حول أولمبيا، يمكنك قراءة مقال مدينة يونانية رياضية .
ولمعرفة مزيد من المعلومات حول اليونان، يمكنك قراءة مقال معلومات عن دولة اليونان .
تاريخ نشأة المدن اليونانية القديمة
تُعدّ الطبيعة الجبلية لأراضي اليونان عاملاً في ظهور المدن اليونانية في الوديان والسهول الساحلية، فقد كانت اليونان القديمة تتكوّن من عدّة مناطق صغيرة لكلّ منها لهجتها وهويتها الثقافية الخاصّة بها، كما ساهمت الجزر والتضاريس المختلفة التي عملت كحواجز طبيعية في تشكيل المدن، وعزل عدد من المناطق السكنية عن بعضها، وبالإضافة إلى ذلك فقد لعبت الطبيعة الجغرافية لمنطقة البحر الأبيض المتوسط التي تتبع لها المدن اليونانية دوراً في تطوّر تلك المدن، وجعل البحر الوسيلة الأسهل والأنسب للتنقّل من مكان لآخر، ويجدر بالذكر أنّ الأرستقراطية اليونانية ساعدت في تشكيل المدن اليونانية من خلال سعيها للمحافظة على استقلال كلّ مدينة على حدا بدلاً من اتّباع نظام الملكية المركزية الشاملة.
هاجر السكّان من التجمّعات الموكيانية اليونانية منذ حوالي عام 1200 قبل الميلاد نتيجة خلافات مع مدينة طروادة (Troy) الواقعة في الأناضول (Anatolia)، وقد قصد المهاجرون كلّاً من قبرص، والأناضول، وجزر في بحر إيجه، الأمر الذي خلق جوّاً من عدم الاستقرار في الجزر اليونانية، ظهرت فيما بعد دول-المدن اليونانية، ونظراً لذلك فقد غاب وجود دولة مركزية قوية، ممّا جعل الهيئات الحاكمة الصغيرة التي تمثّل دولة-المدينة أو البوليس توجِد نظاماً سياسياً خاصّاً بها.
توافد الناس على هذه المدن اليونانية بعد ذلك بسبب الآمان النسبي فيها، إذ إنّها كانت منذ القدم تمثّل منطقة محصّنة أو قلعة لتأمين الحماية، وشكّلوا فيها مجتمعات ومراكز تجارية، ثمّ تطوّرت مجموعة البوليس مع مرور الزمن لتصبح مراكز حضرية لها قوة ونفوذ يصل إلى المناطق الزراعية المحيطة، ممّا ساهم في توفير الموارد والدخل، وبحلول عام 800 قبل الميلاد ظهرت العديد من المدن اليونانية التي استقلّت بعملها، إذ أنشأت كلّ مدينة شكلًا مختلفًا من الحكومة.
تعريف المدينة اليونانية البوليس
تُعدّ المدن في اليونان شكلاً من أشكال الدولة والمجتمع، وقد كانت كلّ مدينة في اليونان القديمة مستقلّة عن المدن الأخرى بأنشطتها ومؤسّساتها السياسية، والقانونية، والدينية، والقضائية، والاجتماعية، ولذلك أطلق على كلّ منها مصطلح الدولة-المدينة (city-state)، والذي يعني أنّ كلّ مدينة ذات سيادة على أراضيها، وتمثّل الدور المركزي والقيادي للحياة السياسية، والثقافية، والاقتصادية، ممّا جعل من تشكّل المدن اليونانية (polis) أساساً لنشوء الحضارة اليونانية بأكملها.
حكومة المدن اليونانية القديمة
تتكوّن الحكومة في المدن اليونانية القديمة من مجلس المدينة، ومستشارين، وقضاة يعملون معاً من أجل مصلحة جميع السكان، ويجدر بالذكر أنّ منح الجنسية والسلطة السياسية للأفراد تبعاً لنظام الحكومة اليونانية القديمة كان يتمّ بناءً على الجنس ومكان الميلاد، فقد كان الذكور المولودون في المدن اليونانية فقط وبغض النظر عن وضعهم الاجتماعي أو الاقتصادي يمتلكون حقّ التصويت لحكومة البوليس ويُمنحون الجنسية، إلّا أنّه استُثني من ذلك الأشخاص المولودون خارج البوليس، كما شمل الاستثناء من التصويت أيضاً النساء، وإنّ نظام الديمقراطية الذي كان متّبعاً آنذاك هو الديمقراطية المباشرة، فقد كان يسمح للمواطنين بالتصويت المباشر على أيّ قضية تتعلّق بحكومة مدينتهم.