متى يكون الدعاء في الصلاة
متى يكون الدعاء في الصلاة
بعد تكبيرة الإحرام
ذهبَ جمهور الصّحابة والتّابعين ومَن بعدهم إلى استحباب قراءة دعاء الاستفتاح بعدَ تكبيرة الإحرام ، وخالفهم في ذلك الإمام مالك -رضيَ الله عنه-، فقال يبدأ المصلّي القراءة مباشرة بعد تكبيرة الإحرام، والاستفتاح هو الدّعاء الذي تُستفتح به الصّلاة بعد قول الله أكبر، ويكون ذلك قبل الشّروعِ في أداءِ الصّلاة -أي قبل قراءة سورة الفاتحة-، وقد صحّت العديد من الصِّيغ لدعاء الاستفتاح بأنواعه، وفيما يأتي ذكر بعض منها:
- جاء عن عُمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنه- أنَّه كان إذا افتتح الصّلاة قال: (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبحُمدِكَ، وتبارَك اسمُكَ، وتعالى جَدُّكَ، ولا إلهَ غيرُكَ).
- جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان إذا افتتح الصّلاة قال: (وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ).
- صحَّ عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنَّه سأل النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عمَّا قد قاله حين سكت بين تكبيرة الإحرام وبين قرآءة سورة الفاتحة، فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: (اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ).
بعد الرفع من الركوع
عندما نزلَ قوله -تعالى-: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)؛ توقّف المسلمون عن تبادلِ الحديث فيما بينهم قبل الرّكوع وبعد الرّفع من الرّكوع، حيث كان ذلك مباحاً قبل نزول هذه الآية، وصحَّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان يدعو الله في هذا الوقت، ولذلك سُميّ الدّعاء بدعاءِ القُنوت ، وأغلب أهل العلم على ذلك، والقنوت لغةً له ثلاث معانٍ ذُكرت في القرآن الكريم ، وهي كما يأتي:
- الطّاعة، لقوله -تعالى-: (لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ).
- الصّلاة، قال -تعالى-: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
- طول القيام، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ).
ومعنى القُنوت اصطلاحاً هو: الدّعاء في الصّلاة في محلٍّ مخصوصٍ من القيامِ، والدُّعاءُ في الصّلاةِ لا يستوجب رفع اليدين خلاله، كما لا تُرفع اليدين في دعاء التَّشهد، وإن جاء المصلّي مسبوقاً فلا يقنت، سواء أدرك قنوت الإمام أم لم يُدركه، وجاء عن بعض الفقهاء أنَّ قراءة دعاء القُنوت في صلاةِ الفجر سنَّة مؤكدة، وهو رأي الشافعيّة، ولأنَّه لا بد للمسلمِ أن يدعو الله بما ورد من الصحيح من السنَّة النبويّة، فنذكر فيما يأتي الصيغ الواردة فيها:
- صحَّ عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمر بن الخطّاب -رضيَ الله عنهما- أنَّه كان إذا قنت قال: (اللهمَّ إنَّا نستعينُكَ ونستغفرُكَ ونُثْنِي عليكَ الخيرَ كلَّهُ ونشكرُكَ ولا نَكْفُرُكَ ونخلَعُ ونترُكُ من يفجرُكَ اللهمَّ إيَّاكَ نعبُدُ ولكَ نُصلِّي ونسجُدُ وإليكَ نسعى ونَحْفِدُ نرجو رحمتَكَ ونخشَى عذابَكَ إنَّ عذابَكَ بالكفارِ مُلْحِقٌ).
- جاء عن الحسن -رضيَ الله عنه- أنَّه سمِع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يدعو بهذا الدّعاء إذا قنت: (اللَّهمَّ اهدِنا فيمَنْ هدَيْتَ، وعافِنا فيمَنْ عافَيْتَ، وتولَّنا فيمَنْ تولَّيْتَ، وبارِكْ لنا فيما أعطَيْتَ، وقِنا شرَّ ما قضَيْتَ، إنَّك تَقضي ولا يُقضَى عليكَ، إنَّه لا يذِلُّ مَن والَيْتَ، تبارَكْتَ وتعالَيْتَ)، وكان صحابة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقنتون، فمنهم من كان يَجتهد في النِّصف الأخير من شهر رمضان ، ومنهم من كان يقنت طوال العام، وذلك جائز، ومنهم من كان يدعو بهذا الدعاء طوال العام في صلاة الوتر .
- صحَّ عن النبيّ -صلّى لله عليه وسلّم- أنَّه كان إذا رفع رأسه من الرّكوع قال: (اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ مِلْءُ السَّماءِ، ومِلْءُ الأرْضِ، ومِلْءُ ما شِئْتَ مِن شيءٍ بَعْدُ اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي بالثَّلْجِ والْبَرَدِ، والْماءِ البارِدِ اللَّهُمَّ طَهِّرْنِي مِنَ الذُّنُوبِ والْخَطايا، كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الوَسَخِ. في رِوايَةِ مُعاذٍ كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّرَنِ. وفي رِوايَةِ يَزِيدَ مِنَ الدَّنَسِ)، ويرى العلماء أنَّ هذا الدعاء غير مختصّ في هذا الموضع بالذّات دون غيره بناءً على الأدلّة، ولا بأس بأن يدعو المسلم به في أوقاتٍ أُخرى.
- صحَّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان يَحمد الله بعد الرفع من الرّكوع، فيقول: (اللَّهُمَّ رَبَّنَا لكَ الحَمْدُ).
- كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يَزيد على دعائه بعد الركوع بِـ (ربّنا ولك الحمد) بعض الزيادات: وإحداها أنَّه يقول -عليه الصّلاة والسلام- بعدها: (أهلَ الثَّناءِ والمجدِ لا مانعَ لِما أعطَيْتَ، ولا مُعطيَ لِما منَعْتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ). ومن الزيادات أيضاً أنَّه كان يقول عند القيام من الرّكوع: (لربِّي الحَمدُ لربِّي الحَمدُ).
أثناء السجود
ما يُسنّ من الأدعية أثناء السجود
إنَّ الدعاء من العباداتِ التي فيها تتجَسَّدُ المناجاة والخوف والرجاء لله -تعالى-، وكُلّما ألحَّ الإنسان في الدّعاء أعطاه الله من واسع كرمه، فالله يحبُّ العبد اللّحوح، ولا بد للعبدِ أن يوقن بالإجابة ويجتهد في الدّعاء، وإنَّ أقرب المواضع للعبدِ من الله هو موضع السجود، حيث إن للسّجود مميِّزات ليست موجودة في باقي أركان الصّلاة؛ فهيئة السّجود تأتي بعد أن يحني المسلم جسده خارّاً في خضوعٍ واستسلام وخشوع لله وحده، فيضع رأسه على الأرضِ تمجيداً لله وحده بعد قول الله أكبر، ويبقى كذلك حتى يطمئن جسده في موضعِه، ويبدأ بتسبيحِ الله ثم الدعاء تقرّباً لله -عزّ وجلّ-، ويحرص المسلم على الاجتهاد في دعاء السّجود، لقول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ).
وفيما يأتي ذكر للأدعية الوارد قراءتها في السّجودِ:
- كانَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول في سجوده: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ، وجِلَّهُ، وأَوَّلَهُ وآخِرَهُ وعَلانِيَتَهُ وسِرَّهُ). ولأنّ السجود مقام التضرّع والخشوع والعبودية والانكسار بين يدي الله -سبحانه وتعالى-؛ ناسب ذلك الدعاء بمغفرة جميع الذنوب التي يعلمها العبد والتي لا يعلمها، لِيَحظى بمغفرة الرحمن.
- علَّم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه بالدعاء بالسجود بقول: (اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، ولَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، فَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِن عِندِكَ، وارْحَمْنِي، إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ).
- قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ...)، ومعنى "فَقَمِنٌ" أيّ جديرٌ أن يستجاب لكم، والحديث يُبيّن أنَّ المسلم يلجأ إلى الله -سبحانه- ويدعو بما يريد، وليس واجباً أن يدعو فقط بالأدعية الواردة.
أهمّية السجود ومكانته
جعلَ الله -سبحانه وتعالى- الكثير من الفضائل للسّاجدين والمكثيرين من السّجودِ، وفيما يأتي ذكر بعضها:
- جاءَ في صحيحِ البخاري أنَّ الله قد حرّم مواضع السّجود في جسمِ المسلم من النَّار، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (حتَّى إذَا أرَادَ اللَّهُ رَحْمَةَ مَن أرَادَ مِن أهْلِ النَّارِ، أمَرَ اللَّهُ المَلَائِكَةَ: أنْ يُخْرِجُوا مَن كانَ يَعْبُدُ اللَّهَ، فيُخْرِجُونَهُمْ ويَعْرِفُونَهُمْ بآثَارِ السُّجُودِ، وحَرَّمَ اللَّهُ علَى النَّارِ أنْ تَأْكُلَ أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ، فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إلَّا أثَرَ السُّجُودِ، فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ).
- اختار اللهُ -تعالى- موضع السّجود ليكون العلامة التي تُبيّن المسلمين عن غيرهم، فقال: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّـهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ).
- يرفع الله -تعالى- المسلمين درجات في كلِّ سجدة يسجدونها، فقد صحَّ عن ثوبان مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه سمعه يقول: (عَلَيْكَ بكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ، فإنَّكَ لا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً، إلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بهَا دَرَجَةً، وحَطَّ عَنْكَ بهَا خَطِيئَةً).
الدعاء بين السجدتين
تعدّدت آراء المذاهب في حكمِ الدّعاء بين السّجدتين، فمنهم من رأى أنَّ الدّعاء بين السّجدتين غير مشروع، ومنهم من أقرَّ بمشروعيّة الدّعاء بين السّجدتين، وقالوا إن أدناه قول "ربِّ اغفر لي"، والأفضل إعادته ثلاث مرات، كما في الدّعاء في السّجود والرّكوع ، وقد استدلّوا على ذلك بقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بين السّجدتين: (ربِّ اغفر لي ربِّ اغفر لي).
قبل السلام
إنّ من المواضع الأخرى التي يُسنّ فيها الدّعاءُ هو: الدعاء بعد الصّلاة على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في التّشهد الأخير ، وفيما يأتي ذكر للأدعية المستحبّة في هذا الموضع:
- صحَّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم - أنَّه ساق ذكر التشهد الأخير ثم قال: (ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أعْجَبَهُ إلَيْهِ، فَيَدْعُو)، أي يدعو المسلم بما يشاء من دعاء قبل السلام.
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ باللَّهِ مِن أَرْبَعٍ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ).
- كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يزيد على الحديث السابق تعوذّه من المغرم والمأثمِ، فسأله الصّحابة عن سبب ذلك فقال: (فقال إنَّ الرجلَ إذا غرم حدَّثَ فكذبَ ووعد فأخلفَ)، ومعنى ذلك أي الدَّيْن ، حيث إنَّ الإنسان إن تعسّر عليه الدّين قام بتأجليه، وقد يلجأ للكذبِ وعدم الوفاء بوعوده بسبب ذلك.
- جاء في صحيح مسلم أنَّ من الأدعية المأثورة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعد التّشهد وقبل التّسليم : (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ).
- صحَّ عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه سأل أحد الصّحابة -رضيَ الله عنهم- عمّا يقول قبل السلام، فَرَّدَ عليه: (أتَشهَّدُ ثمَّ أقولُ: اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ الجنَّةَ وأعوذُ بكَ مِن النَّارِ، أنا واللهِ ما أُحسِنُ دَنْدَنَتَكَ ولا دَنْدَنَةَ مُعاذٍ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (حَوْلَها نُدَنْدِنُ)).
الدعاء والأذكار بعد السلام من الصلاة
حثَّ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمون على الدعاءِ وذكر الله بعد السّلام من الصّلوات المفروضة، ويُستحبّ أن يكون الدعاء سرّاً إلّا أن يكون الإمام متعمّداً حتى يتعلّم منه الناس، فقد قال الله -تعالى-: (وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِت بِها)، ومعنى هذه الآية أي لا تجهر بدعائِك، ولا تخفضه حتى لا تتمكّن من سماع نفسك، وإنمَّا يجب أن يكون الصوت منخفضاً وليس مكتوماً، وقد صحَّت العديد من الأدعية والأذكار التي يُستحبّ أن يأتي بها المسلم بعد الصلاة، ومنها ما يأتي:
- ذِكرُ الصّحابي معاذ بن جبل -رضيَ الله عنه- أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلّم- كان يُعلّمه ما يقول دُبر كل صلاة، فقال: (أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ).
- كان الصّحابة -رضوان الله عليهم- إذا فرغ أحدهم من الصّلاة قال اقتداءً بالنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ مِنَ الخيرِ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، وأعوذُ بِكَ منَ الشَّرِّ كلِّهِ عاجلِهِ وآجلِهِ، ما عَلِمْتُ منهُ وما لم أعلَمْ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ من خيرِ ما سألَكَ عبدُكَ ونبيُّكَ، وأعوذُ بِكَ من شرِّ ما عاذَ بِهِ عبدُكَ ونبيُّكَ، اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ الجنَّةَ وما قرَّبَ إليها من قَولٍ أو عملٍ، وأعوذُ بِكَ منَ النَّارِ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ، وأسألُكَ أن تجعلَ كلَّ قَضاءٍ قضيتَهُ لي خيرًا).
- كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إذا سلَّم من الصّلاة استغفر ثلاث مرات ثم قال: (اللَّهمَّ أنتَ السَّلامُ ومنك السَّلامُ تبارَكْتَ يا ذا الجلالِ والإكرامِ).
- صحَّ عن عبد الله بن الزبير -رضيَ الله عنه- أنَّه سمع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول بعد الصّلاة: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، له النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ له الدِّينَ ولو كَرِهَ الكَافِرُونَ).
- جاء في صحيح البخاري عن المغيرة بن شعبة أنَّه سمع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول بعد الصّلاة: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِما أعْطَيْتَ، ولَا مُعْطِيَ لِما مَنَعْتَ، ولَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ).
- جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه قال: (مَن قرأَ آيةَ الكرسيِّ دبُرَ كلِّ صلاةٍ مَكْتوبةٍ، لم يمنَعهُ مِن دخولِ الجنَّةِ، إلَّا الموتُ).
- جاء عن أبي هريرة -رضيَ الله عنه- أنَّه قال: (مَن سَبَّحَ اللَّهَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وحَمِدَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وتِسْعُونَ، وقالَ: تَمامَ المِئَةِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطاياهُ وإنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ)، وجاءت رواية فيها زيادة على الحديث السابق، حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائِلُهُنَّ، أوْ فاعِلُهُنَّ، دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وثَلاثٌ وثَلاثُونَ تَحْمِيدَةً، وأَرْبَعٌ وثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً).
- صحَّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان إذا انصرف من الصّلاة قال: (اللَّهمَّ أصلِحْ لي دِيني الَّذي جعَلْتَه لي عصمةَ أمري وأصلِحْ لي دنياي الَّتي جعَلْتَ فيها معاشي اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك برضاكَ مِن سخَطِكَ وبعفوِك مِن نِقمتِك).
- جاء عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قول: (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري. اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت).
- صحَّ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنَّه كان إذا صلّى الصُّبح قال: (اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافعًا ورزقًا طيِّبًا وعملًا متقبَّلًا).