متى يحدث الحمل
متى يحدث الحمل
يُمكن للمرأة أن تحمل بعد أن تبدأ الدّورة الشهّرية لديها (من سن البُلوغ)، وتبقى لديها قُدرة على الحمِل حتى تصِل لسن انقطاع الطمث (Menopause)، وإنّ أفضل فرصة لحدوث الحمل تكون أثناء فترة الخصوبة، وهي يوم الإباضة (خروج البويضة من المبيض لدى المرأة) بالإضافة إلى الخمسة أيام السابقة ليوم الإباضة.
يجدُر بالقول أن البويضة يُمكن أن تعيش لمدّة 12-24 ساعة فقط بعد خروجها من المبيض، وفي الواقع يجب تخصيب البويضة خلال هذه المدّة القصيرة بواسطة حيوان منوي بهدف حدوث الحمل، بينما يمكن للحيوانات المنويّة أن تعيش داخل جسم المرأة لمدّة تصل إلى 7 أيام، وفي حال ممارسة الجماع في الأيام السابقة للإباضة فسيكون هناك متّسع من الوقت أمام الحيوانات المنويّة للانتقال عبر قناتيّ فالوب وانتظار البويضة حتى يتم إطلاقها من المبيض.
فترة الخصوبة تعتمد على مدّة الدورة الشهريّة للمرأة والتي تتفاوت بشكل ملحوظ بين النساء؛ إذ إنّ موعد الإباضة المتوقّع عادةً يكون بعد مرور 14 يومًا من اليوم الأوّل لآخر دورة، وذلك في حال كانت مدّة الدورة الشهريّة للمرأة ما يُقارب 28 يومًا، وتجدر الإشارة إلى أنّه قد يكون صعبًا للغاية التنبّؤ بوقت الخصوبة لدى النساء حتى وإن كانت دوراتهنّ منتظمة، وذلك لأنّ تحديد وقت حدوث عمليّة الإباضة بشكل دقيق ليس بالأمر السهل.
كيف يحدث الحمل
فيما يأتي تفسير مُتسلسل لكيفيّة حُدوث الحمل:
التقاء الحيوان المنوي بالبويضة
يبدأ الحمل بعد تخصيب البويضة الأنثويّة بالحيوانات المنويّة الذكريّة، وتمثّل الحيوانات المنويّة خلايا صغيرة جدًّا في الحجم يتم إنتاجها في الخصيتين، ثم تمتزج الحيوانات المنويّة مع سوائل أخرى لتشكّل معًا السائل المنوي الذي يخرج من قضيب الرجل أثناء عمليّة القذف، وبالرغم من أنّ حدوث الحمل يحتاج إلى التقاء خليّة منويّة واحدة مع البويضة، إلّا أنّ أعداد الحيوانات المنويّة التي تخرج في كل عمليّة قذف كبيرة جدًّا تقدّر بالملايين.
أما بالنسبة للبويضات فهي داخل مبيضيّ الأنثى، وفي كل شهر تحفز الهرمونات الأنثويّة التي تتحكّم في دورة الحيض الشهريّة مجموعة من البويضات للبدء بالنموّ، وذلك داخل أكياس صغيرة ممتلئة بالسوائل تُدعى الجُريبات، وفي النهاية تنضج بويضة واحدة لتفتح الجريب وتخرج منه ثم تنطلق إلى خارج المبيض في عمليّة تُسمّى الإباضة ، ويحدث ذلك عادةً في منتصف الدورة الشهرية تقريبًا أو قبل أسبوعين من موعد بداية الحيض التالي تقريبًا كما ذكرنا، وتبدأ بعدها البويضة الناضجة بالتحرّك ببطء عبر قناة فالوب تجاه الرحم.
تبقى البويضة حيّة لمدّة قصيرة لا تتجاوز 24 ساعة في جسم الأنثى كما ذكرنا سابقًا، وتكون في هذا الوقت جاهزة لعمليّة التخصيب بواسطة الحيوان المنوي، والجدير بالذكر أنّ الجُريب الذي خرجت منه البويضة يتطوّر إلى ما يُعرف بالجسم الأصفر (Corpus luteum)، ويساهم الجسم الأصفر في إفراز الهرمونات التي تساعد على زيادة سمك بطانة الرحم لاستقبال البويضة في حال تخصيبها، كما تساعد الهرمونات الأنثوية التي تتحكّم في الدورة الشهرية للأنثى على جعل بطانة الرحم سميكة وإسفنجيّة ومناسبة للحمل.
يوجد احتمالان لمصير البويضة الناضجة؛ الاحتمال الأوّل أن تتحلّل وتتفتّت البويضة في حال لم يتم تخصيبها، يليها تراجع مستويات الهرمونات لتعود إلى الوضع الطبيعي، ثم يتخلص الجسم من البطانة السميكة للرحم على هيئة نزول دم الدورة الشهرية، والاحتمال الثاني أن تجد البويضة حيوانًا منويًا واحدًا قد وصل إلى قناة فالوب واستطاع تخصيبها، حينها تتغيّر البويضة بحيث لا تسمح لحيوان منوي آخر بالدخول، والجدير بالذكر أنّ جينات الطفل وجنسه يتم تحديده منذ لحظة الإخصاب؛ حيث إنّ الحيوان المنوي الذي يحمل كروموسوم X ينتج عنه طفلة أنثى، بينما الحيوان المنوي الذي يحمل كروموسوم Y ينتج عنه طفل ذكر.
انقسامات البويضة المخصبة
تبدأ البويضة المخصّبة بعمليّات الانقسام السريع إلى خلايا عديدة في غضون يوم من تخصيبها في قناة فالوب، وتبقى في القناة ما يُقارب 3 إلى 4 أيام، تستمرّ خلالها بعمليّات الانقسام والحركة البطيئة تجاه الرحم، وذلك بهدف الالتصاق ببطانة الرحم في عمليّة تسمّى الانغراس (Implantation)، وفي الحقيقة يبدأ الحمل بشكل رسمي عند حدوث الانغراس في بطانة الرحم، ويحتاج ذلك ليحدث إلى حوالي أسبوعين إلى 3 أسابيع بعد الجماع.
يسعى الجسم في سبيل المحافظة على الحمل إلى زيادة سمك بطانة الرحم، وإغلاق عنق الرحم بسدادة مخاطيّة تبقى في مكانها إلى أن يحين موعد الولادة، في حين تبدأ خلايا البويضة المخصبة بالنموّ على شكل كتل خلال 3 أسابيع، كما تكون الخلايا العصبيّة الأوّليّة للطفل قد تكوّنت، أما بالنسبة لهرمون الحمل والذي يُعرف علميًّا باسم موجهة الغدد التناسليّة المشيمائيّة (hCG) فهو ما يتم الكشف عنه في اختبارات الحمل؛ حيث إنّه يكون موجودًا في الدم منذ حدوث عمليّة الانغراس، وقد تستطيع بعض اختبارات الحمل المنزليّة الكشف عن هذا الهرمون بعد 7 أيام من الإباضة.
أعراض حدوث الحمل الأولية
تدّعي بعض النساء معرفة حدوث الحمل لديهنّ في غضون دقائق من ممارسة الجماع، وهذا الأمر مستحيل علميًّا؛ إذ إنّ أقرب وقت لشعور المرأة بأنّها حامل، أي الاحساس بأعراض الحمل المبكّرة ، هو بعد أسبوع من الجماع على الأقلّ، وذلك لأنّ أعراض الحمل لن تظهر إلا بعد حدوث الانغراس وهذا يتطلّب وقتًا، ومن الشائع أن يستغرق الأمر من أسبوعين إلى 4 أسابيع بعد ممارسة الجماع لتظهر الأعراض، كما قد لا تلاحظ بعض النساء أي أعراض حمل مبكّرة وهذا طبيعي للغاية، ويمكن أن تتضمّن أعراض وعلامات الحمل المبكّرة الأكثر شيوعًا ما يأتي:
- نزول بقع الدم: قد تلاحظ بعض النساء وجود بقع أو نزيف خفيف من الدم في وقت قريب من انغراس البويضة المخصبة في بطانة الرحم، وعادةً يتزامن هذا التبقيع مع وقت نزول دم الدورة الشهريّة، لذلك من الممكن ألا تنتبه بعض النساء إلى أنّ هذه إحدى علامات الحمل وتظنّها الدورة الشهرية، وفي الحقيقة لن تلاحظ جميع النساء الحوامل وجود هذا العَرَض وهذا أمر طبيعي أيضًا.
- غياب الدورة الشهريّة: قد يدلّ غياب أو تأخّر الدورة الشهريّة لمدّة أسبوع أو أكثر عن موعدها المتوقّع على وجود حمل، وذلك لا سيّما إذا حدث ذلك خلال عمر الإنجاب، ولكن تجدر الإشارة إلى أنّ المعاناة من عدم انتظام الدورة تجعل غياب الدورة علامة مضلّلة للحمل.
- تورّم وشعور بألم في الثدي: قد تلاحظ المرأة في المراحل المبكّرة من الحمل تورّم ثدييها وتشعر بألم عند لمسهما، وذلك نتيجة التغيّرات الهرمونيّة التي طرأت على جسم المرأة، ولكن يمكن أن يقلّ هذا الانزعاج بعد بضعة أسابيع عندما يبدأ الجسم بالتكيّف مع التغيّرات الهرمونيّة الجديدة.
- الغثيان: عادةً ما تشعر النساء الحوامل بغثيان الصباح (Morning sickness) بعد شهر واحد من الحمل، ولكن قد تشعر بعض النساء بغثيان الصباح في وقت أبكر من ذلك، كما قد لا تشعر بعض النساء بالغثيان مطلقًا خلال الحمل، وتجدر الإشارة إلى أنّ غثيان الصباح يمكن أن يحدث في أي وقت من اليوم صباحًا أو مساءً، وعليه يُشار إلى أنّ الاسم لا علاقة له بوقت حدوث الغثيان، ويمكن أن تشعر المرأة بالغثيان وحده كما يمكن أن تعاني من الغثيان المصحوب بالتقيؤ في بعض الأحيان، وبالرغم من أنّ السبب الحقيقي وراء غثيان الحمل غير معروف إلا أنّه يُحتمل أن تلعب الهرمونات دورًا في ذلك.
- زيادة التبوّل: يعود سبب زيادة عمليّة التبوّل لدى النساء الحوامل إلى زيادة كميّة الدم خلال هذه الفترة، وهذا يؤدي إلى زيادة عمل الكلية لمعالجة السوائل الزائدة في الجسم وثم يتم توصيلها للمثانة لتخرج من هناك بالتبوّل.
- التعب والإعياء: كثيرًا ما تلاحظ النساء الحوامل في المراحل المبكّرة من الحمل التعب والإعياء، ويعود ذلك إلى الارتفاع الكبير في هرمون البروجسترون (بالإنجليزيّة: Progesterone) الذي يُشعر المرأة بالنعاس.