متى يبدأ صيام الست من شوال
وقت بدء صيام الستّ من شوّال
يُحرَّم صيام أوّل يومٍ من شهر شوّال بإجماع العلماء؛ وهو اليوم الأوّل من عيد الفطر ؛ وذلك لئلّا يظنّ الناس أنّه يومٌ من رمضان، فيصومونه اعتقاداً بذلك، إذ ثبت شرعاً النّهي عن صوم يوم العيد بالزيادة في عدّة رمضان، وقد نقل كثير من المحقّقين إجماع أهل العلم على حرمة صوم يومي عيد الفطر والأضحى، واستدلوا بما ثبت عن أبي عُبيد مولى ابن أزهر أنّه قال: (شهِدْتُ العيدَ مع عمرَ بنِ الخطَّابِ فجاء فصلَّى ثمَّ انصرَف فخطَب النَّاسَ فقال: إنَّ هذينِ يومانِ نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صيامِهما يومُ فطرِكم مِن صيامِكم، والآخَرُ يومٌ تأكُلون فيه مِن نُسكِكم). إضافة إلى أنّ يوم العيد يوم فرحٍ وسرورٍ بإتمام شعيرة الصيام؛ فلزِم تحقيق معنى العيد بالفِطر، أكلاً وشرباً، وتمتّعاً بما أحلّه الله -سبحانه-،
أمّا عن معنى قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛ فليس المقصود الصيام المُتتابع، إذ لا بدّ من الفَصْل بينهما، وأقلّه يومٌ واحدٌ، ولا بأس بأكثر من يومٍ، وتحصل فضيلة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّالٍ؛ سواءً كان صيامها مُتتابعاً، أمّ مُتفرّقاً، كما أجمع على ذلك العلماء، مع استمراريّة وقت الصيام إلى نهاية الشهر، أمّا حُكم المُسارعة في صيامها بعد رمضان؛ فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنّ الأفضل المبادرة في صيام الستّ من شوّال بعد رمضان، فالمُبادرة في الصيام من المُسارعة في الخير التي حثّ الله -تعالى- عليها؛ ودليلهم في ذلك أيضاً قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛ فقول الرسول: "ثمّ أتبعه" يدلّ على أفضليّة المبادرة بالصيام بعد رمضان، وخالف المالكية في ذلك؛ فذهبوا إلى كراهة صيام السّت من شوّالٍ مباشرةً بعد العيد؛ حتّى لا تُعَدّ تلك الأيّام من رمضان، فيُزاد عليه ما ليس منه.
فضل صيام الست من شوّال
يترتّب على صيام الستّ من شوّال أجرٌ عظيمٌ، وقد ذكر العلماء عدّة فضائل لصيامها، فيما يأتي ذِكرٌ لبعضها:
- أجر صيام الستّ من شوّال كأجر صيام سنةٍ كاملةٍ؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛ إذ إنّ الحسنة بعشرة أمثالها، وصيام شهر رمضان بأجر صيام عشرة أشهرٍ، وستّة أيّام بأجر ستّين يوماً؛ أي شهرين، وبذلك ينال المسلم أجر صيام سنةٍ كاملةٍ.
- صيام الستّ من شوّال فيه تعويضٌ للنقص الذي قد يقع في صيام رمضان؛ من تقصيرٍ، ووقوعٍ في ذنب؛ فالنوافل تجبر النقص الحاصل في الفريضة؛ استدلالاً بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ النَّاسُ بِه يومَ القيامةِ من أعمالِهمُ الصَّلاة قالَ يقولُ ربُّنا جلَّ وعزَّ لملائِكتِه وَهوَ أعلمُ انظروا في صلاةِ عبدي أتمَّها أم نقصَها فإن كانت تامَّةً كتبت لَه تامَّةً وإن كانَ انتقصَ منها شيئًا قالَ انظُروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فإن كانَ لَه تطوُّعٌ قالَ أتمُّوا لعبدي فريضتَه من تطوُّعِه ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ علَى ذاكُم).
ثبوت شهر شوّال
يُعدّ شهر شوّال من الأشهر القمريّة العربيّة، وهو شهر عيد الفطر المبارك، الذي يحلّ بعد شهر رمضان، وشوال أوّل أشهر الحجّ المقصودة بقول الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)، ويثبت دخول شهر شوّال باكتمال عدّة شهر رمضان، أمّا ثبوت نهاية رمضان وحلول شوال؛ فقد تعدّدت أقوال أهل العلم في المسألة، وبيانها آتياً:
- القول الأوّل: إنّ شهر شوّال يثبت بشهادة رَجلَين عَدْلَين بأقلّ تقديرٍ، وهو قول أكثر أهل العلم، بينما ذهب آخرون إلى القول بأنّه يثبت بشهادة رجلٍ وامرأتَين، وفي قولٍ ثالثٍ عند بعض أهل العلم بأنّه يثبت بشهادة رجلٍ واحدٍ فقط.
- القول الثاني: قال بعض العلماء بأنّ شهر شوّال يثبت بالرؤية المُستفيضة إن كانت السماء صافيةً دون غيمٍ، ويُراد بالرؤية المُستفيضة معنيان؛ الأوّل: رؤية أكثر من ثلاثة أشخاصٍ، والثاني: رؤية العدد الكبير، بحيث يستحيل اتِّفاقهم على الكذب.