متى فرضت الصلوات الخمس
متى فرضت الصلوات الخمس؟
فُرضت الصلوات الخمس قبل هجرة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بعام، وكان ذلك في رحلة الإسراء والمعراج تحديداً، لتصبح خمس صلوات في اليوم واللّيلة، وزِيد على عدد الرّكعات بعدما كانت ركعتين مرتين في اليوم، ودليل ذلك ما ورد في السّنة عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، حيث قالت: (فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، في الحَضَرِ والسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وزِيدَ في صَلَاةِ الحَضَرِ).
وقد وقع خلاف حول تاريخ واقعة ليلة الإسراء والمعراج، فقيل إنّها حدثت في ليلة السابع عشر من ربيع الأول، وقيل إنّها حدثت في السابع والعشرين من رجب، وهذا القول نقله ابن الجوزي، وقيل إنّها حدثت في شهر رمضان.
دليل فرض الصلوات الخمس في ليلة الإسراء والمعراج
الدّليل من السّنة على أنّ الصلاة فُرضت في ليلة الإسراء والمعراج هو ما أخبرنا به الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- فقال: (فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما فَرَضَ رَبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي، فَقُلتُ: يا رَبِّ، خَفِّفْ علَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقُلتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بيْنَ رَبِّي تَبارَكَ وتَعالَى، وبيْنَ مُوسَى عليه السَّلامُ حتَّى قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَواتٍ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ).
التدرّج في فرض الصلاة
التدرّج في الشيء يعني: الانتقال من درجة إلى درجة أعلى لحيث بلوغ الدّرجة المطلوبة، وقد كان التّدرج بالصلاة في تشريعها؛ حيث كانت في البداية صلاتين في اليوم واللّيلة، ثم أصبحت خمس صلوات في اليوم واللّيلة، فزادت عدد ركعاتها، وثُبّتت في السّفر ركعتين كرخصة، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (فُرِضَتِ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ هَاجَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَفُرِضَتْ أرْبَعًا، وتُرِكَتْ صَلَاةُ السَّفَرِ علَى الأُولَى)، والحكمة من التّدريج في الأحكام الشرعية وخاصّةً الصّلاة؛ لعلاج النّفوس وإصلاحها، فيكون تقبّل الأحكام أسهل وأيسر على النفس البشرية.
ويجدر بالذّكر إلى أنّ النبيّ حثّ المريض على الصلاة بحسب الاستطاعة، فإن استطاع أن يصليها قائماً يفعل، فإن لم يستطع فيُصلّيها جالساً، فإن لم يستطع يُصلّيها على جنب، وهذا تدرّجٌ في هيئة صلاتها، ودليل ذلك الحادثة التي حصلت مع الصحابي عمران بن حصين -رضي الله عنه-، فقد قال: (كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ، فَقالَ: صَلِّ قَائِمًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).
قصة فرض الصلاة
الصلاة هي العبادة الوحيدة المشتركة بين الدّيانات، فعندما فرض الله -عز وجل- الصلاة على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، كانت خمسين صلاة، ثم خُفّفت حتى أصبحت خمس صلوات في اليوم واللّيلة، وبأجر خمسين صلاة، والصلاة هي الفرض الوحيد الذي فُرض في السماء ومن غير وحي أو واسطة، حيث فرضها الله -عز وجل- على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- في السماء؛ وذلك لأهميّتها وفضلها وعظم أجرها وقيمتها عند الله -عز وجل-.
من المهم أن يحرص المسلم على الصلاة فيُعطيها أهمّ الأوقات لا فضولها؛ لأنّها عندما فُرضت كانت خمسين صلاة، فدَّل ذلك على أهميتها، ودليل ذلك ما أخبرنا به الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-: (قالَ: فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى عليه السَّلامُ، فأخْبَرْتُهُ قالَ: راجِعْ رَبَّكَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذلكَ، قالَ: فَراجَعْتُ رَبِّي، فقالَ: هي خَمْسٌ وهي خَمْسُونَ لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ).