متى تم بناء برج إيفل
مراحل بناء برج إيفل
أُنجزت الرسومات المبدئية لبرج إيفل له عام 1884م، وفي الثامن والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير لعام 1887م بدأت أعمال الحفر الأولى، وقد استغرقت مدة وضع دعامات البرج ما يقارب الخمسة أشهر فقط، إذ وضعت أولى الأساسات في الأول من شهر تموز/يوليو عام 1887م، بينما استغرقت عملية تجميع القطع المعدنية المكونة له واحداً وعشرين شهراً.
انتهت أعمال الطابق الأول من البرج في الأول من نيسان عام 1888م، وفي الرابع عشر من شهر آب/أغسطس من نفس العام انتهت أعمال الطابق الثاني، ثمّ انتهى العمل بالبرج، وافتتح رسمياً في الواحد والثلاثين من شهر أذار/مارس عام 1889م، وبذلك استغرق بناؤه مدة تقارب سنتين وشهرين وخمسة أيام، وهي مدّة زمنية قياسية نظراً للإمكانيات المُتاحة للعاملين في تلك الفترة، ويجدر بالذكر أنّ غوستاف وضع العلم الفرنسي ذي الألوان الثلاثة في قمة البرج، وقد تميز هذا العمل الفني بالدقة المتناهية كما شهد له المؤرخون في ذلك الوقت، بالرغم من التكلفة البسيطة.
بُنِيَ برج إيفل الشهير احتفاءً بمرور مئة عام على الثورة الفرنسية التي بدأت عام 1789م، إذ عُقِدت مسابقة لاختيار التصميم الأفضل والأكثر مناسبة لهذا الحدث، وقد وقع الاختيار على تصميم برج إيفل المميز من بين 107 آخرين، ليبنى تزامناً مع انطلاق معرض يونيفرسال العاشر (بالإنجليزية: Exposition Universelle) المُقام في باريس، في الفترة الممتدة من 15 أيار/مايو إلى 6 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1889م، وقد احتلّ هذا المعرض مساحة 950 ألف م، وكان البرج حينها محطاً لأنظار الجميع، وبمثابة بوابة مؤقتة للدخول للمعرض، ومن الجدير بالذكر أن البرج صُمم بطريقة تضمن سهولة فكّه وإزالته فيما بعد.
تصميم برج إيفل
التصميم المبدئي
اقترح المهندس المعماري سوفيستر تصميماً لشكل البرج الخارجي، فقد اقترح إنشاء أقواس ضخمة لوصل الأعمدة بالطابق الأول من البرج، بالإضافة إلى إكساء دعامات البرج بقواعد مصنوعة من الحجر، وإنشاء قاعات كبيرة ذات جدران زجاجية في كل طابق، كما اقترح زخارف لتزيين الهيكل، وتصميماً على شكل مصباح لقمة البرج، إلا أنّ التنفيذ كان مختلفاً بعض الشيء عن هذا المقترح، وأكثر بساطة منه، وعلى الرغم من ذلك فقد ظهر البرج بشكله المميز، نتيجة للإبقاء على فكرة الأقواس الضخمة عند قاعدته.
التصميم النهائي
تضمّن التصميم النهائي للبرج أربعة أعمدة رئيسية تكون متباعدة في الأسفل، ثم تقترب تدريجياً إلى الداخل مع الصعود للأعلى، لتلتقي في النهاية مكوّنةً القمة، وترتبط هذه الأعمدة بمجموعة من العوارض المعدنية الموضوعة على مستويين مختلفين، إذ توفّر بذلك منصات يستطيع السياح من خلالها التمتع بمشاهدة المنظر، وللصعود إلى هذه المنصات ظهرت الحاجة لإضافة مصاعد للبرج، لذلك قدّمت شركة أوتيس الأمريكية (بالإنجليزية: Otis Elevator Company) تصميماً زجاجياً للمصعد، وقد أصبحت هذه المصاعد فيما بعد أحد أبرز معالم البرج، إضافة إلى كونها في الأساس متطلباً هندسياً.
يتميز تصميم قاعدة البرج بوجود أربعة أقواس نصف دائرية، والتي تقتصر على منح البرج منظراً جمالياً باهراً، دون أي تأثير وظيفي على هيكله، وبذلك فقد بلغ ارتفاع البرج 300م، أمّا ارتفاعه الكلي مع القاعدة وهوائي التلفاز الموجود في القمة فيصل إلى 324م، إذ يبلغ ارتفاع القاعدة وحدها 5م.
المواد المستخدمة في بناء برج إيفل
يصل وزن برج إيفل إلى حوالي 10,100 طن، إذ يتكون بشكل رئيسي من 7,000 طن متري من الحديد المطاوع، ممّا يجعله مختلفاً بشكل كبير عن مباني مدينة باريس التاريخية والمصنوعة من الحجر، ومن الجدير بالذكر أنّ مادة الحديد المصنوع منها البرج تتمدد بالحرارة، وتتقلص بالبرودة، وبنسبة تصل إلى 15 سم تقريباً، وقد استفاد غوستاف عند تصميم البرج من خبرته في إنشاء جسور السكك الحديدية.
استُخدم في بناء برج إيفل 18 ألف قطعة معدنية، إذ بلغ طول كلٍّ منها 0.1ملم، وقد صُنعت هذه القطع في مصنع إيفل الواقع في ضاحية لوفالوا بيري (بالفرنسية: Levallois Perret)، في مدينة باريس، ثمّ جُمّعت مع بعضها البعض باستخدام براغٍ مؤقتة، ممّا أنتج قطعاً جديدة كبيرة، وبطول 5م لكلٍّ منها، ليتمّ بعد ذلك استبدال البراغي المستخدمة ب 2.5 مليون مسمار، إذ تمّ تركيب هذه المسامير حرارياً.
استُخدمت السقالات الخشبية والرافعات البخارية الصغيرة لتجميع قطع البرج في موقع البناء، إذ تراوح عدد العاملين بين 150 إلى 300 عامل، وقد ثُبِتت العوارض المعدنية بدقة كبيرة باستخدام الرافعات الهيدروليكية، أمّا أعمدة البرج فقد ارتكزت على الأساسات الخرسانية، والتي وضعت على طبقة من الحصى، على عمق أمتار قليلة من مستوى سطح الأرض.
دهان برج إيفل
يُحافظ دهان برج إيفل على نظافة البرج ويجعله مقاوماً للصدأ، وذلك من خلال الاهتمام به وطلائه بالطريقة التقليدية، وبصورة دورية كل سبع سنوات تقريباً، إذ تمّ طلاؤه حتى الآن 18 مرة، وتستغرق عملية الطلاء الواحدة ما يقارب 18 شهراً، ويحتاج فيها البرج إلى 60 طناً من الطلاء، وتُنفَّذ يدوياً بالاستعانة ب 25 دَهَّاناً، وباستخدام 1500 فرشاة طلاء بسيطة، وبذلك ظهر البرج بعدة ألوان منذ إنشائه، ففي البداية كان يحمل اللون الأحمر-البني، ثم تمّ تغيير لونه إلى درجات الأصفر والبني الكستنائي، بينما اليوم يتميز البرج باللون البرونزي؛ إذ يتدرج بثلاث درجات من اللون البني، ليكون غامقاً عند قاعدة البرج، وفاتحاً في قمته.
بعض استخدامات برج إيفل عبر التاريخ
كان الاتفاق منذ البداية على أن يبقى برج إيفل قائماً لمدة 20 عاماً فقط، إلا أنّ المهندس غوستاف إيفل وضع خطة للحفاظ عليه، ومنع هدمه وإزالته، وذلك من خلال إشراك البرج بالأبحاث، وفيما يأتي أهم استخدامات برج إيفل:
- دراسة علم ديناميكية الهواء، ويقصد بذلك دراسة الكيفية التي يتحرك بها الهواء حول الأجسام، فقد علّق غوستاف إيفل حبلاً من الطابق الثاني للبرج ، ووضع في نهايته أجساماً مختلفة، وذلك لدراسة حركتها، إذ ظهر اهتمامه بتأثير الرياح منذ بداية تصميمه للبرج.
- بث إشارات راديوية، إذ إنّ لهذه الإشارات أهمية بالغة في تحديد موقع السفن في البحر، وذلك من خلال مقارنة التوقيت المحلي للمدينة مع الإشارات المُرسلة في نفس الوقت، مما يساعد مهندسي السفينة على حساب بعدهم عن هذه المدينة باتجاه الشرق أو الغرب، حيث تعادل كل ساعة زمنية واحدة في فرق التوقيت، 15 درجة على خط الطول.
- دراسة الطقس والأحوال الجوية، فقد أقام غوستاف لنفسه مكتباً خاصاً في الطابق الثالث من البرج، وذلك لمشاهداته وملاحظاته الفلكية والفسيولوجية، بالإضافة إلى تركيبه محطة للطقس في نفس الطابق، وربطها مع مكتب الطقس الفرنسي الموجود في مدينة باريس.
- إجراء التجارب العلمية، إذ تكمن أهمية البرج في كونه مختبراً للقيام بمجموعة من التجارب، وذلك في عدة مجالات، ومنها: الفيزياء، وعلم الفلك، والرياح، والإضاءة الكهربائية، والديناميكا الهوائية، ومن الجدير بالذكر أنّ برج إيفل عمل بمثابة هوائي لنقل البث اللاسلكي، إذ ثُبِت أول تلغراف لاسلكي عليه عام 1898م، كما ثبتت عليه أجهزة أخرى، مثل: جهاز الباروميتر، وجهاز قياس شدة الرياح، ومانعات الصواعق.
برج إيفل
يقع برج إيفل (بالإنجليزية: Eiffel Tower) في العاصمة الفرنسية باريس، بالقرب من نهر السين (بالإنجليزية: Seine)، وفي ساحة دي مارس الخضراء (بالفرنسية: le Champ-de-Mars) على وجه التحديد، كما يُعرف باسم السيَدة الحديدية (بالإنجليزية: The Iron Lady)، وتنطلق أهميته من كونه أكثر المعالم السياحيَة زيارةً على مستوى العالم، إذ يصل عدد زواره سنوياً إلى ما يقارب سبعة ملايين زائر.
صمّم هذا البرج عدد من المهندسين، وهم: المعماري ستيفن سوفيستر (Stephen Sauvestre)، والمهندسون: موريس كوشلين (Maurice Koechlin)، وإميل نوغير (Emile Nouguier)، بمعاونة شركة إيفل للمقاولات (بالإنجليزية: construction company of Gustave Eiffel) التي أسّسها المهندس غوستاف إيفل، ويعدّ برج إيفل حتى اليوم المبنى الأكثر ارتفاعاً في مدينة باريس إذ يبلغ ارتفاعه 324م، أمّا على مستوى العالم فقد احتلّ المرتبة الأولى في الارتفاع حتى عام 1930م، متفوقاً بذلك على نصب واشنطن الذي بلغ ارتفاعه 169.3م، ليحتلّ هذه المرتبة فيما بعد بناء كرايسلر (بالإنجليزية: Chrysler) الواقع في مدينة نيويورك.