متى تبدأ صلاة التهجد في رمضان
متى تبدأ صلاة التّهجد في رمضان
يبدأ التّهجُد في شهررمضان المبارك من اللّيلة الأولى بعد صلاة العِشاء، وهي اللّيلة التي يُرى فيها الهِلال، فقيامُ رمضان مُتعلِّقٌ بِدُخول الشهر، وليس بصيام نهار رمضان، وأفضل أيّام التّهجُد؛ هو ما يكون في العشر الأواخر من شهر رمضان؛ وذلك لِفعل النبيّ محمد -عليه الصلاةُ والسلام-، فقد كان يجتهدُ فيها ما لا يجتهدُ في غيرها من الأيّام، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وأَحْيَا لَيْلَهُ، وأَيْقَظَ أهْلَهُ)، وقد كان يُحيي ليله بالقيام، والذكر، وقراءة القُرآن؛ طلباً لليلة القدر ولإدراك فضلها.
فيُسنُّ للمُسلم أن يجتهد فيها، ويقومُ ليلها بأنواع العِبادة، اتّباعاً للنّبيّ -عليه الصّلاةُ والسّلام- في إحيائها والاجتهاد فيها، ويبدأ التّهجّد من بعد العِشاء ويمتدُّ إلى طُلوع الفجر، فإذا انتهى المسلم من صلاة العِشاء دخل وقت التّهجُد، ويجوزُ له أن يوتر في أي وقتٍ خلال اللّيل؛ سواءً في أوّله، أو آخره، أو وسطه، وقيل: إن التّهجُد هو قيام اللّيل الذي يكون بعد النوم.
وأفضل أوقات القيام للتّهجُد في آخر اللّيل، وهو ما يُسمّى الثُلث الأخير من اللّيل، أو جوف اللّيل الآخِر؛ وذلك لتنزُّل الله -تعالى- تنزّلاً يليق بجلاله في هذا الوقت، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له)، والأفضل للإنسان الذي لديه عمل في الصباح أن يقوم بتقسيم اللّيل إلى نصفين؛ بحيث يصلّي في أوله ثم ينام، ثم يستيقظ في آخر اللّيل فيصلّي ويُدرك فضل هذا الوقت، وذلك لمن لا يستطيعُ قيام اللّيل كاملاً.
حكمة مشروعيّة صلاة التّهجد
توجد الكثير من الحِكم لتشريع صلاة التّهجُد ، ومن هذه الحِكَم ما يأتي:
- الزيادة في إيمان المُسلم؛ الأمر الذي يؤدي إلى زيادة رغبته في مناجاة الله -تعالى-، والشُّعور بحلاوة الطّاعة والعِبادة، كما أنّها دليلٌ على صدق إيمان قائم اللّيل وتعظيمه لربّه.
- قيامُ اللّيل والتّهجُد يُساعدُان على زيادة الإخلاص؛ لِما فيهما من النشاط وصفاء الذِهن، كما أنهما أبلغ في الثواب والأجر، لِقولهِ -تعالى-: (إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا).
- اهتمامُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بها -حتى كانت تكاد قدماه تتفطّر من طول وقوفه، ولمّا سألتهُ زوجتهُ عائشة -رضي الله عنها- عن فعله ذلك وهو النبيّ الذي غفر الله -تعالى- له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فأجاب وقال -صلى الله عليه وسلم-: (أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا).
- المُحافظةِ عليها من أسباب دُخول الجنة ورفع الدّرجات، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (يا أيُّها النَّاسُ أفشوا السَّلامَ وأطعِموا الطَّعامَ وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نيامٌ تدخلوا الجنَّةَ بسلامٍ).
- المُحافظة عليها توجبُ رحمة الله -تعالى-، وقد مدح -سبحانه وتعالى- أصحابها، وشهد لهم بالإيمان، ونفى التّسويةِ في الأجر بينهم وبين من لا يقوم اللّيل، فقال -تعالى-: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ الليل سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).
- قيام اللّيل هو أفضل أنواع الصّلاة بعد الفرائض، لقول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (أفضلُ الصلاةِ بعد الصلاةِ المكتوبةِ الصلاةُ في جوفِ الليل).، وهو سببٌ في تكفير السّيئات، والبُعد عن الإثم، وهو شرفٌ للمؤمن وفضلٌ يُغبط عليه، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (لا حَسَدَ إلَّا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ القُرْآنَ فَهو يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ اللَّهُ مالًا فَهو يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ).
حكم صلاة التهجد
تُعدُّ صلاة التّهجُد من السُّنن المؤكّدة، وثبت ذلك بِالكِتاب، والسُنة، وإجماعُ الأُمّة، وهي من السُّنن غير المُحدّدةِ بِعددٍ من الركعات ، واتّفق الفُقهاء على مشروعيّته، وحُكمهُ على التفصيل سُنّةٌ عند الحنفيّة والحنابلة، ومُستحبٌ عند الشّافعيّة، ومندوبٌ عند المالكيّة.