مارك توين (كاتب أمريكي)
مولد ونشأة مارك توين
مارك توين هو اسم الشهرة لصامويل لانغورن كليمنس، وهو كاتب أمريكيّ وُلد في 30 من شهر تشرين الثاني سنة 1835م في فلوريدا في ولاية ميزوري في الولايات المتحدة الأمريكية لأسرة كان هو السادس بين أبنائها، والده هو جون مارشال ووالدته جين لامبتون.
ولد قبل أوانه بشهرين وعانى كثيرًا من الأمراض بسبب نقص العناية في ذلك الوقت، وبقي يُعاني الأمراض حتى سن العاشرة من عمره، وهذا السبب جعله موضع عناية خاصة من والدته التي قد تساهلت معه كثيرًا وتركته يعبث في المنزل كيفما شاء، ولعلّ مردّ ذلك يعود إلى وفاة بعض إخوته في بعض الأوبئة التي كانت مميتة آنذاك.
أدّى تدهور الحالة الاقتصادية للأب إلى اضطرار الأسرة إلى ترك فلوريدا والانتقال شرقًا مسافة 50 كيلو متر إلى مدينة هانيبال أو حنبعل على ضفاف نهر المسيسبي وذلك في عام 1839م، كان في تلك المدينة فرص أكثر للعمل كونها مدينة اقتصادية تتوافد عليها الناس من كل مكان لأغراض مختلفة، فافتتح والد مارك توين متجرًا في تلك المدينة، ومن ثَمّ تدرّج في المناصب الحكومية حتى أصبح قاضيًا للصلح، ولكنّ حالته الماديّة عادت لتسوء من جديد وتتراكم عليه الديون مرة أخرى.
مسيرة مارك توين التعليمية
درس في المدارس الابتدائية وتركها وهو في عمر 12 عامًا بسبب وفاة والده، الأمر الذي دفعه لأن يبحث عن عمل يُعيل من خلاله أسرته التي صار هو المعيل الوحيد لها بعد وفاة والده جون مارشال عام 1847م، فعمل مارك توين في الطباعة لانتشار الصحف آنذاك، وبعدها انتقل للعمل لدى شقيقه الذي كان يمتلك كثيرًا من الصحف آنذاك واسمه أوريون كليمنس، وخلال هذا الوقت بدأ مارك توين بالنشر في مجلة "Carpet-Bag" في واشنطن تحت اسم مستعار هو: "S. L. C".
حياة مارك توين المهنية
عانى مارك توين أو صامويل كليمنس حياةً مهنيّة قاسية بدأت في سنّ مبكرة عنده، فقد مات والده وهو صغير فاضطرّ للعمل باكرًا وهو في سن الثانية عشرة، فبدأ العمل في الطباعة في إحدى مطابع مدينته الجديدة، ولكن بعد عودة أخيه فإنّه انتقل للعمل معه بعد افتتاحه جريدة في مدينة هانيبال وشرائه الجريدة المحليّة في تلك المدينة عام 1850م.
بعد ذلك بعامين صار صامويل رئيس تحرير الجريدة، وصار ينشر تحت اسم مستعار هو "دبليو. إيبامينونداس أدراستوس بيركنز"، كان هذا أول اسم مستعار ينشر من خلاله كتاباته أو رسوماته، لتتوالى الأسماء بعده حتى يصل إلى اسم مارك توين.
رأى صامويل أنّ بإمكانه أن يعمل أعمالًا مختلفة ويُحقّق لنفسه الاكتفاء الذاتي، فقرّر عام 1853م أن يُسافر ليكتشف العالم وخلال سفره هذا عمل في مهن مختلفة في عدة ولايات أمريكية، ففي عام 1853م عمل في مطبعة في سانت لويس، بعدها غادر إلى فيلادلفيا ثمّ واشنطن، ليعود بعدها إلى نيويورك مرّة أخرى بعد أن تسبّبت بعض الحرائق في تعطيل عدد من المطابع، كان صامويل كليمنس خلال هذه المدة ينشر في بعض الجرائد والمجلات دون أن يكون عنده طموح لأن يكون كاتبًا مشهورًا أو نحو ذلك.
عام 1855م انتقل صامويل إلى ولاية آيوا إلى مدينة كيوكوك للعمل مع أخيه الذي افتتح جريدة هناك، ولكن لم يدُم عمله مع أخيه سوى عام تقريبًا لينتقل بعدها إلى سينسيناتي بولاية أوهايو ليعمل في مجال الطباعة، وبعدها انتقل إلى لوس أنجلوس وعمل هنالك على ضفاف المسيسيبي على قارب دفع مالًا كبيرًا ليتعلّم قيادته ويحصل على لقب قائد أو ملّاح، وظلّ بعدها يتنقّل بين الولايات وفي تلك الولايات المتفرقة بدأ مشروعه الأدبي وصار يوقع باسم مارك توين الذي لاقى شهرة واسعة بين ليلة وضحاها.
حياة مارك توين الشخصية
في وقت ما بين عامي 1867م و1869م زادت شهرة مارك توين حتى صار من أشهر كتاب الولايات المتحدة آنذاك، ولكنّ شهرته تلك جعلت منه إنسانًا مغرورًا يتباهى بذكائه وقوة قلمه، فشعر أنّه كالغريب في تلك الولايات التي تنقّل بينها، فسعى لأن يستقر ويشعر أنّه ينتمي لوطن ما.
فقرّر الزواج وتزوّج بفتاة اسمها أوليفيا لانغدون وهي شابة في منتصف العقد الثالث من العمر، ابنة رجل ثريّ يعمل في تجارة الفحم، كانت أوليفيا -أو ليفي- فتاة متديّنة مثل معظم الفتيات والنساء في ذلك الوقت، وكان مارك توين أو صامويل يُحبّها كثيرًا وهذا ما صرّح به في رسالة إلى صديقه، ورزق منها بأربعة أطفال.
مؤلفات مارك توين
لقد ترك مارك توين إرثًا أدبيًّا كبيرًا منه روايات وقصص قصيرة، لعلّ أبرزها:
الروايات
لقد كان لمارك توين كثير من الروايات التي تركها خلفه، منها:
- العصر المذهّب: هي رواية شارك في تأليفها مارك توين إضافة لتشارلز دودلي وارنر، صدرت عام 1873م، وهي رواية ساخرة تنتقد الأخلاق السائدة في الولايات المتحدة آنذاك، يغلب عليها الطابع الفكاهيّ مع الرسوم الكاريكاتورية اللاذعة التي تُصوّر الناس الجشعين الذين يسيطرون على الساحة السياسية والاقتصادية آنذاك.
- مغامرات توم سوير: كتبَ مارك توين هذه الرواية عام 1876م، تروي هذه الرواية قصصًا حقيقية حدثت مع مارك توين نفسه ومع بعض الصبية الذين كانوا يشاركونه مرحلة الطفولة.
- الأمير والفقير: رواية كتبها مارك توين سنة 1881م، تروي أحداثها قصة ولدين وُلدا في اليوم نفسه، الأول وريث عرش إنجلترا والثاني فقير متسول، فيلتقيان ذات يوم ويُقرّران تبادل الأدوار، فتدور أحداث الرواية في قالب من الفكاهة والكوميديا والتشويق.
القصص القصيرة
بدأت شهرة مارك توين من خلال القصص القصيرة، ومن أشهر تلك القصص:
- الضفدع النطاط الشهير في مقاطعة كالافيراس: صدرت هذه القصة عام 1865م، تروي قصة مُغامر مقامر يجد بعض الاستخدامات غير المعتادة لبعض الحيوانات، تُعدّ هذه القصة أوّل نجاح حقيقي لمارك توين، وهي أبرز الأسباب التي جذبت الأنظار إليه.
- حظ: كتب مارك توين هذه القصة عام 1886م ولكن لم يكتب لها أن تُنشر إلّا في عام 1991م في مجلة هاربر، وتروي قصة شابّ يعمل في الجيش قائدًا عسكريًّا يحالفه الحظ دائمًا في كل شؤون حياته، وكلّما أخطأ جاء هذا الخطأ نعمة له.
- الوصية التي ثمنها 30.000$: يتألف هذا الكتاب من مجموعة قصصية تضم نحو 30 قصة كوميديّة، نُشر هذا الكتاب سنة 1906م ويحكي قصصًا متفرقة من حياته المهنية عندما كان يعمل ويُقدّم نصائح للفتيات الصغيرات.
وفاة مارك توين
عانى في أواخر حياته مشكلات كثيرة منها فقدان ابنتيه في وقت متقارب، ثمّ فقدان زوجته التي أحبّها جدًّا، ثمّ إصابته بما يشبه الاكتئاب وبعض الأمراض النفسية التي جعلته يبتعد عن الناس، اتّسمت حياته في تلك السنوات بنوبات من الغضب وجنون العظمة، صار يدخّن لكي يُخفّف من الاكتئاب الذي بات يشعر به، وجاء يوم 21 نيسان عام 1910م الذي توفي فيه مارك توين في مدينة إلميرا في ولاية نيويورك الأمريكية عن عمر يناهز 74 عامًا، طاويًا بذلك الفصل الأخير من قصة حياته المليئة بالإثارة والتشويق والمواقف الغريبة.
أشهر أقوال مارك توين
لقد ترك مارك توين خلفه كثيرًا من العبارات التي يكثر الناس من اقتباسها، ومنها:
- الحرب هي قتل مجموعة من الأغراب الذين لا تشعر نحوهم بأيّ عداء، ولو قابلتهم في ظروف أخرى لقدمت لهم العون أو طلبته منهم.
- بعد عشرين عامًا من الآن ستكون أكثر إحباطًا بسبب الأشياء التي لم تُحقّقها وليس بسبب الأشياء التي حققتها، لذلك ألقِ حبل الشراع، وأبحر بعيدًا عن الميناء الآمن، استغل الريح لدفع أشرعتك، استكشف واحلم واكتشف.
- من لا يريد القراءة ليس بأفضل ممن لا يستطيع القراءة.
- من الأفضل لكَ أن تُغلق فمك وتترك الناس يعتقدون أنّك أحمق من أن تفتحه وتمحو كل شك.
- إنّ السعادة تتحرك باتجاهك في اللحظة التي تبدأ فيها ضخ السعادة باتجاه الآخرين.
الخلاصة
يظهر أنّ مارك توين من الأدباء الأمريكيين الذين تركوا بصمة كبيرة في عالم الأدب من خلال ما تركوه من إرثٍ أدبيّ كبير قد أغنى المكتبة العالمية، وكذلك كان من الأدباء الذين بذلوا مجهودًا كبيرًا للوصول إلى أحلامهم ودفعوا في سبيل ذلك الغالي والنّفيس من أعمارهم.