ماذا يحدث في حياة البرزخ
حقيقة حياة البرزخ
إنّ حياة البرزخ بما فيها من فتنة وعذاب من عقيدة أهل السنة والجماعة، وإنّ ما فيها من النعيم والراحة تتفاوت بين إنسان وآخر، وقد دلت النصوص الشرعية على حقيقة حياة البرزخ والقبر وما يحدث فيها، قال تعالى: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، فهي دليل على أنّ آل فرعون تعرض عليهم النار في الغدو والعشي مع أنّه وقع عليهم الموت ، وفي هذه الآية استدلال على حقيقة وجود عذاب القبر كما قال ابن كثير، وكذلك استعاذة النبي عليه الصلاة والسلام من عذاب القبر وهذا يدل أيضاً على وجوده.
ماذا يحدث في حياة البرزخ
حياة البرزخ هي حياة متوسطة تكون بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، ويكون ابتداء هذه الحياة حينما تقبض روح الإنسان، وتستمر حتى يبعث الإنسان وتقوم الساعة، وإنّ ما يحصل في هذه الحياة لا تعلم تفاصيله على الحقيقة لأنّها من علم الله تعالى، فلا يستدل على معرفة شيء من تفاصيل هذه الحياة إلا فيما ورد فيه النص من كتاب وسنة، كما دلت النصوص الشرعية على أنّ هذه الحياة تبدأ عند قبض الأرواح ثمّ العروج بها إلى السماء، ثمّ القبر وما فيه من أهوال من بينها ضمة القبر ، وسؤال الملكين، حيث يتحدد بناء على هذا السؤال مصير الإنسان، فإن كان صالحاً بُشر بمعقده من الجنة، وفسح له في قبره، فيستبشر لذلك، وإن كان طالحاً بُشر بمعقده من النار، وضيق عليه في قبره واشتعل عليه نار، فأصابه من ذلك الغم، فيبقى الصالح على حاله من النعيم، والطالح على حاله من العذاب إلى يوم يبعث الله الخلائق، وقد جاء في ذلك حديث صحيح طويل عن الرسول عليه الصلاة والسلام جمع ما يحصل للموتى عندما تقبض أرواحهم وما يحصل لهم في قبورهم.
عذاب القبر
يقع عذاب القبر على الروح والجسد على الصحيح من أقوال العلماء، حيث قال ابن تيمية إنّ مذهب علماء العلماء وسلف الأمة على أنّ النعيم والعذاب يقعان على الروح والجسد معاً، فالروح تبقى في النعيم أو العذاب بعد مفارقتها الجسد، وكذلك يقع النعيم أو العذاب للجسد والروح عند اتصالهما في حالات معينة، وهذا ما ينبغي التصديق والإيمان به، وإذا قيل إننا نرى الميت ولا نرى ما يحدث له من الضرب بالمطارق، أوعند السؤال، فيجاب عن ذلك بحال النائم في الدنيا حيث قد يصيبه الفزع والألم، أو يشعر بالنعيم والسعادة، من دون أن يشعر به من حوله، وكذلك حال النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان الوحي يأتيه فلا يشعر به من حوله، وحياة البرزخ بلا شك تختلف كلياً عن حالة النائم في الدنيا.
سماع الأموات لأصوات الأحياء ومعرفة أخبارهم
لا يسمع الموتى بأخبار الأحياء مطلقاً، ذلك أنّ السمع ينقطع عن الموتى، ودليل ذلك قوله تعالى: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ)، وقوله تعالى: (وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ)، ويستثنى من ذلك ما ورد فيه النص، ومن ذلك الحديث النبوي الذي جاء فيه: (إنَّ العبدَ إذا وُضِعَ في قبرِه وتَوَلَّى عنهُ أصحابُه؛ حتى أنَّه يَسمعُ قَرْعَ نِعالِهِمْ)، وكذلك الحديث الذي يسأل فيه الملك الميت من ربك، وما دينك، فيسمع ويجيب، وبالتالي فلا دليل على أنّ الميت يسمع أو يعلم بأخبار أهل بيته، أما مسألة رد الميت لسلام من يسلم عليه من الأحياء، فقد وقع فيها الخلاف، والرأي القوي الراجح فيه أنّه يسمع سلام من يعرفه من الناس فيرد الله عليه روحه ليسمع السلام ويرد عليه.