ما هي يثرب وأين تقع
يثرب
يثرب هو الاسم القديم الذي كان يُطلَق في الجاهليّة على المدينة المنوّرة، وهي إحدى المدن البارزة في التاريخ القديم، وحظيت بأهميّة كبيرة منذ بزوغ شمس الإسلام. سُميت يثرب بهذا الاسم نسبةً إلى يثرب بن قاينة، وهو أول من سكنها، ثم تبِعه بنو هف، وبنو مطرويل وهم من أقوام العماليق، وكان ملكهم آنذاك يُدعى الأرقم بن الأرقم، ثم سكن المدينة قبائل الأوس والخزرج ، وهي قبائل يمنيّة نزحت إلى يثرب بعد فيضان يُدعى العرم حدث في بلادهم، كانت هذه القبائل في حالة حرب طويلة فيما بينها حتى قدوم الإسلام، وهجرة الرسول عليه الصّلاة والسّلام إلى يثرب.
تتميّز مدينة يثرب بامتلاكها 80 اسماً؛ منها المدينة المنورة ، وقبّة الإسلام، والجنة، والمحبوبة، والمُباركة، وطابة، ودار الهجرة، وطيبة. أما سبب تسميتها بطيبة؛ فيعود إلى طيب مناخها وطقسها، حيث كان فيها وادي يُسمّى بالعقيق، وكان أهلها يجدون فيه مُتنزّهاً لطيفاً. تمتلك يثرب مكانةً خاصّةً في الإسلام؛ فهي المكان الذي نزل فيه الرسول عليه الصّلاة والسّلام بعد هجرته من مكة المكرمة ، وكان يُحبّها حبّاً شديداً، كما تضم يثرب أول مسجد أقامه الرسول عليه الصّلاة والسّلام، وهو مسجد قباء، كما تضمّ المسجد النبوي الشريف، وقبر الرسول محمد عليه الصّلاة والسّلام.
موقع يثرب
تقع مدينة يثرب، أو المدينة المنورة، في منطقة الحجاز في المملكة العربية السعودية ، شمال مدينة مكة المكرمة، حيث تبعُد عنها 350كلم، ويتميز موقعها قديماً بوقوعه في منطقة مليئة بالآبار وعيون الماء. من أشهر الوديان التي كانت موجودة فيها هي وادي بطحان والعقيق. انتشرت فيها قنوات المياه التي من أبرزها قناة مهمزوز ومذيديب. وتبعاً لتوافر المياه بكثرة فقد تميّزت أرضها بالخصوبة، ممّا جعلها منطقةً زراعيّة بامتياز. تمتدّ إحداثيّات المدينة بين خط طول ′28°24 شمالاً، وخط عرض ′36°39 شرقاً.
يثرب بعد الإسلام
لا شكّ أن يثرب تمتلك مكانةً خاصّةً ومُقدّسةً في الإسلام، اكتسبتها بعد هجرة الرسول وصحابته إليها. كانت يثرب المكان الذي أُوحيَ للرسول عليه الصّلاة والسّلام الهجرة إليه؛ فبعد أن اشتدّ أذى قريش للرسول وكانوا ينوون قتله، جاءه الوحي ليُحذّره من نوايا قوم قريش، ممّا دفع الرسول عليه الصّلاة والسّلام لحزم أمره بالهجرة إلى يثرب في تلك الليلة، وكان أبو بكر الصديق صاحب الرسول عليه الصّلاة والسّلام في هذه الهجرة . وصل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يثرب في في 20 سبتمبر لعام 622م.
عندما وصل الرسول عليه الصلاة والسلام، سمّاها المدينة وطيبة، وثبُت اسمها في آيات القرآن الكريم، في قوله تعالى: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ الأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ اللّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ). وعند قدوم النبي إلى المدينة استقبله أهلها بفرح وسرور، وخرج إليه الأنصار حاملين أسلحتهم، وكان أول أعمال الرسول عليه الصّلاة والسّلام في المدينة هو بناء مسجد قباء. وبعد ذلك، تبِعَ المسلمون الذين كانوا في مكّة الرسول عليه الصّلاة والسّلام إلى المدينة ، واستقبلهم الأنصار في المدينة المنورة برحابة صدر، وآثروهم على أنفسهم وأولادهم.
تتجلّى أهميّة المدينة المنورة في الإسلام في الأمور الآتية:
- هي المكان الذي احتضن الرسول عند هجرته، واستقبله أهلها ومن معه بفرح، واستضافوه أفضل استضافة.
- هي أحبّ البقاع للرسول؛ حيث دعا الرسول عليه الصّلاة والسّلام في الحديث الشريف: (لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا ، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الْأَنْصَارِ)، بالإضافة إلى الحديث عنه عليه الصّلاة والسّلام: (هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ).
- مكان وجود مسجد النبي، وهو ثاني أفضل مسجد بعد المسجد الحرام ، والصلاة فيه مُضاعفة، ويدل عليه حديث الرسول عليه الصّلاة والسّلام القائل: (صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا تَعْدِلُ أَلْفَ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ).
- مكان الروضة الشريفة الذي قال عنها الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (مَا بَيْنَ قبري ومنبري رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ).
- هي مكان له حرمته إلى يوم القيامة، بدلالة حديث الرسول عليه الصّلاة والسّلام: (اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا). كما أنها مصانة من الطاعون والدجال، وذلك ما دلّ عليه حديث الرسول عليه الصّلاة والسّلام (عَلَى أَنْقَابِ الْمَدِينَةِ مَلَائِكَةٌ لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ).
- مكان وجود قبر الرسول عليه الصّلاة والسّلام، كما يضم كذلك قبر صحابيه؛ الصديق وعمر بن الخطاب .