ما هي مراتب القدر
مرتبة العلم
مرتبة العلم هي أولى مراتب القدر، وهي الإيمان الجازم بأنَّ الله -سبحانه وتعالى- عالم بكل شيء بعلمه القديم، وعلمه ليس كعلم المخلوقات، فهو علم عام وشامل لكل شيء ومن جميع النواحي والأحوال، فالله -عزَّ وجلَّ- عالمٌ بكل الأمور بتفاصيلها الدقيقة والتي لا يعلمها أحد غيره، وإن أدرك الإنسان هذه المرتبة وآمن بها فلن يضل أبدًا.
وتوجد العديد من الأدلة على هذه المرتبة في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومنها قوله -تعالى-: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)، وقوله -سبحانه وتعالى-: (أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).
مرتبة الكتابة
الكتابة هي المرتبة الثانية من مراتب القدر، فالله -عزَّ وجلَّ- قد كتب المقادير كلها في اللوح المحفوظ، واللوح المحفوظ هو من أعظم ما خلق الله -سبحانه وتعالى-، وقد كتب فيه كل ما يتعلق بالمخلوقات جميعها من أعمال، سواءً الإنسان أو الجن أو الحيوان وسائر المخلوقات.
من الأدلة على هذه المرتبة قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ).
وقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قالَ: وَعَرْشُهُ علَى المَاءِ).
مرتبة المشيئة
المشيئة هي المرتبة الثالثة من مراتب القدر، وتعني: الإيمان بأنَّ الله -سبحانه وتعالى- هو المقدّر للأمور، وكل ما يجري في هذه الدنيا ناتج عن إرادة الله -عزَّ وجَّل- ومشيئته الخالصة، فإن الأمور تحدث إن شاء الله -تعالى- لها أن تحدث، وأما إن لم يشأ الله -تعالى- لها بالحدوث فإنها لا تحدث أبدًا، فلا شيء في هذا الكون يحدث خارج إرادة رب الكون.
ومن الأدلة على هذه المرتبة قوله -سبحانه وتعالى-: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وقوله -تعالى-: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ).
مرتبة الخلق
مرتبة الخلق هي المرتبة الرابعة والأخيرة من مراتب القدر، وتعني أنَّ الله -سبحانه وتعالى- هو الخالق لكل شيء في الأرض والسماء، ومن ضمن هذه المخلوقات أفعال العباد وأعمالهم، ورغم ذلك فقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بفعل الطاعات وتجنب المعاصي، فهو يحب عباده الصالحين ولا يحب الكافرين.
وقد خلق الله -تعالى- أفعال العباد جميعها الصالح منها وغير الصالح، وهو الخالق لإرادة العباد وقدرتهم، ولكن في النهاية يعود القرار في إرادة القيام بالفعل للعبد فهو مخير في ذلك، وهو وحده المسؤول عن أعماله، ودليل ذلك قوله -سبحانه وتعالى-: (مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ* وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
والدليل على هذه المرتبة هو قوله -تعالى-: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).
الإيمان بمراتب القدر واجب على كل مسلم، ولا يكون الإيمان بالقضاء والقدر إلا من خلال الإيمان بهذه المراتب، وجميع هذه المراتب عائدة إلى صفات الله -سبحانه وتعالى- وأفعاله؛ فهو العالم والخالق، وهو الذي كتب كل شيء عنده، ولا شيء يحدث دون إرادته.