ما هي مبادئ الإسلام
مبدأ العدالة
قرّرت الشريعة الإسلاميّة مبدأ العدالة المُطلقة بين جميع البشر ، وجاءت الكثير من الأدلة التي تحثُّ عليها وتأمر الناس بها، كقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا)، وجاءت الشريعة الإسلاميّة بهذا المبدأ مُنذُ نُزولها، أمّا القوانين الوضعيّة فلم تعرفه إلا في أواخر القرن الثامن عشر.
وهذا المبدأ يُزيل الظُلم عن جميع البشر ، ويُصلح أحوالهم وخاصةً في الأموال، فقد قرّرت الشريعة بتحريم الربا وأكل أموال الناس بالباطل في كثيرٍ من الأدلة، وجاء عن ابن تيمية أن الأصل في العُقود جميعُها هو العدل، وذكر ابن القيم أن الشريعة كُلها عدل، فهذا المبدأ العظيم تتحقق به مصالح جميع البشر، وبه تنتظمُ حياتُهم، ويكون تطبيقه وفق منهج الله وهديه.
مبدأ الحرية
جاءت الشريعةُ الإسلاميّة مُنذُ نُزولها بمبدأ الحُرية ، فقرّرت حُرية الفكر، والاعتقاد، والقول، ودلّ على هذا المبدأ الكثير من الأدلة، كقولهِ -تعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)، وهذا المبدأ لم تعرقه القوانين الوضعيّة إلا مؤخّرا، والشريعة الإسلامية لا تعتدي على الحُريات ولا تُناقِضُها، فهي تُحقّق الحُرية لجميع البشر، ومن ذلك أنّها تُقرر أن الله واحدٌ لا شريك له وتُلغي العُبوديّة لغيره؛ كالعُبوديّة للبشر والأهواء، وتُعطي الناس الحُرية بشرط أن يبقوا تحت نظام الإسلام من غير إكراهٍ في الدُخول فيه، ولا تستبدُ بالحُكم.
وأمّا تطبيقها للحُدود فهو لا يكون إلا بعد توفُّر الشُروط وانتفاء الموانع، وتُطلق الحُرية على العديد من المعاني، ولكنها في الأصل تُطلق على استواء الأفراد في تصرفُاتهم بأنفسهم، وهو من المقاصد الأساسيّة للشريعة، كما تُطلق على ما يُضاد العُبوديّة، فدلت الشريعة على إبطال العبوديّة وتعميم الحرية، وتُطلق على حُرية تصرف الشخص العاقل في شؤونه بنفسه من غير توقفٍ على رضا أحدٍ غيره، وهذا المبدأ من أكبر المبادئ في الشريعة، فعليه يتوقف طُغيان الأُمم الظالمة، وإنصاف الفقير والضعيف.
مبدأ المساواة
قرّرت الشريعة الإسلاميّة مبدأ المُساواة بين جميع البشر من غير قيودٍ أو شُروط، لقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، وبيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن الناس سواسيةٌ كأسنان المشط، ولم تعرف القوانين الوضعيّة المُساواة إلا في أواخر القرن الثامن عشر، وتُطبّقه بعض الدول بقيود، وقصد الإسلام من مبدأ المُساواة؛ العدل الخالص بين المُسلم وغيره.
وهذا المبدأ دلّت عليه الكثير من الأدلة في الكِتاب والسُنة، وطبّقه النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- وصحابته الكرام في جميع شؤون حياتهم، فالبشر سواء أمام حُكم الله، ولا فرق بين صغير أو كبير، أو رئيس أو مرؤوس، وهو من المبادئ الصالحة في كُل زمانٍ ومكان وفي جميع الظُروف والأحوال، فالبشر جميعُهم مُتساوون في حقوق الحياة بحسب فطرتهم، ومُتساوون كذلك في أُصول الشرع، ولا يتخلف ذلك إلا عند وجود المانع، فالمُساواة من مقاصد الشرع العامة.
مبدأ الشورى
يُعدُ مبدأ الشورى من المبادئ التي دعت إليها الشريعةُ الإسلاميّة منذ نُزولها، لقوله -تعالى-: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ)، وجاءت القوانين الوضعيّة بهذا المبدأ بعد الشريعة بأحد عشر قرناً، وقد طبّق النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- مبدأ الشورى في حياته ، فشاور أصحابه في غزوة بدر، وأخذ برأي الحباب بن المُنذر، واستشارهم في كثيرٍ من أُموره سواءً في السلم أو الحرب، وثم بدأت القوانين الوضعية تسير في مبدأ الشورى على ما سارت عليه الشريعة الإسلاميّة التي سبقتهم به قبل أحد عشر قرناً من الزمان.
مبدأ منع الضرر
جاءت الشريعة الإسلاميّة بمبدأ تحريم كُل ما له ضرر، فجاءت بتحريم الخمر، وإباحة الطلاق، ومن الأدلة على تحريمها للخمر قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)، وفي الطلاق رفعٌ للضرر الواقع على الفرد أو الأُسرة أو المُجتمع، كما أنها جاءت بتحريم الاحتكار، وكُل ما فيه أكلٌ لأموال الناس بالباطل، والفواحش، والإثم، والبغي بغير الحق، والدعوة إلى الخير والمعروف، والنهي عن المُنكر، لقوله -تعالى-: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ).
وحرّمت الشريعة الضرر بكافة أشكاله وصوره، فلا يجوز للإنسان إلحاق الضرر بنفسه أو بغيره، وقد ذكر الله منع الضرر في عددٍ من الأبواب؛ كباب الرضاعة، والأنصبة في الميراث، وغيرها، وتأخُذ الأحكام غيرها نفس الحُكم في منع الضرر، ومن الأمثلة على هذا المبدأ نظرية الظُروف الطارئة؛ والتي تتعلق بإزالة الضرر عن المُتعاقدين أو أحدهما عند وُقوع جائحة تؤثر على العقد وآثاره.
مبدأ التعاون الاجتماعي
تُعدُّ الشريعة الإسلاميّة أول من جاء بمبدأ التعاون الاجتماعيّ ، ونظرية التضامن الاجتماعي، قال الله -تعالى-: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، فبيّن الله في هذه الآية أن التعاون يكون على البر والخير، وبترك المُنكر والإثم، والشريعة تقوم على النُّصح والإرشاد، بالإضافة إلى التعاون في كُل أمرٍ فيه خيرٌ في الدُنيا والآخرة، بشرط أن لا يكون في هذا التعاون مُحرماً.
حفظ الضرورات الخمس
جاءت الشريعة الإسلاميّة بحفظ الضرورات الخمس ؛ وهي الضرورات التي تضمن للإنسان بقاء السعادة؛ وهي حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل، وبضياعها وإهمالها تشقى الأُمّة في الدُنيا والآخرة، فجاء الشرع بإباحة كُل ما فيه خيرٌ لهذه الضرورات، وحرّم ما فيه اعتداءٌ عليها، وهذه الضرورات الخمس هي مدار الشرع من الخلق، وفيها قيامُ مصالحهم في الدُّنيا والآخرة.
فالمُحافظة على الدين يكون بالعبادة والإيمان، وتحقيق الأمن الفكري للمؤمنين، وأمّا حفظ النفس؛ فقد حرم الشرع الاعتداء عليها وشرع العُقوبات على من يُخالف ذلك، وأمّا حفظ العقل؛ فيكون بالعلم النافع والتفكُّر في خلق الله، وأمّا حفظ النسل؛ فكان بوضع العُقوبات لمن يعتدي على النسل بالعلاقات المُحرمة، وأمّا حفظ المال؛ فقد أمر الله باكتسابه بالحلال، وحرّم الوسائل المؤدّية لأخذه بالحرام.