ما هي صلاة التهجد
ما هي صلاة التهجد
التّهجّد في اللّغة هو: اسمٌ مشتقٌّ من تهَجّدَ، وتأتي تهجَّدَ بمعنى نام أو بمعنى سَهِر، وهما كلمتان متضادّتان، وعليه فإنّ صلاة التهجّد في الاصطلاح هي: صلاة التّطوّع أو صلاة النّافلة التي تكون ليلاً، وتأتي بعد نومٍ، ولا تكون صلاة التهجّد إلّا في اللّيل خاصّة، والمُتهجّد هو مَنْ يقوم ليلاً من نومه ليصلّي تطوّعاً.
حكم صلاة التهجد
تُعدّ صلاة التهجّد أو القيام ليلاً من أسمى ما يَتقرّب به المسلم لله -تعالى-، وقد وردت في القرآن الكريم والسنّة النّبويّة أدلّةٌ لا حصرَ لها تحثُّ المسلمين وتُرغّبهم بصلاة اللّيل وتمتدِح مُصلّيها، وحكمها سنّة مؤكّدة، وهي نافلةٌ مُطلقة لقول الله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)، وصلاة اللّيل هي أفضل الصّلوات بعد الفرائض؛ لأنّها تكون في اللّيل في وقت الغفلة والتّراخي، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أفضلُ الصلاةِ، بعد الصلاةِ المكتوبةِ، الصلاةُ في جوفِ الليل).
صفة صلاة التهجد
تكون صلاة التهجّد على النّحو الآتي:
- ينوي المسلم أن يقوم لصلاة التهجّد قبل نومه، وإن فاتته الصّلاة وغلب عليه النّوم كَتَب الله -تعالى- له أجر القيام، وكان نومه صدقة.
- يمسح على وجهه بعد أن يستيقظ من نومه، ويقرأ الآيات العشرة الأخيرة من سورة آل عمران ، من قول الله -تعالى-: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ)، إلى نهاية السّورة، اقتداءً بفعل الرّسول.
- يستخدم السّواك، ثمّ يتوضّأ استعداداً للصّلاة.
- يفتتح تهجّده بركعتين خفيفتين لا يُطيل فيهما، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).
- تكون صلاته مثنى مثنى ويُسلّم من كلّ ركعتين، ويصحّ للمصلّي أن يُصلّي أربع ركعاتٍ بتسليمة واحدة، ويصحّ في هذه الحالة أن يتشهّد في كلّ ركعتين، أو أن يقتصر على التّشهد الأخير في نهاية صلاته.
- ينوي عدد الرّكعات التي يُريد أن يُصلّيها، ويجوز له أن يزيد فيها أو يُنقص منها، ويُندب أن يكون للمسلم عدد ركعاتٍ معلومة يعتاد عليها غالباً، وإن فاتته لعذرٍ ما يقيضيها في اليوم التّالي شفعاً.
- يُستحبّ للرّجل أن يصلّي التهجّد في بيته وليس في المسجد، كما يُستحبّ أن يُوقظ أهله لصلاة القيام، وإن أمكنه يُصلّي فيهم في بعض الأحيان.
- يُستحبّ لمن يُصلّي التهجّد أن يُطيل في قيامه وفي قراءته للقرآن الكريم، ويَجهر في قراءته أحياناً، ويجعلها سرّاً أحياناً أخرى، ويُندب له أن يُسبّح إذا مرّ بآيةٍ تتحدّث عن عظمة الله -تعالى-، وأن يدعو الله بالرّحمة والنّجاة من العذاب إذا مرّ بآيات الجنّة والنّار، كما يُستحبّ أن يُطيل المتهجّد في سجوده، وإن شعر بغلبة النّعاس عليه جاز له أن ينام ثمّ يواصل صلاته.
- يُصلّي في آخر صلاته صلاة الوتر ، فيصلّي ما شاء الله له أن يُصلّي ثمّ يختتمها بالوتر مهما بلغ عدد الرّكعات؛ وذلك لأنّ النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُصلّي في اللّيل ركعتين ركعتين، ثمّ يختتمها بركعة الوتر، ثمّ يستعدّ لصلاة الصّبح.
فضل صلاة التهجد
إنّ صلاة التّهجّد شأنها عظيم في ديننا الحنيف، وهي ليست كأيّ صلاة، وقد أمر الله -تعالى- نبيّنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- بها؛ لِيقتدي المسلمون به، وفضائلها كثيرةٌ ورد بعضها في القرآن الكريم وفي السنّة النّبوية وفي آثار الصّالحين، ومن هذه الفضائل ما يأتي:
- تُعدّ علامةً على إيمان العبد، فكلّما زاد الإيمان زادت الرّغبة في الوقوف بين يديّ الرّحمن في الظّلمات ومناجاته والتّذلل بين يديه؛ لأنّها صلاة خفيّة اختصّ الله -تعالى- بها المؤمن الحقيقيّ، وهي تدلّ على صدق المؤمن في محبّته لله -تعالى-.
- يكون المصلّي في اللّيل أصفى ذهناً من صلاة النّهار، وتكون صلاته أكثر خشوعاً، وتزيد فيها البركة، ويُخلِص فيها المصلّي لله -تعالى- لأنّها تكون بالخفاء.
- امتدحَ الله -تعالى- المؤمنين في كثيرٍ من آيات القرآن الكريم، وذَكَرَ خصالهم، ومن بين هذه الخصال أنّهم يُقيمون اللّيل ويتهجّدون به، ووصفهم بأوصاف مُشرّفة لهم، حيث وصفهم بالمحسنين والأبرار والمتّقين، قال الله -تعالى- في وصف المتّقين: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ).
- تكون صلاة التهجّد سبباً في النّجاة من نار جهنّم والفوز بالجنان والقرب من الرّحمن.
- تُعين صلاة اللّيل المسلم على الالتزام بالأعمال الواجبةِ عليه، وتثبّت الإيمان في قلبه.
- تكون صلاة التهجّد في أكثر الأوقات المباركة للحفظ والتدبّر؛ ولذلك طلب الله -تعالى- من رسوله في سورة المزمّل أن يُخصّص جزءاً من اللّيل ليُصلّي ويتدبّر آياته ويحفظها.
- تعدّ صلاة اللّيل أفضل الصّلوات بعد صلاة الفريضة، وقد أشرنا إلى ذلك سابقاًمع الدليل عليه.
- تكون حِصناً للمسلم من الوقوع والانسياق وراء الفتن.
- ذمّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من يُمضي اللّيل كلّه نائماً، ووصفه بأنّه قد بال الشّيطان في أذنه، دلالة على كسله، أمّا من يقوم من نومه ليتوضأ ثمّ يصلّي فإنّه يطرد عنه الشيطان، ويبقى نشيطاً، قال -عليه الصلاة والسلام-: (يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ علَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هو نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فإنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فأصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وإلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ).
- أوصى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الأزواج أن يُوقظ كلٌّ منهما الآخر لصلاة التهجّد، وهذا دليلٌ على حرص النّبي على هذه الصّلاة، ومن ذلك أنَّه كان يُوصي ابنته فاطمة وزوجها عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهما- بصلاة اللّيل.