ما هي صفات زينب رضي الله عنها
زينب رضي الله عنها
زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أُمّها أولى زوجات النبي، وهي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد التي أنجبت له جميع أبنائه إلّا ابراهيم، فأمه هي مارية القبطية رضي الله عنها، زينب أكبر بنات الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتأتي بعد الأخ الأكبر القاسم المُكنّى به رسول الله، تزوجت رضي الله عنها من أبي العاص بن الربيع، وكان ذلك قبل بعثة النبي، فلمّا كانت البعثة آمنت بها وبأبيها، هاجرت إلى المدينة المنورة بعد غزوة بدر، ابنتها هي أمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنهما بعد وفاة فاطمة بنت الرسول، توفيت زينب رضي الله عنها في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم السنة الثامنة للهجرة.
صفات زينب رضي الله عنها
في عدة أحاديث وردت عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ذُكرت ابنته زينب رضي الله عنها، وفي هذه الأحاديث تبيّنت فيها العديد من الصفات التي تميزت بها، فقد كانت لها منزلةٌ كبيرة عند الرسول عليه الصلاة والسلام، فكانت من أوائل من أسلم، ومن أهمّ صفاتها رضي الله عنها:
- الوفاء لزوجها أبي العاص بن الربيع، والذي كان لا يزال على شركه حين أُسر من المسلمين في غزوة بدر ، فبعثت لفدائه قلادةً كانت قد منحتها إيّاها أمها خديجة بنت خويلد، فرآها النبي ورقّ قلبه لها، فأطلق المسلمون سراح زوجها، وأعادوا لها القلادة، وطلب الرسول من أبي العاص بن الربيع أن يُخلي سبيل زينب رضي الله عنها، والتي كانت لا تزال في مكة فقام بذلك.
- صبرها وتحملها أذيّةَ قريش لها، حيث إنّ مشركي قريش آذوها حين حاولت الخروج، واللّحاق بالرسول صلّى الله عليه وسلّم في المدينة المنورة، فكان الاعتداء عليها من أسباب وفاتها رضي الله عنها، حين أدركها رجل يُسمّى هبار بن الأسود، وقام بطعن البعير، حتى سقطت عنه، فنزفت الدماء، وأسقطت ما في بطنها، فبقيت في مكة عند هند بنت عتبة، حتى بعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم زيد بن حارثة، فهرّبها من مكة إلى المدينة.
- حماية المُستجير، وقد برزت هذه الصفة عند زينب رضي الله عنها، فأصبحت سنّة للمسلمين إلى يوم الدين، بحيث أن يُجير على المسلمين أدناهم، وظهر ذلك جلياً عندما أخذت الآمان لزوجها أبي العاص بن الربيع، وأعلنت أمام الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه أنّها أجارت أبا العاص، حيث قال الرسول: (يا أيها الناسُ إني لم أعلمْ بهذا حتى سمعتُموه، ألا وإنه يُجيرُ على المسلمينَ أدْناهم).
زواج زينب رضي الله عنها
تزوجت زينب رضي الله عنها أبا العاص بن ربيع، وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد، وقد كان أبو العاص من رجال مكةَ المعروفين بالمال والتجارة والأمانة ، وكانت أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تعتبره كابنها، فطلبت من الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يُزوجه من زينب، وكان ذلك قبل البعثة، بيد أنّه بعدما نزل الوحي على النبي الكريم آمنت بذلك خديجة، وبناته رضي الله عنهنّ، لكنّ أبا العاص بقي على شركه، فما كان من قُريش إلّا محاولة إشغال الرسول بأمور غير أمور الدعوة، فطلبوا من أزواج بنات النبي أن يُعيدوهنّ إلى النبي، فوصلوا إلى أبي العاص، وطلبوا منه إعادة زينب رضي الله عنها، وتزويجه بأيّ امرأة يُريدها، إلّا أنّه رفض أن يُفارقها، أو أن يستبدلها بأي امرأة، وقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يُثني على أبي العاص على ذلك.
هجرة زينب من مكة إلى المدينة
بعدما أخلى المسلمون سبيل أبي العاص بن ربيع طلب منه الرسول صلّى الله عليه وسلّم أن يُعيدَ له ابنته زينب، فلمّا عاد أبو العاص أمرها أن تلحقَ بأبيها في المدينة فتجهزّت لذلك، وكان ينتظرها زيد بن حارثة خارج مكة، فرافقها كنانة بن الربيع أخو زوجها في وضح النهار، فكان ذلك سبباً في علم مُشركي قُريش، فخرجوا يتبعونها، وكان أوّل من وصل إليها هبّار بن الأسود، وقام بمواجهة بعيرها برمحه حتى سقطت من هودجها، وقد قيل إنّها كانت حاملاً، فأسقطت، فواجههم حموها كنانة حتى جاءه أبو سفيان فهدّأه ،وأوضح له بأنّ قُريش مكلومة بخسائرها في غزوة بدرّ، وأنه خرج بزينب أمام الناس، فطلب أن يعودَ بها إلى أن تهدأ قُريش، ثمّ يخرج بها سرّاً، فكان ذلك بعدما أقامت في مكة المكرمة عدّة ليالٍ، ثمّ خرج بها سرّاً، وسلّمها إلى زيد بن حارثة، ومن معه، فعادت إلى رسول الله، وقد قال كنانة بن الربيع في ذلك:
عجبت لهبار وأوباش قومه
- يريدون إخفاري ببنت محمد
ولست أبالي ما حييت عديدهم
- وما استعجمت قبضا يدي بالمهند
ولمّا عادوا إلى مكة متفاخرين بأنّهم قد ردّوا إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم الصفعة بعد بدر، وقد أعادوا لأنفسهم الكرامة بأن يطرحوا امرأة على الأرض، حتى تنزف، خرجت إليهم هند بنت عتبة وقد رأت ما رأت في زينب رضي الله عنها تذكّرهم بهزيمتهم في بدر، ونصرهم على بنت محمد معايرة لهم بذلك قائلة:
أفي السلم أعيار جفاء وغلظة
- وفي الحرب أشباه النساء العوارك.
وفاة زينب رضي الله عنها
تُوفيت زينب رضي الله عنها في بداية السنة الثامنة من الهجرة حيث عاشت ما يُقارب من الثلاثين عاماً، وقد كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم يُحبّها كثيراً، ويُكيل الثناء عليها، فقد ورد عن الرسول أنّه: (لما ماتت زينبُ بنتُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ " اغسلنها وترًا. ثلاثًا أو خمسًا. واجعلن في الخامسةِ كافورًا. أو شيئًا من كافورٍ. فإذا غسَّلتُنَّها فأعْلِمننى". قالت: فأعلمناهُ. فأعطانا حِقْوَهُ وقال: أشعِرْنها إياهُ)، فلزينب رضي الله عنها منزلة كبيرة عند أبيها صلّى الله عليه وسلّم، فهي من أوائل من أسلم، وتحمّلت الأذى وصبرت عليه، والّذي كان من أسباب وفاتها، وانتقالها إلى الرفيق الأعلى رحمها الله ورضي عنها.