ما هي صحف إبراهيم وموسى
أولو العزم من الرّسل
فضّل الله -تعالى- الأنبياء والرّسل -عليهم السّلام- على سائر عباده، فكانوا الصّفوة المُنتقاة، قال الله تعالى : (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، والله -تعالى- فضّل بعض الأنبياء على بعض، قال الله تعالى: ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ)، فكان أفضل الرّسل أولو العزم منهم، وهم: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد عليهم الصّلاة والسّلام، قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ)، وأفضل أولو العزم هما: محمّد وإبراهيم عليهما الصّلاة والسّلام، وأفضلهما؛ الصادق الأمين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، حيث جاء عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (أنَا سَيِّدُ ولَدِ آدَمَ يومَ القِيامَةِ ولا فَخْرَ، وبيدِي لِواءُ الحَمْدِ ولا فَخْرَ، وما من نَبيٍّ يومَئِذٍ آدَمَ فمَنْ سِواهُ إلّا تحتَ لِوائِي، وأنا أوَّلُ شافِعٍ، وأوَّلُ مُشَفَّعٍ، ولا فَخْرَ).
صحف إبراهيم وموسى
ختم الله -تعالى- الكتب السماويّة بالقرآن الكريم الذي أنزله على آخر المبعوثين والمُرسلين محمّد صلّى الله عليه وسلّم، ليتتمّم الرّسالة ويوحّد الأمّة، ويبيّن لهم ما اختلفوا فيه، وينزعهم من طريق التيه والضلال ليضعهم على طريق النّور، فلم يدع الله -تعالى- أمراً إلّا وأوجد له حلاً في كتابه، ولا مسألة إلّا وبيّنها، فبيّن الله -تعالى- الكتب السماويّة التي أُنزلت على أنبيائه ورسله عليهم السّلام، ومن الكتب السماويّة: صحف إبراهيم وموسى عليهما السّلام، وقال الله -تعالى- عن الصحف في سورة الأعلى: (إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى*صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، وقد ورد ذكرهما في موضع آخر من القرآن الكريم، وتحديداً في سورة النجم؛ حيث قال الله تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى*وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى*أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، وفي ذكر ما جاء في صحف سيدنا إبراهيم -عليه السّلام- قال الله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى*وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى*بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى*إِنَّ هَـذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى*صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى)، فكان إبراهيم -عليه السّلام- صاحب الملّة، وإماماً للأمّة، قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، وكان موسى -عليه السّلام- صاحب الكتاب والكلام والشريعة؛ حيث قال الله تعالى: (قُل مَن أَنزَلَ الكِتابَ الَّذي جاءَ بِهِ موسى نورًا وَهُدًى لِلنّاسِ)، فاتخذ الله -تعالى- إبراهيم -عليه السّلام- خليلاً، واتُّخذ موسى -عليه السّلام- كليماً لله تعالى، فالرابط بين إبراهيم وموسى رسالة توحيد الله تعالى، والدّعوة لطاعته، فكان منهما البذّل والعطاء حبّاً لخالقهما.
الكتب السماويّة
الكتب السماويّة هي الكتب التي أُنزلت من الله -تعالى- للأنبياء والرّسل عليهم الصّلاة والسّلام؛ ليبلّغوا رسالة التوحيد ، وليكونوا مبشّرين ومنذرين لأقوامهم الذين ضلّوا عن الطريق القويم، فالإيمان بالكتب السماويّة يعدّ ركناً من أركان العقيدة الإسلاميّة، وقد ثبت ذلك في القرآن الكريم والسنة النبويّة والإجماع، قال الله تعالى: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)، وروى عمر بن الخطّاب-رضي الله عنه- عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الإيمانُ أن تُؤْمِنَ باللَّهِ وملائِكَتِهِ وَكُتبِهِ ورسلِهِ واليومِ الآخرِ والقدرِ كلِّهِ خيرِهِ وشرِّه)، ولا يكون الإيمان بكتابٍ واحد وإنكار الكتب الأخرى، بل يجب الإيمان بجميع كتب الله -عزّ وجلّ- على حدٍ سواء؛ ليكتمل إيمان الفرد، فأنزل الله -تعالى- الصّحف على إبراهيم، والتّوراة على موسى، والزّبور على داوود ، والإنجيل على عيسى، والقرآن الكريم على محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فكان القرآن الكريم آخر الكتب السماويّة، وكان محمّد خاتم النبيّن والمُرسلين عليهم الصّلاة والسّلام.
إبراهيم عليه السّلام
هو الخليل إبراهيم بن تارِخ بن ناحور بن ساروغ بن راغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أَرْفَخْشَذ بن سام بن نوح عليه السّلام، وقد اختلف العلماء في مكان ولادة النبيّ إبراهيم عليه السّلام؛ فمنهم من قال: إنّه وُلد في بابل في العراق، ومنهم من قال: إنّه وُلد في الغوطة في دمشق في قرية يُقال لها برزة في جبل قاسيون، ورُجِّح أنّه وُلد في بابل، وقد تزوّج إبراهيم -عليه السّلام- من سارة التي بلغت من الكِبَر عتيّاً ولم تنجب له ولداً، فوهبت أَمَتها هاجر لإبراهيم -عليه السّلام- ليرزقه الله -تعالى- منها إسماعيل عليه السّلام، ويبشّره الله -تعالى- بإسحاق -عليه السّلام- بعد إسماعيل -عليه السّلام- بثلاث عشرة سنة، فحَمَدَ إبراهيم -عليه السّلام- ربّه -تبارك وتعالى- على ما أكرمه، قال الله تعالى: (الحَمدُ لِلَّهِ الَّذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إِسماعيلَ وَإِسحاقَ إِنَّ رَبّي لَسَميعُ الدُّعاءِ).
موسى عليه السّلام
هو موسى بن عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوب عليه السّلام، أرسله الله -تعالى- برسالة الحقّ إلى بني إسرائيل؛ ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فتعالى فرعون وطغى في الأرض فساداً، فبلغ الكفر عنده مبلغاً كبيراً وأنكر وجود الله تعالى، وقد جاء في القرآن الكريم: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ)، فردّ عليه موسى عليه السّلام: (قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ)، فاستكبر فرعون وقال بأنّه هو الربّ الأعلى، فأهلكه الله -تعالى- ومن تبعه بالغرق، ونجى موسى -عليه السّلام- ومن تبعه من بني إسرائيل.