حكم طواف القدوم
حكم طواف القدوم
اتَّفق جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة على أنّ طواف القدوم سُنَّة من سُنن الحجِّ، لذا فلا يأثم مَن تركه ولا يلزمه دم، وممّا استدلُّوا به على ذلك ما يأتي:
- قول الله -تعالى-: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)، حيث أجمع العلماء على أنّ الطواف المقصود في هذه الآية هو طواف الإفاضة .
- ما ثبت عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (حتَّى إذَا أَتَيْنَا البَيْتَ معهُ، اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا).
- قياس طواف القدوم الذي يُعدّ تحيَّةً للبيت على ركعتي تحيَّة المسجد، فكما أنّ تحيَّة المسجد سُنَّة وليست واجبة كذلك طواف القدوم.
- سقوط طواف القدوم عن الحائض دون قضائه أو جبره بدم.
وتجدر الإشارة إلى أنّ المالكية خالفوا الجمهور فيما ذهبوا إليه وقالوا بوجوب طواف القدوم ومن تركه لزمه دم، وممّا استدلُّوا به على ذلك، ما ثبت عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أنَّهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه فَكانَ أَوَّلَ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ بالبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً ثُمَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه مِثْلُ ذلكَ ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به الطَّوَافُ بالبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً).
وقت طواف القدوم
اتَّفق الفقهاء على أنّ طواف القدوم يبدأ وقته منذ الدخول إلى مكَّة المكرمة، وينتهي وقته بالوقوف بعرفة، ويجدر بالذكر إلى أنّه يستحبُّ المبادرة به قبل القيام بأي عملٍ من الأعمال لكونه تحيَّة للبيت الحرام.
متى يسقط طواف القدوم
يسقط طواف القدوم عن أربعة أصناف وهي كما يأتي:
- المكِّي: وهو ساكن مكَّة ، ومن كان في حكمه كالذين يقطنون دون المواقيت.
- قاصد عرفة رأساً للوقوف به: فمَن قصد عرفة وذهب إليه مباشرة للوقوف به سقط عنه طواف القدوم، وذلك لِما أشير إليه مسبقاً من كون وقت طواف القدوم ينتهي بالوقوف بعرفة.
- المعتمر والمتمتع: وذلك لكون طواف القدوم يندرج ضمن طواف العمرة.
- الحائض والنفساء : وذلك في حال استمرار نزول الدم عليها إلى يوم عرفة، وقد دلّ على ذلك ما ثبت عن عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (خَرَجْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا نَذْكُرُ إلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأَنَا أبْكِي، فَقالَ: ما يُبْكِيكِ؟ قُلتُ: لَوَدِدْتُ واللَّهِ أنِّي لَمْ أحُجَّ العَامَ، قالَ: لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فإنَّ ذَلِكِ شيءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ علَى بَنَاتِ آدَمَ، فَافْعَلِي ما يَفْعَلُ الحَاجُّ، غيرَ أنْ لا تَطُوفي بالبَيْتِ حتَّى تَطْهُرِي).
كيفية طواف القدوم
يبدأ الطائف طوافه مستقبلاً الحجر الأسود جاعلاً البيت عن يساره، فيطوف سبعة أشواطٍ، يبدؤها من عند الحجر الأسود ويُنهيها عنده، وتجدر الإشارة إلى أنّ طواف القدوم لا يُسنّ فيه الاضطباع والرمَل لكونه سُنَّة، كذلك في كُلِّ طواف لا يكون بعده سعي، وطواف القدوم لا سعي لأجله فلا يُسنُّ فيه.