ما هي شروط الزواج الشرعي
غاية خلق الإنسان العبودية لله وخلافة الإ رض واستعمارها، ولتحقيق ذلك لا بد من حفظ الجنس البشري، لذلك شرع الله تعالى الزواج وجعله آيةً من أعظم الآيات ونعمةً من أكبر النِّعم على الإنسان، قال الله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).
أما الزواج فى الإسلام فقد حظي بمكانة عظي مة، قال تعالى: ( وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا)
شروط تتعلق بالعاقدين
اشترط الفقهاء في عقد الزواج عدة شروط، منها ما يتعلق بالصيغة، ومنها ما يتعلق في المهر، ومنها ما يتعلق في العاقدين، والشروط الخاصة بالعاقدين هي ما يأتي:
- أهلية العاقدين
فيجب أن يكون العاقد مميزًا، ويتوفر لديه القصد الصحيح إلى الفعل وإرادته، فلا يصح عقد الصبي دون السابعة ولا يصح عقد المجنون، وإن حصل العقد في هذه الحالة؛ فيكون عقدًا باطلًا.
- أن تكون المرأة محرّمة على الرجل من غير شبهة في التحريم
فلا يجوز الزواج بالمحارم، ولا ينعقد الزواج؛ فلا يصح الزواج من الفروع ولا الأصول، ولا الأخوات والخالات والعمّات، كذلك يحرم الزواج بالمرأة المتزوجة، والمرأة في عدتها، كما لا يجوز زواج المسلمة من غير المسلم، فيكون العقد باطلًا.
شروط تتعلق بصيغة العقد
لا شك أن عقد الزواج كباقي العقود منوطٌ بإرادة العاقدين، بمعنى متعلق ومرتبط برغبة الزوجين، والذي يعبر عن هذا الرضا والإرادة هي صيغة العقد، وهي اللفظ الذي يقع به عقد الزواج، ويدل على موافقتهما ورضاهما بالعقد، وتسمى هذه الألفاظ بالإيجاب والقبول، ويشترط في صيغة العقد ما يأتي:
- أن تكون صيغة عقد الزواج بالألفاظ الصريحة التي تدل على الزواج
كقول: زوجتك، أو أنكحتك، ملكتك، وغيرها من الألفاظ التي تدل على الزواج، ويجوز بالألفاظ التي يصاحبها عرف أو قرينة تدل بمفهومها على الزواج، وهذا في مذهب الحنفية والمالكية وقول عند الحنابلة، وقد ذهب الشافعية والحنابلة في قول آخر، إلى عدم صحة هذه الألفاظ وضرورة أن يكون اللفظ مشتقًا من لفظ التزويج، أو النكاح.
- أن تكون الصيغة دالة على الدوام والتنجيز
فلا يصح العقد بالصيغة التي تدل على التأقيت، أو الاستقبال؛ كالقول مثلًا إذا جاء الشهر القادم زوّجتك، أو زوجتك ابنتي عندما تتخرج من الجامعة، فلا يصح العقد لأنّه شرط لا يتحقق في نفس الحال، أما إن كان الشرط متحققًا صح العقد.
- أن يكون القبول والإيجاب متوافقين من كل الأوجه
فإن خالف أحد الطرفين القبول والإيجاب فإن العقد لا يصح، فإن قال الولي: زوجتك ابنتي فلانة على مهر مقداره خمسة الآف، وقال الزوج قبلت على مهر مقداره أربعة الآف، فإن العقد لا يصح؛ لمخالفة الإيجاب للقبول.
- أن لا يرجع الموجب عن لفظ الإيجاب قبل قبول الطرف الآخر.
- أن يكون مجلس الإيجاب والقبول متحدًا
فلا يصح أن يكون الإيجاب والقبول منفصلًا عن بعضه، أو كمحاولة الإنشغال عن القبول، أو تغيير موضوع القبول بقصد الإعرض عنه.
إذن ولي المرأة
يحق لولي المرأة إنشاء العقد بعد التوكيل، ويجب رضا الولي في عقد الزواج، والولي هو الذي يتولى أمر زواج المرأة، ولا يصح عقدها بدونه، وقد اتفق الجمهور من السلف، وكبار الصحابة، والفقهاء؛ إلى أن الولي شرط لعقد الزواج، فإذا قامت المرأة بتزويج نفسها فإن عقدها باطل ودليل ذلك ما يأتي:
- الآيات القرآنية التي أسندت أمر التزويج إلى ولي المرأة ومنها قول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ}، ووجهوا الآية الكريمة بأنّها تخاطب الرجال، ولو كان يصح زواج المرأة من غير الولي، لما كان الخطاب للرجال، وكذلك قول الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ}، وغيرها الكثير من الآيات التي يُخاطب بها الرجال في أمر الزواج.
- الأحاديث التي تبين صراحة ضرورة وجود الولي؛ ومنها قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لا نكاحَ إلَّا بوليًّ"، وما روته أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- إنه قال: "أيُّما امرأةٍ نَكَحَت بغيرِ إذنِ مَواليها ، فنِكاحُها باطلٌ ، ثلاثَ مرَّاتٍ فإن دخلَ بِها فالمَهْرُ لَها بما أصابَ منها ، فإن تشاجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ لَهُ"، وغيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.
وذهب الإمام أبو حنيفة إلى صحة عقد المرأة الحرة البالغة من غير وجود الولي، وأن الولي لا يشترط إلا في نكاح الصغيرة، واستدل على ذلك بقول الله تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ}، وقوله تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}، فإضافة لفظ النكاح إلى المرأة دليل على جواز العقد عليها من غير إذن الولي، وغيرها من الأدلة التي استدل بها الحنفية، ومع أنهم أجازوا ذلك إلا أنّه جعل للولي الحق في فسخ العقد في حال زواج المرأة من غير الكفء.
تعيين المهر
لا بدّ من تسمية المهر في عقد الزواج، ولا يصح إسقاطه بحال، سواءً مسمى أو مسكوتًا عنه، حتى وإن كان ذلك باتفاق الطرفين، فعندها يقع العقد فاسدًا، ودليل ذلك قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، أي إن تسمية المهر حتمًا ووجوبًا.
الشهادة على عقد النكاح
لا يصح الزواج إلا بوجود شاهدين على العقد، ويشترط في الشاهدين أن يكونا عدلين مسلمين بالغين؛ ودليل ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "لا نكاحَ إلَّا بوليٍّ وشاهدَيْ عَدلٍ، وما كان مِن نكاحٍ على غيرِ ذلك فهو باطلٌ، فإنْ تشاجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له"، و فائدة وجود الشهود في العقد خوفًا من إنكار النسب.