ما هي سورة النعم
سور القرآن الكريم
يُعرّف القرآن الكريم بأنّه كلام الله -تعالى- المنزّل على النبي محمد عليه الصلاة والسلام، بواسطة جبريل عليه السلام، المحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، والذي يُعدّ المصدر الأوّل للتشريع الإسلامي، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة، وأمّا السورة فتُعرّف على أنّها مجموعةٌ من آيات القرآن الكريم ضُمّت إلى بعضها البعض إلى أن بلغت في المقدار والطول ما شاء الله -تعالى- لها أن تبلغ.
سورة النعم
سورة النعم هي سورة النحل، ويرجع السبب في تسمية سورة النحل بهذا الاسم إلى كثرة عدد ما ذكره الله -تعالى- فيها من النعم على عباده، وفضلها، وبيّن أوجه الانتفاع بها، ومن الجدير بالذكر أنّها أكثر سورة تكرّر فيها كلمة ( نعمة ) ومشتقّاتها، حيث ذكرها الله -تعالى- بعدّة أساليب، وتعدّ سورة النحل من السور المكية، فقد نزلت في مكة ما عدا الآية مئة وستة وعشرون إلى الآية مئة وثمانية وعشرون نزلت في المدينة، وهي من السور المئين، حيث يبلغ عدد آياتها مئة وثمانية وعشرون آية، وقد نزلت بعد سورة الكهف ، وترتيبها في المصحف السادسة عشرة، وتجدر الإشارة إلى النعم التي ورد ذكرها في السورة الكريمة، وأعظمها وأهمّها نعمة الهداية إلى الله تعالى، والعلم بما يحبّه الله -عزّ وجلّ- ويرضاه، وهي أول نعمة ذُكرت في السورة حيث قال تعالى: (يُنَزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرّوحِ مِن أَمرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أَن أَنذِروا أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلّا أَنا فَاتَّقونِ).
وأشارت السورة في نهاية الربع الأول إلى حملة الرسالة إلى البشر، والتذكير بدعوة الأنبياء عليهم السلام ، حيث قال تعالى: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ)، والنبي -عليه الصلاة والسلام- هو من حمل القرآن الكريم وبلّغه، وبلّغه العلماء من بعده للناس ليتتابع العلم بالله -تعالى- وما يحبّه ويرضاه بين الناس من جيلٍ إلى جيلٍ، وتضمّنت السورة الكريمة بيان نعمة الخلق بعد ذكر نعمة الهداية، حيث خلق الله -تعالى- الإنسان وأكرمه بأدوات تحصيل العلم، لينتفع فيها في دينه ودنياه، ومن النعم التي ورد ذكرها عمارة الأرض وما يحتاجه الإنسان للعيش فيها، ومنها؛ المأكل، والمشرب، والمسكن، والملابس، والتزاوج، والتكاثر، بالإضافة إلى خيرات البر والبحر.
مقاصد سورة النعم
تطرّقت السورة الكريمة إلى العديد من موضوعات العقيدة الكبرى؛ كالألوهية، والتوحيد ، والبعث، والنشور، ودارت آياتها حول عددٍ من المقاصد، ويمكن إجمالها فيما يأتي:
- تذكير العباد بنعم الله عزّ وجلّ: تطرّقت السورة الكريمة إلى ذكر النعم التي أنعم بها الله -تعالى- على عباده؛ كنعمة البصر، والسمع، والأولاد، والزوجة، والملجأ الذي يقي من الحر والبرد، ليشكر الإنسان ربّه، ويتقرّب إليه.
- التحذير من الشيطان، وذكر بعض آداب القرآن الكريم: ومن آداب قراءة القرآن الكريم التي ذُكرت في السورة الكريمة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، مصداقاً لقوله تعالى: (فَإِذا قَرَأتَ القُرآنَ فَاستَعِذ بِاللَّـهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ).
- ذكر إبراهيم عليه السلام: حيث وصف الله -تعالى- إبراهيم -عليه السلام- في السورة الكريمة، حيث قال: (إِنَّ إِبراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّـهِ حَنيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ).
- ذكر بدع المشركين وتقوّلاتهم على القرآن: ورد في السورة الكريمة بيان بعض أحوال المشركين من وأد البنات، واتّخاذ الأنداد مع الله تعالى، كما في قوله عزّ وجلّ: (وَيَعبُدونَ مِن دونِ اللَّـهِ ما لا يَملِكُ لَهُم رِزقًا مِنَ السَّماواتِ وَالأَرضِ شَيئًا وَلا يَستَطيعونَ)، وتطرّقت السورة أيضاً إلى ذكر بعض تقوّلات المشركين على كتاب الله تعالى، فمنهم من قال أنّ غلاماً أعجميّاً هو من يعلّم النبي -عليه الصلاة والسلام- القرآن، كما في قول الله تعالى: (وَلَقَد نَعلَمُ أَنَّهُم يَقولونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذي يُلحِدونَ إِلَيهِ أَعجَمِيٌّ وَهـذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبينٌ)، ومنهم من رمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالافتراء، مصداقاً لقول الله عزّ وجلّ: (قالوا إِنَّما أَنتَ مُفتَرٍ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ).
أسباب نزول سورة النعم
ذكر أهل العلم العديد من أسباب نزول بعض الآيات لسورة النحل، وفيما يأتي بيان بعضها:
- الآية الآولى: قول الله تعالى: (أَتى أَمرُ اللَّـهِ فَلا تَستَعجِلوهُ سُبحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشرِكونَ)، فقد ذكر أهل العلم أنّ المقصود من الآية الكريمة العذاب بالسيف، وكان سبب نزولها أنّ النضر بن الحارث استعجل العذاب، حيث دعا الله -تعالى- قائلاً: "اللهم إن كان هذا الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء"، فنزلت الآية الكريمة.
- الآية الرابعة: قول الله تعالى: (خَلَقَ الإِنسانَ مِن نُطفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصيمٌ مُبينٌ)، ذكر أهل العلم أنّ الآية الكريمة نزلت في أبيّ بن خلف الجمحي، حيث جاء بعظمٍ رميمٍ إلى النبي عليه الصلاة والسلام ، وقال: "يا محمد، أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ"؟ فنزل قول الله تعالى.
تسمية سور القرآن
اختلف أهل اللغة في سبب تسمية السورة بهذا الاسم، حيث ذهب بعضهم إلى أنّها مأخوذةٌ من المنزلة والرتبة، لا سيّما أنّ سور القرآن الكريم منازل ورُتَب، والقارئ ينتقل من منزلةٍ إلى منزلةٍ، وقيل إنّها مشتقة من سور المدينة؛ لأنّ السورة تحيط بآياتها كما يحيط السور بالبنيان، أو لأنّ السورة تضمّ آياتها كما يضمّ السور لبناته، وقيل إنّ التسمية مشتقّةٌ من السؤر؛ وهو ما يبقى في الإناء من الشراب؛ لأنّ السورة قطعةٌ من القرآن وبقيّةٌ منه، وتجدر الإشارة إلى اختلاف أهل العلم في تسمية سور القرآن الكريم ، حيث يرى الكثير منهم أنّ أسماء السور توقيفيّة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الإمام الطبري رحمه الله : "لِسوَر القرآن أسماءٌ سمّاها بها رسول الله صلى الله عليه وسلم"، بينما يرى بعض العلماء أنّ أسماء بعض سور القرآن الكريم توقيفيّة، وبعضها الآخر باجتهادٍ من الصحابة رضي الله عنهم.