ما هي حقوق المرأة في الاسلام
حقوقُ المرأة في الإسلام
جاء الإسلام على أساس العدل بين الناس، ومن ذلك عدْل الدّين بين الرجال والنساء في مختلف مناحي الحياة، فكانت واجباتهم وحسابهم أمام الله -تعالى- بشكلٍ متساوي لا تمييز فيه، حيث قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
وقد أكّد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ذلك بقوله: (إنَّما هنَّ شقائقُ الرِّجالِ)، والمقصود من الحديث السابق مساواة الرجل بالمرأة في الأحكام الشرعيّة أمام الله -تعالى- إلّا في أحكامٍ محدّدةٍ بسبب بعض الفوارق في طبيعة الذكر واختلافه عن الأنثى.
حق المرأة بالحياة
ضمن الإسلام للمرأة الحياة ، وجعله حقٌ ظاهر لا يمكن إنكاره ولا يجوز إلغاؤه، وانتقد عادات الجاهلية في قتل المرأة ودفنها، وعدّ ذلك من أعظم الذنوب، ووصفهم بقوله -تعالى-: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ* يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُون).
وكان سبب الوأد هو خوفهم من العار والخطيئة، ولبيان سوء هذا الفعل قال الله -تعالى-: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)، فجاءت هذه الآية وصفاً لسوء الفعل ولتكون دليلاً واضحاً وبيِّناً على حقها بالحياة.
حق المرأة بالتعلم
لم يأتِ في الإسلام ما يمنع طلب العلم وتحصيله للنساء، بل على العكس تماماً طلبه من المسلمين وجعله فرضٌ عليهم، وحثَّ عليه دون تفريق بين المرأة أو الرجل، والدليل عليه قول الرسول -عليه السلام-: (مَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ، وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَه)، ويستفاد من هذا الحديث فضل طلب العلم وأجره الذي لا يقتصر على جنسٍ دون آخر.
حق المرأة بالعمل والكسب
أجاز الإسلام للمرأة العمل والسعي في طلب الرزق والكسب الحلال، وشرع لها حريّة الكسب الحلال سواءً أكانت تجارةً أم غير ذلك من طرق كسب الأموال، وأباح لها العمل وفق ضوابط شرعية معينة، وهذه الشروط أو الضوابط هي:
- ألا يترتب على هذا العمل محظور شرعي.
- أن لا تختلي بالرجال الأجانب عنها.
- مراعاة اللباس الشرعي الخاص بالمرأة .
الحقوق المالية للمرأة في الإسلام
أعطى الإسلام المرأة عدداً من الحقوق المالية، حرّم على أيّ أحد سواءً أكان زوجها أو والدها أن جبرها على الإنفاق في حاجةٍ معيّنة أو منعها من الإنفاق في حاجةٍ كهديّةٍ أو بيعٍ أو غير ذلك.
ومن هذه الحقوق على سبيل المثال: حقّها النفقة والمسكن، فهذه الحقوق تنتقل من الأب إلى الزوج بمجرد عقد الزواج الصحيح، فقد فقال الله -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، ومن هذه الحقوق أيضاً ما نذكره فيما يأتي:
حق النفقة
جعل الإسلام النفقة على المرأة واجباً على وليّها، وتكون النفقة واجبة على الزوج بمجرد انعقاد عقد الزواج الصحيح، حتَّى وإن لم تنتقل إلى بيت الزوج؛ فالنفقة حقٌ لها وواجب في ذمة الزوج، وفي حال كانت تعيش عند والدها وغير متزوجة، فتجب لها النفقة في ذمّته، وذلك بدليل قول الله -تعالى-: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، فالمولود له في هذه الآية هو الأب.
حق المهر
جعل الإسلام للمرأة الحق في طلب المهر مِمَّن يريد الزواج بها، لتفادي وقوع ظُلمٍ محتمل عليها من هذا الزوج الذي أعطاه الله حق الطلاق، فأعطاها الحق بأخذ مبلغ من المال يسجّل في العقد كحق للمرأة في ذمة الزوج، وليمنعه من استرداده وظلمها، ودليل هذا الحق قول الله -تعالى-: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً).
حق الميراث
جعل الإسلام للمرأة حق الميراث ممَّن تستطيع أن ترث منهم، بناءً على درجة القرابة وترتيبها بين باقي القرابات؛ سواء كانت ابنة أو زوجة أو حفيدة وغير ذلك، أما الدليل على أنَّ للمرأة الحق في الميراث فهو قول الله -تعالى-: (لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)، فقد بيّنت هذه الآية أنَّ للمرأة حقّ الميراث كما هو حقٌ للرجل.
الحقوق الاجتماعية للمرأة في الإسلام
كفل الإسلام للمرأة حقوقها وعرّفها إيّاها، منها:
- ضَمِن الإسلام للمرأة إشباع غريزتها بالزواج إذا طلبت ذلك، وعدم منعها من ذلك إذا كانت قادرةً على أداء واجباتها كما هو مطلوب منها.
- شرع الإسلام للزّوجة أن تفسخ عقد زواجها من زوجها إذا لم يستطع أداء حقوقها أو تسبّب في أضرارٍ لها وأرادت الانفصال عنه.
- جعل الإسلام للأرامل والعجائز من النساء حقّاً في بيت مال المُسلمين، فيُنفق عليهنّ منه ولا يُتركن يتكفّفن الناس وينتظرن الصدقات.
- ضَمِن الإسلام للمرأة حقّها في اختيار الزوج الذي ترتضيه لها
ولا يجوز لأحدٍ إجبارها على الزواج من رجلٍ لا ترغب بالارتباط به، وفي حال أجبر الوليّ الفتاة البِكْر أو الثيّب أن تتزوج من رجلٍ لا تريده، فلها أن تفسخ العقد ويتحمّل الوليّ تكاليف الفسخ.
- صان الإسلام كرامة المرأة وهيبتها في نفوس من حولها
فحرّم عليها الابتذال والسّماح للأجنبي أن يستمتع بجسدها، وقد شرّع لذلك المُباعدة بين الرجال والنساء في كلّ شيء وحتى في أداء العِبادات، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (خيرُ صفوفِ الرجالِ أولُها، وشرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النساءِ آخرُها، وشرُّها أولُها)، وذلك توجيهاً من الإسلام للمباعدة بين صفوف الرجال والنساء خلال الصلاة.
- راعى الإسلام ظروف المرأة الخاصّة
حيث إنّه خفّف عنها بعض التكاليف كالنّفقة، وأسقط عنها بعضها كالجهاد، وأسقط عنها بعض الفرائض بشكلٍ مؤقتٍ فترة الحيض والنفاس، كالصّلاة والصيام.
- حق المساواة
وهو حق أصلي ثابت، فجميع النفوس البشرية عند الله تستوي بالأصل الواحد، والذي لا يكون فيه تفريق بين الذكر أو الأنثى، ووجودهم في هذه الحياة إنما هو تنوع ضروري تقتضيه الطبيعة البشرية لكي تتمكن من الاستمرار في العيش في هذه الحياة، قال الله -عز وجل-: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءَ).
- حق المشاركة السياسية
جعل الإسلام المسؤولية في كل أنواعها سواء الاجتماعية أو السياسية مسؤوليةً مشتركة بين الجنسين الذكر والأنثى، قال الله -تعالى-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).
صور تكريم الإسلام للمرأة
تجلّى تكريم الإسلام للمرأة وتقدير حالها وظروفها في العديد من الأمور؛ منها:
- جعل الإسلام للمرأة مهراً، حيث إنّها تأخذه كاملاً بمجرّد الخلوة بها، وحرّم الأخذ منه إلّا بطيب نفسٍ منها، وجعل للمرأة الحقّ بأن ترث زوجها بمجرّد العقد عليها فقط.
- جعل الإسلام للمرأة نصيباً من الميراث؛ حيث إنّها قد ترث من أبيها أو من أخيها أو من زوجها أو من ولدها، بالرّغم من أنّها لا تنفق على أحدٍ منهم.
- جعل الإسلام تغسيل المرأة وتكفينها على زوجها أو على النساء؛ مراعاةً لحُرمتِها وعفّتها.
- حرّم الإسلام نكاح المرأة دون وليٍّ و شهود حتى لا تُتّهم في عِرضها.
- جعل الإسلام حدّ من قذف امرأة بغير دليلٍ الجلد ثمانين جلدة، وذلك لردع أيّ اتّهامٍ دون بيّنة.
- جعل الإسلام مَن يُقتل في سبيل الدفاع عن عِرضه شهيداً؛ تكريماً للمرأة ورفعاً لمكانتها.
- أسقط الإسلام فريضة الحجّ عن المرأة إذا لم يكن معها مُحرم يُعينها على قضاء حاجاتها.
- أسقط الإسلام عن المرأة صلاة الجُمع والجماعات؛ تخفيفاً عنها بسبب كثرة أعبائها في بيتها ومع أطفالها.