ما هي النجوم
تعريف النجوم
النجم جسم كرويّ ضخم يستمد لمعانه من تفاعلات الاندماج النوويّ التي تحدث في لبّه، والتي ينتج عنها عناصر أثقل من الهيدروجين، وتُعدّ الشمس النجم الذي يُزوّد كوكب الأرض بالضوء والإشعاع، ويوفّر له ظروفاً تجعله مكاناً مناسباً لنشوء أشكال الحياة المختلفة، وتحظى النجوم باهتمام ودراسة من قِبل علماء الفلك للتعرّف على الخصائص المميزة لكلّ منها، حيث تقود معرفة إحدى الخصائص إلى تحديد خصائص أخرى، فمن خلال مراقبة طيف النجم، ولمعانه، وحركته في الفضاء يتمكّن العلماء من تحديد كتلته، وعمره، والتركيب الكيميائي له، ومن خلال معرفة كتلة النجم يُمكن تحديد تاريخ نشأته، وتطورّه، ومصيره النهائي، ومن خلال معرفة التاريخ التطوّري للنجم يُمكن التوصّل إلى معرفة قطر دورانه، وآلية دورانه، ودرجة حرارته.
يحتوي الكون المرئي على عشرات المليارات من تريليونات النجوم، لكنّ العين المجرّدة تتمكّن من رؤية عدد قليل جداً منها، وتوجد العديد من النجوم في الكون على شكل أزواج، أو أنظمة متعددة، أو عناقيد نجميّة ترتبط ببعضها البعض فيزيائياً من خلال أصلها المشترك وانجذاب كلّ منها للآخر، كما يوجد مجموعات من النجوم تُعرف بالاتحادات النجميّة (بالإنجليزيّة: Stellar association) تتكوّن من نجوم متشابهة فيزيائياً، إلّا أنّ كتلتها تكون أقل ممّا يسمح بانجذابها لبعضها البعض بدرجة كافية لتكوين عناقيد نجميّة.
دورة حياة النجوم
يمرّ النجم خلال حياته بعدّة مراحل وهي كالآتي:
- مرحلة تكوّن السديم (بالإنجليزية: Star-Forming Nebula): يبدأ النجم حياته كسديم (بالإنجليزيّة: Nebula)، أيّ سحابة من الغبار والغاز معظمها من الهيدروجين، تجمّعت مكوناتها بفعل الجاذبيّة.
- مرحلة النجم الأولي (بالإنجليزية: Protostar): تبدأ مرحلة النجم الأولي (بالإنجليزيّة: Protostar) عندما تنهار السحابة بفعل الجاذبيّة، وتتصادم مكوناتها فترتفع درجة حرارتها، وعندما تصل درجة حرارة الغازات وكثافتها إلى درجة مناسبة يبدأ الاندماج النووي لذرّات الهيدروجين لتكوين الهيليوم، وينتج عن التفاعل حرارة وضوء ؛ لذلك يكون النجم الأولي مضيئاً.
- مرحلة النسق الأساسي (بالإنجليزية: main sequence stars): في هذه المرحلة تتوازن القوة الخارجيّة الناجمة عن الاندماج النووي مع قوة الجاذبية الداخليّة فيصل النجم إلى حالة استقرار أو توازن هيدروستاتيكي، وتُشكّل هذه المرحلة أطول مراحل حياة النجم.
- مرحلة العملاق الأحمر (بالإنجليزية: Red giant): عندما يبدأ وقود الهيدروجين بالنفاذ من لبّ النجم تستمر الطبقات الخارجيّة للنجم بالاندفاع نحو الداخل؛ ممّا يرفع درجة حرارة اللبّ بما يكفي لبدء سلسلة جديدة من تفاعلات الاندماج النووي، فتتغلّب القوة الخارجيّة على قوة الجاذبيّة الداخليّة، وبالتالي يتوسّع النجم ويزداد حجمه ويُصبح عملاقاً أحمر.
- مرحلة موت النجوم: يعتمد طول عمر النجم وكيفيّة موته على حجمه عند بداية تكوّنه، حيث يُمكن للنجم الصغير أن يعيش مليارات السنين، ومن الأمثلة على ذلك الشمس التي تستمر التفاعلات النوويّة فيها مدّة عشرة مليارات عام، بينما تموت النجوم كبيرة الحجم بسرعة، حيث يعيش بعضها 40,000 عام فقط؛ وذلك لأنّها تحتاج لحدوث التفاعلات النووية بمعدل هائل للمحافظة على توازنها الهيدروستاتيكي، ممّا يعني نفاذ وقودها الهيدروجيني بسرعة، ويُمكن وصف طريقة موت النجوم المختلفة من حيث الكتلة كالآتي:
- النجوم متوسطة الحجم: بعد نفاذ وقود الهيدروجين تماماً في النجوم متوسطة الحجم التي تصل كتلتها إلى أكثر من كتلة الشمس بمرّة ونصف، تبدأ حرارة العملاق الأحمر بالانخفاض، ويُطلق ضوءاً أبيضاً لذلك يُعرف باسم القزم الأبيض (بالإنجليزيّة: White dwarf)، وبعد أن يبرد النجم تماماً يتحوّل إلى قزم أسود (بالإنجليزيّة: Black dwarf).
- النجوم الضخمة: تتحوّل النجوم الضخمة التي تزيد كتلتها عن كتلة الشمس من 1.5-3 مرّات من مرحلة العملاق الأحمر إلى مرحلة المستعر الأعظم (بالإنجليزيّة: Supernova)، حيث تتعرّض جميع العناصر الثقيلة لانفجار، فيتحوّل النجم إلى نجم نيوتروني (بالإنجليزيّة: Neutron star) وهو نجم تبلغ كتلته 1.4 كتلة الشمس، ويتصف النجم النيوتروني بالإضافة إلى سرعة دورانه بأنّه واحداً من أكثر أنواع النجوم كثافةً، ويُطلق على النجم النيوتروني الذي يُطلق موجات الراديو اسم نجم نابض (بالإنجليزيّة: Pulsar).
- النجوم العملاقة: تتحوّل النجوم العملاقة التي تزيد كتلتها عن ثلاثة أضعاف الشمس من عملاق أحمر إلى مستعر أعظم يتحوّل بدوره إلى ثقب أسود (بالإنجليزيّة: Black hole)، وهو جسم ذو جاذبيّة عالية جداً بحيث لا يُمكن للضوء أن يفلت منه، ولا يُمكن الكشف عن وجود الثقوب السّوداء إلّا من خلال الإشعاعات المنبعثة من الأجسام التي تمتصها.
تصنيفات النجوم
تُصنّف النجوم اعتماداً على خصائصها الطيفيّة إلى سبع درجات يُعبّر عنها باستخدام الأحرف (O, B, A, F, G, K, M)، ويضم كلّ نوع طيفيّ عشر فئات فرعيّة تحمل الأرقام من 0-9، ويُستخدم هذا التصنيف للدلالة على درجة حرارة النجم؛ فالنجم (O) هو الأسخن وتُشير الحروف التي تليه إلى التدرّج في البرودة حيث يكون النجم (M) هو الأبرد، أمّا الأرقام التي تدل على الفئات الفرعيّة فتتدرّج من 0 وهو الأكثر سخونةً إلى 9 وهو الأكثر برودةً، وتُحدّد درجة حرارة النجم لونه ومقدار سطوعه، ويوضّح الجدول الآتي تصنيف أطياف النجوم:
أطياف النجوم | حرارة السطح | الخصائص المميزة |
---|---|---|
O | أكثرمن 25,000 كلفن | تحتوي على هيدروجين، وهيليوم متعادل، وهيليوم متأيّن. |
B | من 10,000-25,000 كلفن | تحتوي على هيدروجين وهيليوم متأيّن، ولا يوجد هيليوم متعادل. |
A | من 7,500-10,000 كلفن | تحتوي على هيدروجين، وهيليوم متأيّن، وأيونات كالسيوم، ولا يوجد هيليوم متعادل. |
F | من 6,000-7,500 كلفن | تحتوي على هيدروجين ومعادن مثل أيونات الكالسيوم، والحديد وغيرها. |
G | من 5,000-6,000 كلفن | يحتوي على هيدروجين، ومعادن، وبعض الجزيئات. |
K | من 3,500-5,000 كلفن | يحتوي على معادن، وبعض الجزيئات. |
M | أقل من 3500 كلفن | يحتوي على معادن وبعض الجزيئات مثل أكسيد التيتانيوم. |
تُصنّف النجوم أيضاََ اعتماداً على فئة اللمعان، حيث يعتمد لمعان نجم معيّن على العديد من العوامل مثل الخصائص الطيفيّة للنجم، وبُعد النجم، ودرجة الإخماد الفلكي (بالإنجليزيّة: The amount of extinction) أيّ تشتت إشعاع النجم الناتج عن وجود بعض المواد في الوسط المحيط به، ويصف لمعان نجم معيّن حجم النجم أيّ تسارع الجاذبيّة في الكرة الضوئية (بالإنجليزيّة: photosphere)، وفيما يتعلّق بالنجوم كبيرة الحجم التي تنتمي لنوع طيفيّ معيّن تنخفض الجاذبية السطحيّة لها ممّا يُقلّل من عرض خطوط امتصاص الأشعة، وطبقاً لهذا النظام تُصنّف النجوم كالآتي:
فئة اللمعان | وصف النجم | ملاحظات |
---|---|---|
0 | عملاق فائق | فائق الضياء |
Ia | عملاق عظيم | كبير الحجم ومضيء |
Ib | عملاق عظيم | درجة الإضاءة أقل من Ia |
II | عملاق ساطع | |
III | عملاق | |
IV | شبه عملاق | |
V | قزم | نجم في مرحلة النسق الأساسي |
sd | شبه قزم | |
D | قزم أبيض |
تركيب النجوم
تُوصف النّجوم بأنّها كرات كبيرة ملتهبة مكوّنة من الهيدروجين والهيليوم، ونظراََ لسخونة النجوم تخضع كمية الهيدروجين الهائلة التي توجد فيها لتفاعل نوويّ ثابت، ومع ذلك تحتاج الشمس إلى مليارات السنين حتّى تستنفذ الهيدروجين الموجود فيها، كما تؤدّي التفاعلات النوويّة إلى إطلاق طاقة هائلة على شكل إشعاعات كهرومغناطيسيّة يُمكن رصدها باستخدام التلسكوبات الراديويّة التابعة لشبكة مراقبة الفضاء العميق (DSN)، وتتميّز النجوم بما في ذلك الشمس بأنّها تبعث رياحاً شمسيّة، وتحدث فيها انفجارات متقطعة تُعرف باسم الانفجارات الشمسيّة أو التوهّج الشمسيّ (بالإنجليزيّة: Solar flares).
يتكوّن لبّ الشمس من بلازما درجة حرارتها 15 مليون درجة مئويّة تتكوّن من الإلكترونات والبروتونات المنطلقة من ذرات الهيدروجين، وتُشكّل البلازما 90% من الشمس، وفي كلّ ثانية تصطدم آلاف البروتونات في لبّ الشمس مع بعضها البعض ضمن تفاعل نووي لإنتاج أنوية الهيليوم، وينتج عن هذه التفاعلات النوويّة طاقة أو حرارة تنتقل للمناطق المحيطة باللبّ عن طريق الإشعاع، ثمّ تنتقل إلى المناطق القريبة من السطح الخارجي للشمس عن طريق الحمل الحراري، فترتفع الغازات السّاخنة ثمّ تبرد وتعود للأسفل مرّةً ثانية، وتتسبّب حركة كتل الغازات بحدوث ما يُعرف بالزلازل الشمسيّة (بالإنجليزيّة: Sun-quakes) التي يستدل بها العلماء لتحديد البنية الداخليّة للشمس والعمليات التي تحدث في مواقع مختلفة تحت سطحها.
تُشير دراسة أجرتها عالمة الفلك سيسيليا باين في تسعينيات القرن الماضي إلى أنّ الغلاف الجوي للنجوم يتكوّن من مزيج من العناصر مختلف عن تلك التي يتكوّن منها الغلاف الجوي للأرض، وأنّ معظم الغلاف الجوي لمعظم النجوم مكوّن من الهيدروجين، وقد رفض العلماء في ذلك الوقت نتائج دراسة باين إلى أن أكّدت دراسة أخرى صحة ما توصّلت إليه، فقد تم التوّصل فيما بعد إلى أنّ النجوم تتكوّن من 90% من الهيدروجين، و10% من الهيليوم، والقليل جداً من العناصر الثقيلة.
دوران النجوم
تتصف النجوم ومن بينها الشمس بأنّها ليست ثابتةً في مكانها إنّما تدور، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ النجوم تكوّنت من سحابة من الغاز والغبار تدور مغزلياً، وبما أنّ الزخم الزاوي (بالإنجليزيّة: Angular momentum) كمية محفوظة، تدور النجوم مغزلياً أيضاً ولكنّها تدور بسرعة أكبر من سرعة دوران السحابة التي كوّنتها؛ وذلك لأنّ عزم القصور الذاتي (بالإنجليزيّة: moment of inertia) لها أقل، ممّا يعني أنّ معدل دورانها يكون أسرع.
تدور الشمس كلّ 25 يوماً تقريباً عند خط الاستواء، وكلّ 36 يوماً تقريباً بالقرب من القطبين، وتختلف مدّتا الدوران السابقتان بسبب تركيب الشمس المائع على عكس تركيب الأرض الصلب، كما أنّ الشمس تدور بنفس اتجاه دوران الكواكب حولها، وهو أيضاً اتجاه دوران السّحابة الأصليّة التي تكوّنت منها الشمس، وتميل بعض النجوم في مجرّة درب التبانة للدوران باتجاه دوران المجرّة ذاته، ومع ذلك فإنّ النّجوم تدور باتجاهات عشوائيّة إلى حدٍّ ما عند النظر إليها كلٍّ على حدة.