ما هي الحور العين
الجنة
إنّ الجنة دار الكرامة، ففيها نعيمٌ لا بُؤس بعده، وشبابٌ دائمٌ لا هرم بعده، وفيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ووعد الله -تعالى- أولياءه في الجنة بأصناف الملذّات، وأعظم ما فيها من النعيم هو رؤية أهل الجنة لوجه الله تعالى، وحلول رضوان الله -تعالى- على أهلها، فلا يسخط عليهم أبداً، بالإضافة إلى خلود أهلها فيها أبداً، فلا يخافون موتاً أو فناءً، ومن جملة النعيم في الجنة جمال النساء فيها اللاتي لو اطّلعت إحداهنّ على الأرض لأضاءت ما بين الجنة والأرض، ولملأت ما بينهما برِيحها، ولخمارها على رأسها خير من الدنيا وما فيها، هذا جمال الحور العين، وأمّا نساء الدنيا فينعم الله عليهنّ من الجمال ما يفوق جمال الحور العين.
الحور العين
يُمكن القول أنّ الحور جمع حوراء، والحوراء هي التي يكون بياض عينها شديدة البياض، وسواده شديد السواد، والعين جمع عيناء؛ وهي صاحبة العين الواسعة، وقد أعد الله -تعالى- الحور العين للمؤمنين في الجنة، حيث قال الله تعالى: (كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ)، وأخبر الله -تعالى- عن صفات الحور، فقال: (وَحُورٌ عِينٌ*كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، وقد فسّر العلماء المكنون بالمخفيّ؛ أي لم يفسده عبث الأيدي ولا أشعة الشمس، وقال أيضاً: (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ*فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ*كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ)، والياقوت والمرجان حجران كريمان، من أجمل الحجارة الكريمة وأحسنها، وأمّا قول الله تعالى: قاصرات الطرف؛ أي قصرن أبصارهنّ على أزواجهنّ، ولم تطمح أنظارهنّ لغير أزواجهنّ، ومن صفاتهنّ أنّهنّ كواعب، والكاعب هي المرأة الجميلة التي برز ثدياها، وأنّهنّ أتراب، والأتراب النساء المتقاربات في العمر، وأنّهنّ أبكاراً؛ أي لم يجامعهن أحد من قبل، وأنّهنّ عُرُب؛ أي متحببات ومتغنجات لأزواجهن، كما قال الله تعالى: ( إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا*حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا*وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا)، وقال: (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً*فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا*عُرُبًا أَتْرَابًا)، وقال: ( لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ )، كما أنّ الله -تعالى- خلقهنّ مطهّرات ممّا يُصيب النساء في الدنيا من الحيض ، والبول، والغائط، والنفاس ، حيث قال الله تعالى: (وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ۖ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )، ورزقهنّ أصواتاً جميلةً عذبةً؛ ليغنين لأزواجهن، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّ الحُورَ العِينَ لتُغَنِّيَنَّ في الجنةِ، يَقُلْنَ: نحن الحُورُ الحِسانُ خُبِّئْنا لأزواجٍ كِرامٍ)، وممّا يدلّ على عِظَم جمالهنّ وحسنهنّ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث قال: (أولُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجنةَ صورتهم على صورةِ القمرِ ليلةَ البدرِ، لا يبصقونَ فيها ولا يمتخطونَ ولا يتغوَّطونَ، آنيتهم فيها الذهبُ، أمشاطهم من الذهبِ والفضةِ، ومجامرهم الأُلُوَّةُ، ورشحهمُ المسكُ، ولكلِّ واحدٍ منهم زوجتانِ، يُرَى مُخُّ سوقهما من وراءِ اللحمِ من الحُسْنِ)، وأمّا عدد زوجات المؤمن من الحور العين في الجنّة فأقلّ ما يكون زوجتين، وقد وعد الله -تعالى- الشهيد بأن يزوجه اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ومن الجدير بالذكر أنّ الحور العين تغار على زوجها إذا تعرّض لأذى أو مكروه من قبل زوجته في الدنيا، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لاَ تؤذي امرأةٌ زوجَها في الدُّنيا، إلاَّ قالت زوجتُهُ منَ الحورِ العينِ لاَ تؤذيهِ قاتلَكِ اللَّهُ فإنَّما هوَ عندَكِ دخيلٌ يوشِكُ أن يفارقَكِ إلينا).
النساء في الجنة
الجنّة ليست حصراً على الرجال دون النساء، بل إنّ نعيم الجنّة من الطعام، والمناظر الجميلة، والمساكن، والملابس، يشمل كلا الجنسين الذكور والإناث، ولكنّ من الأمور التي رغّب الله -تعالى- بها الرجال، وشوّقهم بها إلى الجنة الحور العين، والنساء الجميلات، بينما لم يرغّب النساء بذلك، وقبل ذكر الحكمة من هذا الشيء يجب العلم بأنّ الأمر لله تعالى، حيث قال: (لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ وَهُم يُسأَلونَ)، والسبب في عدم ترغيب النساء في ذلك يرجع إلى أنّ الحياء من طبيعة الأنثى فكيف يرغّبها الله -تعالى- ويشوّقها إلى شيءٍ تستحي منه، كما أنّ شوق المرأة للرجل ليس كشوق الرجل للنساء، فالمرأة تشتاق للزينة من اللباس والحليّ أكثر ممّا تشتاق للرجل، وذلك ما جُبلت عليه، بالإضافة إلى أنّ الرجل هو الراغب والطالب للمرأة، ولذلك ذكرت الزوجات للأزواج في الجنة، وعلى الرغم من السكوت عن الأزواج للنساء في الجنة، إلّا أنّه لهنّ أزواج من بني آدم ، وأمّا من يكون زوجها بالجنة ففي ذلك حالات مختلفة:
- إذا ماتت المرأة المؤمنة وهي متزوجة، وكان زوجها من أهل الجنّة، فيكون هو زوجها في الجنّة كما كان في الدنيا.
- إذا مات عنها زوجها الصالح قبلها، ولم تتزوّج بعده حتى ماتت، فتكون زوجة له في الجنة.
- إذا ماتت المرأة المؤمنة، ولم تتزوج في الدنيا، يزوجها الله -تعالى- في الجنّة من رجلٍ من أهل الدنيا، حيث إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ما في الجَنَّةِ أَعزَبُ)، كما وضحّ ابن عثيمين -رحمه الله- أنّ النعيم في الجنة لا يقتصر على الذكور دون الإناث؛ بل يشمل كلا الجنسين، والزواج من جملة النعيم، فلذلك يزوّج الله -تعالى- من ماتت قبل أن تتزوج بما يقرّ به عينها في الجنّة.
- إذا ماتت المرأة وهي مطلّقة ، فأن الله -تعالى- يزوّجها في الجنة برجلٍ من أهل الدنيا .
- إذا ماتت المرأة فكانت من أهل الجنّة، وكان زوجها من أهل النار، فإنّ الله -تعالى- يزوجها في الجنّة برجلٍ من أهل الدنيا.
- إذا مات زوج المرأة، وتزوّجت بعده فتكون بالجنة زوجةً لآخر زوجٍ تزوجته في الدنيا، حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (المرأةُ لآخِرِ أزْواجِها).