ما هو مرض النقرس و كيف يتم علاجه
النقرس
يعتبر النقرس (بالإنجليزيّة: Gout) أو داء الملوك أحد أنواع التهابات المفاصل الشائعة، والتي تنتشر لدى الذكور أكثر من الإناث، بينما تزداد احتمالية الإصابة بمرض النقرس لدى الإناث بعد انقطاع الطمث. وفي الحقيقة يظهر مرض النقرس نتيجة ارتفاع مستوى حمض اليوريك (بالإنجليزيّة: Uric acid) في الدم عن الحد الطبيعي، ليبدأ بعدها بالترسب على شكل بلورات في المفاصل، والكلى، وأنسجة الجسم الرخوة، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب المفاصل، وتلف الكلى، وحدوث تكتّلات تحت الجلد. وفي الغالب تبدأ أعراض أولى نوبات النقرس بشكلٍ مفاجئ، كما أنّها قد تحدث في منتصف الليل على شكل ألم شديد جداً في أحد مفاصل الجسم مثل؛ الكاحل، أو الركبة، أو المرفق، أو المعصم، أو الأصابع، وفي الحقيقة يعتبر المفصل الكبير لإبهام القدم هو أكثر مفاصل الجسم تأثراً بمرض النقرس ، كما تظهر أعراض الانتفاخ، والألم عند اللمس، والاحمرار، والسخونة في المفصل المصاب بالنقرس، بالإضافة إلى احتمالية المعاناة من الحمّى في حال تأثر أكثر من مفصل في نوبة النقرس.
أسباب النقرس
يعود السبب المباشر وراء الإصابة بمرض النقرس إلى ارتفاع مستوى حمض اليوريك، الذي ينتج عن تحليل وتحطيم مركب البيورين (بالإنجليزيّة: Purine) في الجسم، وفي الحقيقة يوجد مركب البيورين بشكلٍ طبيعي في جسم الإنسان، بالإضافة إلى وجوده في بعض أنواع الأطعمة مثل؛ اللحوم، والأسماك، وتجدر الإشارة إلى أنّ حمض اليوريك في الوضع الطبيعي يكون ذائباً في الدم، ويخرج من الجسم عن طريق الكلية مع البول، ولكن في حال حدوث خلل في تصريفه عبر الكلية، أو إنتاج كمية كبيرة منه، يتراكم حمض اليوريك على شكل بلورات إبرية حادة، في المفاصل والأنسجة المحيطة بها، مسبّباً بذلك حدوث الألم والالتهاب. ومن الجدير بالذكر أنّ هناك حالة طبية تتشابه في أعراضها مع النقرس، ولكنّها تختلف عنه في الأسباب والعلاج؛ حيث يكون سبب تهيّج المفصل هو بلورات فوسفات الكالسيوم، وتُدعى هذه الحالة بالنقرس الكاذب (بالإنجليزيّة: Pseudogout).
عوامل الإصابة بالنقرس
هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من احتمالية الإصابة بمرض النقرس، ومن أهمها ما يأتي:
- الوراثة: إنّ وجود تاريخ عائلي للإصابة بمرض النقرس، يزيد من احتمالية الإصابة به.
- الجنس والعمر: تُنتج أجسام الذكور كميات أكبر من حمض اليوريك، إذ يرتفع مستوى حمض اليوريك في مرحلة البلوغ، لذلك يتم تشخيص مرض النقرس لديهم خلال العقد الرابع وحتى العقد السادس من العمر في الغالب، بينما يرتفع مستوى حمض اليوريك لدى النساء عند انقطاع الطمث؛ حيث يساعد هرمون الإستروجين على الوقاية من الإصابة بمرض النقرس، ولذلك يتم تشخيص المرض لديهنّ خلال العقد السادس وحتى العقد الثامن من العمر غالباً.
- نمط الحياة: إنّ تناول الأطعمة الغنيّة بالبروتينات الحيوانية، خاصةً اللحوم والأسماك، وشرب الحكول بكميات متوسطة إلى كبيرة، وتناول كميات كبيرة من سكر الفركتوز (بالإنجليزيّة: Fructose) الموجود في المشروبات الغازية وعصير الفواكه، جميعها تزيد من مستوى حمض اليوريك في الدم.
- الوزن: إذ تزيد السمنة من احتمالية الإصابة بمرض النقرس، وذلك بسبب الكمية الكبيرة لحمض اليوريك الناتجة عن ازدياد عمليات تجديد أنسجة الجسم.
- الأدوية: إنّ تناول بعض الأنواع من الأدوية تزيد من مستوى حمض اليوريك في الجسم مثل؛ مدرّات البول، والأسبرين (بالإنجليزيّة: Aspirin)، والسيكلوسبورين (بالإنجليزيّة: Ciclosporin).
- التعرّض للرصاص: إذ يرتبط التعرّض المزمن للرصاص في بعض الحالات بالإصابة بمرض النقرس.
- العمليات والإصابات: إذ تزداد احتمالية الإصابة بمرض النقرس بوجود إصابات حديثة، أو إجراء العمليات الجراحية خلال الفترة السابقة.
- مشاكل صحية: هناك بعض المشاكل الصحية التي تزيد من إنتاج حمض اليوريك مثل؛ مرض التكاثر النقوي (بالإنجليزيّة: Myeloproliferative disorders)، وفقر الدم الانحلالي (بالإنجليزيّة: Haemolytic anaemia)، وفقر الدم الخبيث (بالإنجليزيّة: Pernicious anaemia)، بالإضافة إلى أنّ الإصابة بأمراض الكلية مثل؛ القصور الكلوي (بالإنجليزيّة: Renal insufficiency) يمكن أن تقلّل من قدرة الجسم على إزالة الفضلات، وبالتالي تراكم حمض اليوريك في الدم، كما ترتبط الإصابة بمرض النقرس ببعض الأمراض مثل؛ ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وقصور الغدّة الدرقية.
مراحل النقرس
يمر النقرس خلال تطوّره بعدة مراحل، وهي كالآتي:
- فرط حمض يوريك الدم: إذ يرتفع مستوى حمض اليوريك في الدم خلال هذه المرحلة، ولكن دون ظهور أيّة أعراض لمرض النقرس ، على الرغم من ترسب بلورات اليورات في الأنسجة.
- نوبات النقرس الحادّة: إذ تسبب هذه االهجمات الألم والالتهاب بشكلٍ مفاجئ وحادّ خلال هذه المرحلة، وغالباً ما تختفي هذه الأعراض بشكلٍ طبيعي خلال 3-10 أيام.
- ما بين نوبات النقرس: إذ تمثل هذه المرحلة فترة استراحة من أعراض نوبات النقرس الحادّة، بينما يستمر ترسب بلورات اليورات في الأنسجة، وقد تطول هذه الفترة لأشهر أو لسنوات.
- النقرس المزمن: (بالإنجليزيّة: Chronic gout) يتطوّر المرض إلى هذه المرحلة في حال لم يتم علاج النقرس لفترة طويلة تُقارب العشر سنوات، وفي الواقع تعتبر هذه المرحلة أكثر المراحل تعباً وإرهاقاً؛ حيث يحدث خلالها تلف دائم في المفاصل والكلى، كما يعاني المريض خلال هذه المرحلة من تكتلات كبيرة من بلورات اليورات في بعض المفاصل مثل مفاصل الأصابع، وتُعرف هذه التكتلات باسم التوفة (بالإنجليزيّة: Tophi).
علاج النقرس
العلاجات الدوائية
يمكن تقسيم أدوية علاج مرض النقرس إلى مجموعتين، وفيما يأتي بيان ذلك:
- أدوية لعلاج النوبات الحادة: إذ يحتاج المريض هذه الأدوية للتخفيف من ألم النوبات الحادة، ولكن في الحقيقة لا تمنع هذه الأدوية من حدوث مضاعفات للمرض مثل؛ تلف المفصل، أو تكوّن التوفة، أو أمراض الكلية، ومن هذه الأدوية:
- مضادات الالتهاب اللاستيرويدية: (بالإنجليزيّة: Nonsteroidal anti-inflammatory drugs) في الغالب يتناول المريض جُرعات عالية منها في حال المعاناة من نوبة النقرس، بينما يتم تقليل الجرعة فيما بعد لمنع حدوث النوبات المستقبلية، ومن الأمثلة على هذه الأدوية؛ آيبوبروفين (بالإنجليزيّة: Ibuprofen)، ونابروكسين (بالإنجليزيّة: Naproxen)، وإندوميثاسين (بالإنجليزيّة: Indomethacin)، وسيليكوكسيب (بالإنجليزيّة: Celecoxib)، مع ضرورة الانتباه إلى تجنّب استخدام دواء الأسبرين، وذلك لأنّه يجعل النوبة أكثر سوءاً.
- الكورتيكوستيرويد: (بالإنجليزيّة: Corticosteroids) يمكن لهذه المجموعة أن تساعد على السيطرة على الالتهاب والألم الموجود في المفصل، ومن الأمثلة عليها بريدنيزون (بالإنجليزيّة: Prednisone)، ومن الجدير بالذكر أنّ هناك عدّة أشكال صيدلانية من أدوية الكورتيكوستيرويد ؛ حيث تُستخدم الأقراص الفموية في حال إصابة أكثر من مفصل بالمرض، بينما تُستخدم الحُقن مباشرة في الفراغ الواقع بين عظمتي المفصل في حال إصابة مفصل واحد فقط، ومن الآثار الجانبية لهذه الأدوية أنّها تسبب ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى السكر في الدم.
- الكولشيسين: (بالإنجليزيّة: Colchicine) يعتبر الكولشيسين من الأدوية الفعّالة في التقليل من ألم النقرس، ولكن في الحقيقة يُسبّب هذا الدواء بعض الأعراض الجانبية المزعجة مثل؛ الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، وخاصةً إذا تم تناوله بجرعات كبيرة.
- أدوية لخفض مستوى حمض اليوريك: تهدف هذه المجموعة من الأدوية إلى التقليل من مستويات اليورات في الدم إلى أقل من 0.36 مليمول/ لتر، وبالتالي منع حدوث النوبات الحادة من التهاب المفصل النقرسي، بالإضافة إلى منع ترسيب بلورات اليورات في الأنسجة، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا يتم البدء في تناول هذه الأدوية إلا بعد بضعة أسابيع من انتهاء نوبة النقرس، وفي الحقيقة يمكن تقسيم هذه المجموعة الدوائية إلى مجموعتين فرعيّتين، وهما كالآتي:
- أدوية تمنع إنتاج حمض اليوريك: ومن الأمثلة عليها؛ الألوبورينول (بالإنجليزيّة: Allopurinol)، وفيبوكسوستات (بالإنجليزيّة: Febuxostat).
- أدوية تحسّن من تصريف حمض اليوريك: ومن الأمثلة عليها؛ بروبينسيد (بالإنجليزيّة: Probenecid)، وليسينوراد (بالإنجليزيّة: Lesinurad).
العلاجات المنزلية
فيما يأتي أهم الإجراءات المنزلية لعلاج بمرض النقرس:
- الحدّ من شرب الكحول، والمشروبات المحتوية على سكر الفواكه، واستبدالها بالماء أو المشروبات غير الكحولية الأخرى.
- الحدّ من تناول المأكولات الغنية بالبيورينات، وأهمها اللحوم والأسماك.
- العمل على خسارة الوزن الزائد، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- تناول الكرز، والمكملات المحتوية على فيتامين سي، كما أنّ شرب القهوة قد يساعد على تقليل مستوى حمض اليوريك.
فيديو عن مرض النقرس
يتحدث مقيم جراحة العظام والمفاصل الدكتور أسامة العودات عن علاج مرض النقرس، وطرق الوقاية من الإصابة به.